الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | ابو الوليد البتار | مشاركات | 6 | المشاهدات | 2698 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
07 / 10 / 2009, 32 : 08 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
مقدمة الأعمال بالنيات الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد... ففي هذه الزاوية نعرض بإذن الله تعالى لأحاديث العقيدة, مبتدئين بما يبتدئ به أهل التصنيف من العلم -كالبخاري - رحمه الله- بحديث إنما الأعمال بالنيات. وسنعرض في كل حلقة من الحلقات حديثاً أو أكثر مقتفين منهج التحليل للحديث بدراسة متنه، وذلك بعرضه على شكل وقفات، كل وقفة نتحدث عن مسألة من مسائله، أو بيان معنى، ونحو ذلك، مع الحرص على ألاّ يُستشهد إلا بالحديث المقبول، وهذا لا يعني عدم ذكر الضعيف الذي استشهد به أهل العلم، بل يذكر ويبين ضعفه. ومن المنهجية في هذه الزاوية أن تُذكر إيرادات أهل العلم ويبين الخلاف، مع الترجيح قدر الإمكان بالدليل. الحديث الأول الأعمال بالنيات عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) متفق عليه. * * * هذا حديث عظيم الشأن، جليل القدر، رفيع المكانة، أصل من أصول الدين، وعليه مدار كثير من الأعمال، وفيه عدة فوائد أعرضها على النحو التالي: الوقفة الأولى: ذكر كثير من سلف الأمة وعلمائها قدر هذا الحديث، فجعلوه من أصول الدين وأسسه، يقول عبد الرحمن بن مهدي: ((لو صنفت كتابا في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في كل باب)). ا هـ. ويقول العلامة ابن رجب - رحمه الله-: ((وبه صدر البخاري كتابه الصحيح، وأقامه مقام الخطبة له، إشارة منه إلى أن كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة)). وقد ذكر ابن رجب - رحمه الله - عدداً من أقوال أهل العلم في بيان عظمة هذا الحديث وعلوّ قدره، ومن ذلك ما روي عن الشافعي أنه قال: ((هذا الحديث ثلث العلم، ودخل في سبعين باباً من الفقه)). وعن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - أنه قال: ((أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر - رضي الله عنه- ((إنما الأعمال بالنيات))، وحديث عائشة - رضي الله عنها-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وحديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه-: (الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات..) الحديث)). وذكر إسحاق بن راهويه نحواً من كلام الإمام أحمد، وروى عثمان بن سعيد عن أبي عبيد، قال: ((جمع النبي - صلى الله عليه وسلم- جميع أمر الآخرة في كلمة واحدة: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وجمع أمر الدنيا كله في كلمة واحدة: (إنما الأعمال بالنيات)، إلى غير ذلك من الكلمات الكثيرة من سلف الأمة التي لا يتسع المقام لحصرها، وما ذكر فيه غنية عن الإطالة. الوقفة الثانية: المراد بالنية. النية في اللغة: نوع من القصد والإرادة. وفي الاصطلاح الشرعي: يراد بها معنيان: الأول: تمييز العبادات بعضها عن بعض، كتمييز صلاة الظهر من صلاة العصر، وتمييز رمضان من صيام غيره، أو تمييز العبادات من العادات، كتمييز الغسل من الجنابة من غسل التبرد والتنظيف، ونحو ذلك، وهذا المعنى هو الذي يتكلم عنه الفقهاء كثيراً في كتبهم. والمعنى الثاني: يقصد بالنية تمييز المقصود بالعمل، هل هو لله وحده لا شريك له أم لله ولغيره؟ كالصلاة مثلاً، هل صلاّها العبد لله ممتثلا أمره، محباّ له، وراجياً لرحمته، خائفاً من عقابه، أم صلاها رياء أو سمعة، أو طلب عرض من الدنيا، ونحو ذلك؟ فإن كان الأول فله الأجر والثواب، وإن كان الآخر - أي صلاها رياء وسمعة - فلا يؤجر على صلاته بل يأثم بهذه النية. الوقفة الثالثة: المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات) حيث ذكر العلماء أن المقصود بهذه الأعمال جميع الأعمال التي يعملها الإنسان، فهي بحسب نياتها وإن اتّحد شكلها، ومظهرها، ولذا لا يحصل للإنسان ثوابٌ إلا بحسب نيته، ويوضح هذا قوله - صلى الله عليه وسلم-: (وإنما لكل امرئ ما نوى). والمراد أن حظّ العامل من عمله نيته، فإن كانت صالحة فعمله صالح، وله أجره، وإن كانت فاسدة فعمله فاسد، وعليه وزره، ولذا قال بعض أهل العلم: إن قوله: (إنما الأعمال بالنيات) دلَّ على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده، والجملة الثانية - وهي قوله: (إنما لكل امرئ ما نوى) دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة، وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة، وقد تكون نيته مباحة فيكون العمل مباحاً، فلا يحصل له ثواب ولا عقاب، فالعمل في نفسه صلاحه، وفساده، وإباحته، بحسب النية الحاملة عليه، المقتضية لوجوده، وثواب العامل، وعقابه، وسلامته، بحسب النية التي صار بها العمل صالحاً أو فاسداً أو مباحاً. الوقفة الرابعة: قد ورد الاهتمام بالنية في كتاب الله - عز وجل-، وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وبيان مكانتها في الأعمال، وقد جاءت بألفاظ متعددة، وصيغ مختلفة، مما يدل على أهميتها وعظم شأنها، ومن ذلك أنه قد يعبر عنها بالإرادة، مثل قوله - جل وعلا-: ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا)) . وقوله - جل ذكره-: ((وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون))، وقوله - سبحانه وتعالى-: ((منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة))؟ وقد يعبر عن النية بالابتغاء، مثل قول الباري - جلّ وعلا-: ((ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم...))، وقوله - سبحانه-: ((وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله...)). وأما ما ورد في السنة الشريفة في الاهتمام بالنية، وعظم شأنها فكثير جداً، أكتفي بأمثلة فقط، من ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه عن أم سلمة - رضي الله عنها - عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته). فدل الحديث على أن كل إنسان يقابل ربه - جل وعلا- يوم القيامة بحسب نيته التي ساقته إلى تلك الأعمال في الدنيا. ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد والنسائي من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالاً فله ما نوى)) فدل الحديث على أنه لا يكفي مشاركة الغازي في الغزو والجهاد فحسب، بل لابد أن تكون النية خالصة لله - عز وجل-، فيكون قصد الغازي إعلاء كلمة الله، وإلا فله ما نوى. ومن ذلك أيضاً ما جاء في الصحيحين - واللفظ لمسلم - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك). فجعل الرسول - صلى الله عليه وسلم- إنفاق المسلم ابتغاء وجه الله تعالى مما يثاب عليه، حتى لو كان من الأمور المباحة التي يفعلها الإنسان في حياته اليومية. الوقفة الخامسة: لقد اهتم السلف الصالح بأمر النية، فكانوا يحسبون لها حساباً كبيراً، وما ذاك إلا لعظم شأنها. قال ابن رجب الحنبلي - رحمه الله-: ((فمما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: ((لا عمل لمن لا نية له، ولا أجر لمن لا حسبة له))، ومما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: ((لا ينفع قولٌ إلا بعمل، ولا ينفع قولٌ ولا عملٌ إلا بنية، ولا ينفع قولٌ ولا عملٌ ولا نيةٌ إلا بما وافق السنة))، وروي عن يحيى ابن أبي كثير أنه قال: ((تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل))، وروي عن داود الطائي أنه قال: ((رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية))، وروي عن سفيان الثوري أنه قال: ((ما عالجت شيئاً أشد علي من نيتي ؛ لأنها تنقلب عليّ))، وروي عن يوسف بن أسباط أنه قال: ((تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد))، وروي عن مطرّف بن الشخير أنه قال: ((صلاح القلب بصلاح العمل، وصلاح العمل بصلاح النية)) وروي عن ابن المبارك قوله: ربّ عمل صغير تعظّمه النية، ورب عمل كبير تصغّره النية))، وروي عن بعض السلف قوله: ((من سرّه أن يكمل له عمله فليحسن نيته، فإن الله - عز وجل - يأجر العبد إذا حسّن نيته حتى باللقمة)). والمراد بهذا كلّه أن الأعمال كلها لا يمكن أن يستفيد منها