أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > الملتقيات الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح

الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة التراويح من مسجد شيخ الإسلام | ليبيا 16 رمضان 1445 هـ (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح من مسجد شيخ الإسلام | ليبيا (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ رعد الكردي | صلاة التراويح ليلة 9 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ رعد الكردي | صلاة التراويح ليلة 8 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: تلاوة من صلاة التراويح للدكتور المقرئ عبد الرحيم النابلسي بمسجد الكتبية الليلة 10 رمضان 1445هـ (آخر رد :شريف حمدان)       :: تلاوة ماتعة من صلاة التراويح للقارئ أحمد الخالدي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء والتراويح من مسجد الأندلس بالرباط للقارئ أحمد الخالدي سورة مريم (آخر رد :شريف حمدان)       :: الشفع والوتر ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طويلب علم مبتدئ مشاركات 0 المشاهدات 647  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 24 / 01 / 2017, 24 : 05 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح

فأمَّا فُقَهَاءُ الوَاقِعِ اليَوْمَ فَقَدْ تَقَاسَمُوا أمْرَهُم نَحْوَ مَآسِي المُسْلِمِيْنَ وجِرَاحَاتِهم إلى فَرِيْقَيْنِ: أهَلِ رِوَايَةٍ، وأهْلِ دِرَايَةٍ، كَما يَلي:
 الفَرِيْقُ الأوَّلُ: أهْلُ الرِّوَايَةِ، وهُم الَّذِيْنَ يَنْقُلُوْنَ الأخْبَارَ الَّتِي تَتَكَلَّمُ عَنْ قَضَايَا الأمَّةِ الإسْلامِيَّةِ مَا بَيْنَ حُرُوْبٍ، ومَآسٍ، ومَذَابِحَ، وكَوَارِثَ... إلخ.
فَنَحْنُ وإنْ كُنَّا نُوَافِقَهُم على هَذَا المَبْدَأ الإسْلامِي والطَّرْحِ الإعْلامِي، إلَّا أنَّنَا نَسْتَنْكِرُ عَلَيْهِم أشْيَاءَ لَعَلَّهَا خَفِيَتْ عَلَيْهِم في مَعَاطِفِ الأجْوَاءِ الأخْبَارِيَّةِ الَّتِي تَدَثَّرُوا بِهَا؛ فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَلي:
الأوَّلُ: الإغْرَاقُ في نَقْلِ الأخْبَارِ الَّتِي طَغَتْ على الهَدَفِ المَنْشُوْدِ، وهُوَ الحَلُّ الشَّرعِيُّ تُجَاهَ هَذِهِ القَضَايَا الإسْلامِيَّةِ، فَنَقْلُ الأخْبَارِ مَا هِي إلَّا وَسِيْلَةٌ مَحْمُوْدَةٌ إلى غَايَةٍ مَنْشُوْدَةٍ: وهِي البَحْثُ عَنِ الحَلِّ الشَّرعِيِّ، فَحِيْنَئِذٍ كَانَ الإغْرَاقُ في نَقْلِ الأخْبَارِ تَفْرِيْغًا لجُهُوْدِ المُسْلِمِيْنَ مِنْ قُدَرَاتِهِمُ الَّتِي كَانَ عَلَيْنا أنْ نُوَظِّفَهَا في حَلِّ قَضَايَاهُم.
الثَّاني: إظْهَارُ الإسْلامِ بِأنَّهُ ضَعِيْفٌ، وأهْلُهُ مَغْلُوْبٌ على أمْرِهِم؛ هَذَا يَوْمَ أشْعَرُوا المُسْلِمِيْنَ: كَأنَّهم لم يُخْلَقُوا إلَّا هَكَذَا مُشَرَّدِيْنَ مُطَارَدِيْنَ، وكَأنَّ الذُّلَّ والصَّغَارَ لم يُكْتَبْ على أمَّةٍ سِوَاهُم، وفي المُقَابِلِ أظْهَرُوا القُوَّةَ والسِّيَادَةَ والتَّمْكِيْنَ لِكُلِّ كَافِرٍ لَعِيْنٍ مِنَ النَّصَارَى الضَّالِيْنَ، واليَهُوْدِ الغَاصِبِيْنَ بطَرِيْقٍ أو آخَرَ.
