حلب تحترق ..ونحن نشعل السجائر ونمضي

[فارس الملتقى]

..ونحن , السجائر , تحترق , حلب , نشعل , ونمضي

حلب تحترق ..ونحن نشعل السجائر ونمضي

حلب تحترق؟! يا سلام..وماذا بعد؟ سوريا كلها احترقت ولم يبقى منها إلا الرماد. لماذا كل هذا البكاء والنحيب على حلب الآن؟ منذ 2012 وهذه المدينة تتعرض لأبشع وأعنف أنواع القصف حتى قتل منها الآلاف وفر الآلاف إلى المجهول ،وخلال هذه السنوات الأربع ،تصدرنا نحن مواقع التواصل الاجتماعي بـ”هاشتجاتنا” و”فسفساتنا” ،فكلما بكى الأطفال والأرامل والمغبونين هناك ،غردنا نحن بحرارة ونددنا بشدة وعقدنا اجتماعات طارئة بعد كل أسبوع من وقوع الجريمة ،وبعد كل ذكرى سنوية من وقوع الكارثة.
لم يبق شيء نبكي عليه..اللهم إلا أن نحتفي بتصدر وسوماتنا وهاشتاجاتنا “#حلب_تحترق” و”لك الله يا سوريا” و”ادعى لسوريا”..لتصبح الأكثر تداولا في العالم ،العالم الذي لا يأبه بنا ،ولا يشعر بنا ،ولا أعتقد أنه يؤمن بأننا موجودون أصلا. هناك حرب وقودها الأطفال والنساء ،ساحات عمومية تحولت إلى برك من الدماء ،خراب وتدمير شامل للبنايات وكل البنى التحتية والفوقية الأخرى..وهنا إصرار لا نظير له أن تويتر وفيسبوك و الجامعة العربية – بجلالة قدرها- هي الحل.
فهل استطاعت الجامعة العربية أن تُنسي الذاكرة الحلبية مجازر الأسد الأب في ثمانينيات القرن الماضي ،حتى تتفاجأ اليوم بمجازر الأسد الابن ،والفرق بين الحقبتين مجرد اختلاف في تسمية الهدف ،حملة الأسد الكبير كانت وقتها القضاء على “الإخوان”، وحملة الأسد الصغير اليوم تحمل شعار القضاء على “الإرهاب”.
آخر مسلسلات الدراما السورية
فلماذا حلب بالذات.. ولماذا الآن؟ هل هي المعركة الأخيرة في حرب السيطرة على سوريا وطرد أهلها منها؟ أم أنها مجرد مشهد سينمائي آخر ضمن مسلسلات الدراما السورية؟
بالنسبة للعديد من المحللين المتابعين للشأن السوري ،التصعيد العسكري الأخير لنظام الأسد وحلفائه ضد المعارضة في حلب، لم يكن مفاجئا ،إذ سبقه استعدادات عسكرية ضخمة وعمليات في الريف لقطع طرق إمداد المعارضة. وعلى مدى أشهر كان رموز المعارضة يحذرون من عمليات وشيكة على مدينة حلب التي تمثل أهمية بالغة لكلا طرفي الصراع ،اللذان يعتقدان أن من يسيطر على حلب يتحكم في مستقبل سوريا، ولذلك حشد النظام السوري آلاف المقاتلين من الجيش ومرتزقة إيران وأفغانستان والعراق وحزب الله وبعض الانظمة العربية التي ساعدت بسلاحها وجيشها استعدادا لهذه المعركة التي يبدو أنها ستكون مصيرية لأن من يسيطر عليها سيفوز في المعركة المصيرية لسوريا ،بحكم الموقع الذي تحتله حلب سياسيا وعسكريا واستراتيجيا:
– فتركيا تولي اهتماما بالغا بحلب ،نظرا لقربها الجغرافي من حدودها ،ولذلك دعمت المعارضة على مدى سنوات لإبعاد شبح وصول قوات الأسد أو داعش إليها.
– وروسيا تسعى لرد الدين لتركيا التي أسقطت طائرة لها على الحدود قبل أشهر وتسببت في توتر العلاقات ،كما تريد لحليفها الأسد أن يبدو بمظهر القادر على استعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ،ولا يوجد أفضل من حلب حالياً لتحقيق هذه الدعاية التي ستكون أكبر نصر عسكري له منذ 5 أعوام لو تحقق.
– ولأهميتها تستخدم حلب كورقة للضغط في أي مفاوضات ،ويأتي التصعيد العسكري الأخير مع وصول مفاوضات جنيف إلى طريق مسدود ،بعد رفض النظام الحديث عن مستقبل الأسد.
معركة مستقبل الدولة
ولأن المجتمع الدولي غائب والمجتمع العربي عاجز ،يستفيد النظام السوري من هذه الحالة الدولية تجاه القضية السورية ،ولا يقيم وزنا للضحايا المدنيين لأنهم مجرد أرقام بالنسبة إليه. لذلك فقد اعتبر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن استراتيجية نظام الأسد في حلب تركز على إقامة حزام مزدوج حول المدينة لعزل الأحياء الشرقية التي يسيطر عليها الثوار العرب والأكراد ،والتي ترتبط بمعقل المعارضة في محافظة إدلب، وبخط الإمداد الغربي من تركيا.
الهجوم الكبير على مدينة حلب يوصف إذن بأنه معركة على مستقبل الدولة. حيث تكمن أهمية احتلال حلب في أنها ثاني أكبر مدينة في سوريا ،تُعد عاصمة الدولة الاقتصادية في مقابل المدن الاخرى مثل درعا وإدلب وحتى حمص ،على الرغم أنه كان بها حوالي 2.5 مليون ساكن ونحو مليون مواطن آخر في بلدات المحافظة أكثرهم سنيون.
هذا الكلام أيضا ليس جديدا ،خاصة عندما يتعلق الامر باكتشاف أهمية مدينة هي الأقدم في التاريخ ،فالنظام السوري يعد لمعركة حلب منذ أربع سنوات وليس من اليوم ،لكن لا أحد تضامن مع حلب مثلما تضامنوا مع غزة على الأقل ،ولا أحد حذر من مشروع المناطق المجمدة الذي يتبناه المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا في سوريا، وعلاقته بحرب حلب الكبرى أو استسلامها.
لكننا حتما سنكون في أتم الاستعداد للمعركة المقبلة..في تويتر طبعا

---

pgf jpjvr >>,kpk kaug hgs[hzv ,klqd

[شريف حمدان]