عِلْمًا أنَّ التَّوَسُّعَ في نَقْلِ الأخْبَارِ يَصْلُحُ لأفْرَادِ الأمَّةِ وآحَادِهَا مِنَ العُلَماءِ العَامِلِيْنَ وصُنَّاعِ القَرَارِ مِنَ القَادَةِ والمُجَاهِدِيْنَ، أمَّا أنْ تُعْرَضَ الصُّوَرُ، وتُفصَّلَ الأخْبَارُ لكَافَّةِ المُسْلِمِيْنَ لاسِيَّما مَعَ انْتِشَارِ الجَهْلِ، وكَذَا اليَأسِ عِنْدَ بَعْضِهِم؛ فَلا، بَلْ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْنا أنْ نُرَاعِيَ الحِكْمَةَ في مُخَاطَبَةِ عُمُوْمِ المُسْلِمِيْنَ بِما يَفْقَهُوْنَ، كَما قَالَ عَليُّ بنُ أبي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: »حَدِّثُوا النَّاسَ بِما يَعْرِفُوْنَ، أتُرِيْدُوْنَ أنْ يُكَذَّبَ الله ورَسُوْلُهُ؟!« أخْرَجَهُ البُخَارِي.
الثَّالِثُ: أنَّ الإغْرَاقَ في نَقْلِ الأخْبَارِ، والتَّوَسُّعَ فِيْهَا؛ لهُوَ جَدِيْرٌ في تَثْقِيْفِ المُسْلِمِ تَثْقِيْفًا خَبَرِيًّا مُجَرَّدًا؛ بمَعْنَى أنَّهُم سَيُخْرِجُوْنَ لَنَا جِيْلاً بَعِيْدًا عَنِ الهَدَفِ الشَّرعِيِّ المُنَاطِ بِهِم: وهُوَ الحَلُّ الشَّرعِيُّ المَنْشُوْدُ.
يُوَضِّحُهُ؛ أنَّكَ لا تَجِدُ أكْثَرَ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ هَذِهِ الأيَّامَ إلَّا وهُوَ مِنْ عُشَّاقِ الأخْبَارِ، وسَماسِرَةِ الأحْدَاثِ؛ فَلا يَنَامُ إلَّا على الإذَاعَاتِ العَالَمِيَّةِ، أو القَنَوَاتِ الفَضَائِيَّةِ، ولا يَسْتَيْقِظُ إلَّا على الصُّحُفِ الأخْبَارِيَّةِ، فَهَكَذَا غُذِّيَ بالأخْبَارِ، وفُطِمَ عَلَيْهَا!
إنَّ هَذَا الصَّنِيْعَ (وأعُوْذُ بالله مِنْهُ) إذَا اسْتَمْرَأهُ المُسْلِمُ وأدْمَنَ عَلَيْهِ فسَوْفَ يَكُوْنُ عِبْئًا على أمَّتِه، كَما أنَّ فِيْهِ تَغْلِيْفًا لأفْكَارِهِ الإسْلامِيَّةِ، وتَبْلِيْدًا لمَشَاعِرِهِ الإيْمانِيَّةِ، وتَجْمِيْدًا لقُدُرَاتِهِ الجِهَادِيَّةِ!
الرَّابِعُ: تَنَازُلُ بَعْضِ الأخْبَارِيِّيْنَ عَنِ الشَّخْصِيَّةِ الإسْلامِيَّةِ، وذَلِكَ عِنْدَمَا تَرَاهُ يَتَشَبَّهُ ببَعْضِ عَادَاتِ ولِبَاسِ أهْلِ الكُفْرِ؛ كَما أنَّهُم لم يَسْلَمُوا أيْضًا مِنْ تَقْلِيْدِ ومُحَاكَاتِ أعْدَاءِ المُسْلِمِيْنَ في مُصْطَلَحَاتِهِمُ المَسْمُوْمَةِ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُوْنَ!
الخَامِسُ: الوُقُوْعُ في مَحْذُوْرِ التَّصْوِيْرِ الَّذِي هُوَ ذَرِيْعَةُ الشِّرْكِ، في حِيْنِ أنَّ الشَّرِيْعَةَ الإسْلامِيَّةَ قَدْ حَرَّمَتْهُ صَرَاحَةً، ولم تَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا، إلَّا مَا كَانَ في دَائِرَةِ الضَّرُوْرَةِ، والضَّرُوْرَةُ تُقَدَّرُ بقَدَرِهَا، عِلمًا أنَّ إخْوَانَنَا هَدَاهُمُ الله لم يُقَدِّرُوا هَذِهِ الضَّرُوْرَةَ؛ بَلْ تَوَسَّعُوا في تَصْوِيْرِ الصَغِيْرِ والكَبِيْرِ، والحَقِيْرِ والقِطْمِيْرِ... فَكَأنَّ الأخْبَارَ لا تَحْلُو لهُم إلَّا وَقَدْ أحَاطَتْ بِها الصُّوَرُ مِنَ فَوْقِ رَأسِهَا ومِنْ تَحْتِ أرْجُلِهَا!
وهُنَاكَ بَعْضُ الآثَارِ السَّيِّئَةِ الكَثِيْرَةِِ مِنْ عَرْضِ الأخْبَارِ بِهَذِهِ الطَّرِيْقَةِ المُغْرِقَةِ الَّتِي تَنْتُجُ عِنْدَ عَرْضِ الصُّوَرِ، والمَشَاهِدِ المُؤلمَةِ والمُفْزِعَةِ على النَّفْسِ دُوْنَ تَفْرِيْغِهَا في نِصَابِها، أو الاسْتِفَادَةِ مِنْهَا، فَهَذِهِ الآثَارُ السَّيِّئَةُ وغَيْرِهَا قَدْ أعْرَضْنَا عَنْهَا صَفْحًا.
* * *
 الفَرِيْقُ الثَّاني: أهْلُ الدِّرَايَةِ، وهُمُ الَّذِيْنَ لا يَكْتَفُوْنَ بنَقْلِ أخْبَارِ المُسْلِمِيْنَ؛ بَلْ يَتَعَامَلُوْنَ مَعَهَا مُعَامَلَةً تُغَايِرُ أهْلَ الرِّوَايَةِ، فَكَأنَّهم (واللهُ أعْلَمُ) يُقَابِلُوْنَ الطَّرَفَ الأوَّلَ مُقَابَلَةَ رَدِّ الفِعْلِ، فَعِنْدَئِذٍ قَابَلُوا الخَطَأ بخَطأٍ!
فالطَّرَفُ الأوَّلُ عِنْدَهُم أصْحَابُ مَوَادٍّ أوَّلِيَّةٍ، وهُم (الفَرِيْقُ الثَّاني) أصْحَابُ المَصَانِعِ الفِكْرِيَّةِ والتَّحْلِيْلاتِ السِّيَاسِيَّةِ، فَكَانَتِ القِسْمَةُ بَيْنَهُم هَكُذَا: أهْلَ أخْبَارٍ مُجَرَّدَةٍ، وأهْلَ تَحْلِيْلاتٍ مُجَوَّدَةٍ.
فَأهْلُ التَّحْلِيْلِ غَالِبًا: يَنْظُرُوْنَ إلى القَضَايَا الإسْلامِيَّةِ بعَيْنٍ بَصِيْرَةٍ، وزَاوِيَةٍ حَادَّةٍ؛ ورُبَّما تَكَهَّنُوا المُسْتَقْبَلَ، فَكَانَ شُغْلُهُمُ الشَّاغِلُ، وعَمَلُهُمُ الدَّؤوْبُ: هُوَ تَحْلِيْلُ الأخْبَارِ وتَجْرِيْدُهَا مِنَ اللَّمْسَةِ الظَّاهِرَةِ، والإغْرَاقُ في بَوَاطِنِ مُجْرَيَاتِها وتَفْصِيْلاتِها، ومِنْ ثَمَّ إعْطَاءُ الصُّوْرَةِ القَرِيْبَةِ مِنَ الوَاقِعِ، وبَيَانُ أبْعَادِهَا السِّيَاسِيَّةِ، ومَخَاطِرِهَا البَعِيْدَةِ... إلخ.
وهَكَذَا نَجِدُهُم يَخُوْضُوْنَ مَعَارِكَ التَّحْلِيْلِ، وغِمَارَ التَّفْصِيْلِ لمُجْرَيَاتِ الأحْدَاثِ، وتَقَلُّبَاتِ الأخْبَارِ؛ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمُ اسْمُ: »المُفَكِّرُوْنَ الإسْلامِيُّوْنَ«.
ومِنْ نَافِلَةِ التَّحْقِيْقِ: أنَّ لَقَبَ «المُفَكِّرِ الإسْلامِيِّ» لَيْسَ مِنْ جَادَّةِ أهْلِ العِلْمِ، ولا مِنَ التَّحْقِيْقِ بشَيءٍ؛ فَالأفْكَارُ غَالِبًا هِيَ إلى الخَوَاطِر والنَّظَرَاتِ أقْرَبُ مِنْهَا إلى العُلُوْمِ الإسْلامِيَّةِ، والجَمِيْعُ إلى التَّخْمِيْنَاتِ والظُّنُوْنِ أقْرَبُ مِنْهَا إلى اليَقِيْنِيَّاتِ والقَطْعِيَّاتِ، فَكَانَ الأوْلى تَرْكَهُ؛ لاسِيَّما إذَا عَلِمْنَا أنَّ أكْثَرَ المُفَكِّرِيْنَ الإسْلامِيِّيْنَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمُ التَّحْلِيْلاتُ الأخْبَارِيَّةُ، والتَّقْدِيْسَاتُ العَقْلِيَّةُ، إلَّا مَا رَحِمَ الله!
عِلْمًا أنَّنا لا نَتَّهِمُ نَوَايَا هَؤلاءِ المُفَكِّرِيْنَ؛ بقَدْرِ مَا نُعَاتِبُهُم على الإغْرَاقِ في تَحْلِيْلِ الأخْبَارِ، ومُتَابَعَتِهَا حَذْوَ القُّذَّةِ بالقُّذةِ على حِسَابِ مَا هُوَ أهَمُّ، وذَلِكَ في البَحْثِ عَنِ الحَلِّ الإسْلامِي لا أكْثَرَ.
حَتَّى إذَا وَقَعَتِ الوَقَائِعُ، وتَفَجَّرَتِ الأحْدَاثُ، واخْتَلَطَتِ الأصْوَاتُ في قَضِيَّةِ إسْلامِيَّةٍ؛ كَانُوا المَفْزَعَ والمَلاذَ عِنْدَ كَثِيْرٍ مِنْ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ، فَإذَا عَصَفَتْ عَوَاطِفُ المُسْلِمِ، وثَارَتْ مَشَاعِرُهُ قَامَ حَثِيْثًا لِيُسَكِّنَ عَوَاطِفَهُ، ويُطْفِئَ حَمَاسَهُ بإبَرٍ مُخدِّرَةٍ لَيْسَ لهَا مِنَ الفَائِدَةِ إلَّا أنَّها تُسَكِّنُ الألمَ حَالَ هَيَجَانِهِ، ثُمَّ يَعُوْدُ بَعْدَها مَرِيْضًا مُدْمِنًا لَيْسَ لَهُ عِلاجٌ إلَّا إبْرَةُ المُفَكِّرِيْنَ، وتَحْلِيْلاتُهُم السِّيَاسِيَّةُ!
فَأهْلُ التَّحْلِيْلِ (للأسَفِ!) يَوْمَ تَوَسَّعُوا في تَحْلِيْلِ الأخْبَارِ على حِسَابِ الحَلِّ الشَّرْعِيِّ، والطَّرِيْقِ المَأمُوْلِ؛ انْقَلَبَتْ تَحْلِيْلاتُهُم إلى تَخْدِيْرَاتٍ لمَشَاعِرَ وآلامِ المُسْلِمِيْنَ, في حِيْنِ أنَّهُم لم يَسْلَمُوا أيْضًا مِنَ التَّأثُّرِ ومُحَاكَاتِ مُصْطَلَحَاتِ أعْدَاءِ المُسْلِمِيْنَ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُوْنَ، فَنَضْرِبُ لهَذَا مِثَالاً وَاحِدًا للتَّوضِيْحِ والتَّدْلِيْلِ، وهُوَ قَضِيَّةُ فِلِسْطِيْنَ.
* * *
أقُوْلُ: إنَّ قَضِيَّةَ فِلِسْطِيْنَ للأسَفِ قَدْ ذَهَبَتْ طُفُوْلتُهَا، وزَهْرَةُ شَبَابِها بَيْنَ أهْلِ الاسْتِنْكَارِ والأخْبَارِ، فَكَانَتْ بَيْنَ إفْرَاطٍ وتَفْرِيْطٍ، يَوْمَ نَشَأ فِيْنَا الصَّغِيْرُ، وهَرِمَ مِنَّا الكَبِيْرُ على صَوْتِ الاسْتِنْكَارِيِّيْنَ، وحَدِيْثِ الأخْبَارِيِّيْنَ، وكُلُّ هَذَا يَوْمَ غُيِّبتْ قَضِيَّةُ فِلِسْطِيْنَ عَنِ الحَقِيْقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، والطُّرُقِ النَّبَوِيَّةِ في الجُمْلَةِ.
فَكَانَتْ قَضِيَّةُ فِلِسْطِيْنَ رَهِيْنَةَ هَذِه التَّوَسُّعَاتِ الأخْبَارِيَّةِ، والاجْتِهَادَاتِ الاسْتِنْكَارِيَّةِ الَّتِي عَلَتْ وطَغَتْ على حِسَابِ الحَلِّ الشَّرْعِيِّ المَنْشُوْدِ، مَعَ مَا تَرَكْتْهُ أيْضًا مِنْ آثَارٍ سَيِّئةٍ مَا كَانَ لهَا أنْ تَعْمَلَ في جَسَدِ الأمَّةِ الإسْلامِيَّةِ هَذَا الأثَرَ إلَّا يَوْمَ أنْ غَلَبَنَا فُقَهَاءُ الوَاقِعِ، واجْتِهَادَاتُ بَعْضِ المَنْسُوْبِيْنَ إلى قَبِيْلِ العِلْمِ الَّذِيْنَ قَتَلَتْهُمُ الانْهِزَامِيَّةِ، واكْتَنَفَهُمُ الهَوَانُ؛ حَتَّى قَدَّسُوا وقَدَّمُوا الوَاقِعَ المَشْحُوْنَ بالتَّغَيُّراتِ والتَّجَدُّدَاتِ على حِسَابِ الشَّرْعِ الرَّبَّانيِّ!
* * *
فاحْتِلالُ اليَهُوْدِ لَبِيْتِ المَقْدِسِ في أرْضِ فِلِسْطِيْنَ كَافٍ في حَدِّ ذَاتِهِ لتَحْرِيْكِ المُسْلِمِيْنَ نَحْوَ البَحْثِ عَنِ اتَّخَاذِ المَوْقِفِ الشَّرْعِيِّ الصَّحِيْحِ تُجَاهَ القَضِيَّةِ.
وهُنَاكَ الكَثِيرُ والكَثِيْرُ مِنَ الأخْطَاءِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَرَكَتْهَا التَّحْلِيْلاتُ الخَبَرِيَّةُ، والإفْرَازَاتُ الفِكْرِيَّةُ في نُفُوْسِ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ؛ حَتَّى أمْسَى الوَاحِدُ مِنْهُم (للأسَفِ!) عِنْدَ سَمَاعِهِ بفَاجِعَةٍ ضِدَّ المُسْلِمِيْنَ سُرْعَانَ مَا يَنْقَلِبُ إلى مَكْتَبِهِ، ويُضِيءُ مِصْبَاحَهُ، ويَنْثُرَ أوْرَاقَهُ؛ ثُمَّ يُفِكِّرُ ويُقَدِّرُ، ويُقْبِلُ ويُدْبِرُ بَاحِثًا عَنْ أبْعَادِ القَضِيَّةِ ومُلابَسَاتِها، وتَحْلِيْلِ الظُّرُوْفِ الَّتِي تَكْتَنِفُهَا؛ جَاهِدًا نَفْسَهُ وفِكْرَهُ كَي يُبَصِّرَ الأمَّةَ الإسْلامِيَّةَ سَوَاءَ السَّبِيْلِ، ويَضَعَ يَدَهَا على خَفَايَا الأمُوْرِ تَجْلِيَةً لسَبَبِ القَضِيَّةِ، وإزَاحَةً للرُّكَامِ القَاتِمِ مِنْ أمَامِ أعْيُنِ المُسْلِمِيْنَ!
كَما نَجِدُ في المُقَابِلِ جُمُوْعًا كَبِيْرَةً مِنْ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ عِنْدَ نُزُوْلِ أمْثَالِ هَذِهِ المَصَائِبِ والمَذَابِحِ بالمُسْلِمِيْنَ يَقِفُوْنَ بِكُلِّ وَلَعٍ وهَلَعٍ يَنْتَظِرُوْنَ صُدُوْرَ تِلْكُمُ المَجَلَّاتِ الإسْلامِيَّةِ على شَوْقٍ وهُيَامٍ عَسَاهُم يَقْرَؤُوْنَ شَيْئًا مِنَ هَذِه التَّحْلِيْلاتِ الفِكْرِيَّةِ لتَدْفَعَ عَنْهُم بَعْضَ الضَّيْمِ والحُزْنِ، وتُطْفِئَ الحَماسَ المُتَوَقِّدَ؛ فَعِنْدَهَا تَطْمَئِنُ القُلُوْبُ، وتَسْتَرخِي بَعْدَهَا الأعْصَابُ، وتَنَامُ عَلَيْهَا العُيُوْنُ، ثُمَّ بَعْدَهَا كَأنَّ شَيْئًا لم يَكُنْ!
نَعْم هَذِهِ حَقَائِقُ يَنْبَغِي أنْ نَقِفَ مَعَهَا طَوِيْلاً، فَكَانَ الأوْلى مِنْ هَذِهِ التَّحْلِيْلاتِ الخَبَرِيَّةِ: الاسْتِفَادَةُ مِنْ قُدْرَةِ وحَمَاسِ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ، وتَوْظِيْفُ مَا عِنْدَهُم مِنِ اسْتِطَاعَةٍ في نُصْرَةِ القَضَايَا الإسْلامِيَّةِ عَمَلِيًّا!
* * *
أمَّا إنْ سَألْتَ أخِي المُسْلِمُ عَنِ المَخْرَجِ مِنَ هَذِهِ الأخْبَارِ والاسْتِخْبَارَاتِ؛ فَهُوَ الأخْذُ بنَاصِيَةِ المَنْهَجِ النَّبَوِيِّ في سِيْرَتَهِ ﷺ يَوْمَ كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ مِثْلِ هَذِه القَضَايَا النَّازِلَةِ، فَلَنَا في سِيْرَتَهِ ﷺ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ كَما قَالَ تَعَالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا  (الأحزاب:21)، فَعِنْدَ أوَّلِ قِرَاءةٍ للسِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ يَجِدُ المُسْلِمُ حَقَائِقَ وحُلُوْلًا جَلِيَّةً وَاضِحَةً لا تَحْتَاجُ مِنَّا إلَّا الصِّدْقَ مَعَ الله تَعَالى.
فَحَسْبُنا أنْ نَأخُذَ مِنْ حُلُوْلِهِ ﷺ في مِثْلِ هَذِه المَوَاقِفِ شِعَارًا نَجْعَلُهُ دَائِمًا رَايِةً فَوْقَ رُؤوْسِنَا، وصَيْحَةً على مَنَابِرِنَا؛ وهِيَ قُوْلُهُ ﷺ: «مَنْ يُبَايِعُ على المُوتِ؟!».
ومُنَاسَبَةُ هَذِه الكَلِمَةِ العَصْماءِ الَّتِي قَدْ نَسِيَهَا أو تَنَاسَاهَا كَثِيرٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ أنَّه ﷺ قَالَ، حَيْنَ بَلَغَهُ أنَّ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَدْ قُتِلَ: «لا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ القَوْمَ»، فَدَعَا رَسُوْلُ الله ﷺ النَّاسَ إلى البَيْعَةِ، فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَكَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: بَايَعَهُم رَسُوْلُ الله ﷺ على المَوْتِ.
ولم يَجْتَهِدِ النَّبِيُّ ﷺ في التَّحْلِيْلِ والتَّنْظِيْرِ، ولم يَسْألْ مَنْ قَتَلَ عُثْمانَ، وهَلْ قُتِلَ بالسَّيْفِ أم بالرُّمْحِ، ومَا الأسْبَابُ الَّتِي دَفَعَتِ المُشْرِكِيْنَ إلى قَتْلِهِ، أو غَيْرِ ذَلِكَ؟!
وكَذَا غَزْوَةُ بَنِي قُرَيْظَةَ، لما نَقَضُوا العَهْدَ، حَيْثُ أمَرَ الله تَعَالى نَبِيَّهُ بقِتَالهِم بَعْدَ عَوْدَتِهِ مِنَ الخَنْدَقِ، ووَضْعِهِ السِّلاحَ، أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
وامْتِثَالًا لأمْرِ الله أمَرَ الرَّسُوْلُ ﷺ أصْحَابَهُ أنْ يَتَوَجَّهُوا إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، وتَوْكِيْدًا لطَلَبِ السُّرْعَةِ أوْصَاهُم قَائِلاً: »لا يُصَلِيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلاَّ في بنِي قُرَيْظَةَ« البُخَارِيُّ، وعِنْدَمَا أدْرَكَهُمُ الوَقْتُ في الطَّرِيْقِ قَالَ بَعْضُهُم: لا نُصَلِّي حَتَّى نَأتي قُرَيْظَةَ، وقَالَ الآخَرُ: بَلْ نُصَلِّي؛ لم يَرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ للنَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُم، وهَذَا اجْتِهَادٌ مِنْهُم في مُرَادِ الرَّسُوْلِ ﷺ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وانْظُرْ »سِيْرَةَ ابنِ هِشَامٍ« (3/326).
ومِنْ خِلالِ مَا ذَكْرَناَهُ نَسْتَيْقِنُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ رَجُلَ مَوَاقِفَ وأفْعَالٍ أكْثَرَ مِنْهُ صَاحِبَ تَحْلِيْلاتٍ وكَلامٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ!
* * *
ونَحْنُ أيْضًا لا نَقُوْلُ بطَرْحِ التَّحْلِيْلاتِ رَأسًا، بَلْ نَعْتَبِرُ مِنْهَا مَا اعْتَبرَهُ الشَّرْعُ لاسِيَّما إذَا رَبَطْنَا الأحْدَاثَ بالأسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإذَا نَظَرْنَا مَثَلًا إلى غَزْوَةِ أحُدٍ وحَلَّلْنَاهَا تَحْلِيْلاً فِكْرِيًّا مُجرَّدًا عَنِ الشَّرْعِ لقُلْنَا: إنَّ ذَكَاءَ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ والْتِفَافَهُ حَوْلَ مُؤَخِّرَةِ مُعَسْكَرِ المُسْلِمِيْنَ، وذَلِكَ حِيْنَ نُزُوْلِ الرُّمَاةِ مِنْ مَكَانِهِم؛ كَانَ سَبَبًا كَبِيْرًا في انْهِزَامِ المُسْلِمِيْنَ... إلخ!
إلَّا أنَّ الله تَعَالى هُنَا لم يَذْكُرْ هَذَا السَّبَبَ التَّحْلِيْليَّ المُجَرَّدَ، وإنَّما قَالَ تَعَالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران165) فَأرْجَعَ الله تَعَالى الأمْرَ إلى السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ: وهُوَ أنَّ المُسْلِمِيْنَ أنْفُسَهُم كَانُوا السَّبَبَ في الانْهِزَامِ لا الكُفَّارَ؛ وذَلِكَ يَوْمَ عَصَوْا أمْرَ النَّبِيِّ ﷺ بنُزُوْلِهم عَنْ مَوَاقِعِهِم!
وكَذَلِكَ في حُنَيْنٍ: نَسْتَطِيْعُ أنْ نَقُوْلَ: إنَّ الكَمِيْنَ الَّذِي وَقَّتَهُ الكُفَّارُ ضِدَّ المُسْلِمِيْنَ كَانَ سَبَبًا قَوِيًّا في انْكِشَافِ المُسْلِمِيْنَ عَنْ مَوَاقِعِهِم... إلخ!
إلَّا أنَّ الله تَعَالى هُنَا لم يَذْكُرْ هَذِه التَّحْلِيْلاتِ المُجَرَّدَةَ؛ بَلْ أرْجَعَ السَّبَبَ إلى المُسْلِمِيْنَ أنْفُسِهِم: وهُوَ الإعْجَابُ بالكَثْرَةِ لا غَيْرَ، حَيْثُ قَالَ تَعَالى:لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (التوبة25).
وهُنَاكَ الكَثِيْرُ والكَثِيْرُ مِنْ مَوَاقِفِهِ ﷺ في مُعَالَجَةِ كثيرٍ مِنَ القَضَايَا النَّازِلَةِ، ولَنَا في سِيْرَتِهِ ﷺ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لمَنْ يَرْجُو اللهَ واليَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ الله كَثِيْرًا، واللهُ المُوَفِّقُ.


الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد الغامدي
ظاهرة الفكر التربوي
ص 81

trihx hguwv lu hgtri hg,hru> hgadoL ]> `dhf fk su] hgyhl]d










عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مع, الشيخ/, الغامدى, العصر, الفقه, الواقع., ذياب, بن, د., سعد, فقهاء

جديد الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018