العبد عند الله – سبحانه- إلا إذا خلصت فيها النية لله - سبحانه وتعالى-، ولذا قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) ، قال: أخلصه وأصوبه، وقال: إن العمل إذا كان خالصاً وصواباً، قال والخالص إذا كان لله - عز وجل-، والصواب إذا كان على السنة. من هذا كله نستنبط أن النية الخالصة شرطٌ أساس في قبول العمل أيّاً كان العمل، يقول أحد الكتاب المعاصرين: ((فالقلب هو الأساس في الإسلام، وهو مستندُ القبول والفلاح في الآخرة)). روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم)). وروى البخاري ومسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب)). ويقول الله تعالى: (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد*هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ*من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب* أدخلوها بسلام ذلك يوم الخلود). ا. هـ. إن صلاح النية، وإخلاص الفؤاد لرب العالمين يرتفعان بمنزلة العمل الدنيوي البحت، فيجعلانه عبادة متقبلة، وإن خبث الطوية يهبط بالطاعات المحضة فيقلبها معاصي شائنة، فلا ينال المرء منها بعد التعب في أدائها إلا الفشل والخسار، قد يبني الإنسان قصراً منيف الشرفات، فسيح الردهات وقد يغرس حديقة ملتفة الأغصان، متهدلة الأثمار، وهو بين قصره المشيد وبستانه النضيد يعد ملك الدنيا بأربابها، بيد أنه إذا قصد من وراء بنيانه وغراسه نفع الناس كان له فيهما ثواب غير مقطوع. روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة). وما يطعمه في بدنه، أو يطعمه أولاده وزوجته له مثوبة بنية الخير التي تقارنه، روى البخاري وغيره عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال له: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى تجعله في في امرأتك). اهـ. فعلى كل مسلم أن يجرد نيته لله - سبحانه وتعالى-، وأن يعالج نفسه في ذلك، فإن الأمر في أوّله صعب، وفي آخره سهل وميسور. الوقفة السادسة: المراد بالهجرة: قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: ((الهجرة: الترك، والهجرة إلى الشيء: الانتقال إليه، وفي الشرع: ترك ما نهى الله عنه، وقد وقعت في الإسلام على وجهين: الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن، كما في هجرتي الحبشة، وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة، والثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، وذلك بعد أن استقر النبي - صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، وهاجر إليه من أمكنه من المسلمين، وكانت الهجرة إذ ذلك تختص بالانتقال إلى المدينة، إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص، وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقياً))ا.هـ الوقفة السابعة: المراد بقول: (فهجرته إلى الله ورسوله...). قال العلامة ابن رجب - رحمه الله-: ((فأخبر - صلى الله عليه وسلم- أن هذه الهجرة تختلف باختلاف المقاصد والنيات بها، فمن هاجر إلى دار الإسلام حباً لله ورسوله، ورغبة في تعلم دين الإسلام، وإظهار دينه، حيث كان يعجز عنه في دار الشرك، فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله، وكفاه شرفاً وفخراً أن حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله، ولهذا المعنى اقتصر في جواب الشرط على إعادته بلفظه؛ لأن حصول ما نواه بهجرته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة)). وبهذا نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- ضرب مثلاً واضحاً قائماً في وقته لشخصين، كلاهما عمل عملاً واحداً، لكن الأول اختلفت نيته وقصده عن الآخر، فالأول هاجر من أجل الله تعالى، ابتغاء مرضاته، ورجاء ثوابه، وإظهارًا لدينه، فهذا هاجر لله ورسوله فثوابه على الله - سبحانه وتعالى-، والثاني هاجر من أجل غرض فله ما هاجر إليه. الفائدة الرابعة: قوله - صلى الله عليه وسلم-:(ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه...). قيل في سبب هذه الجملة ما رواه وكيع في كتابه، عن الأعمش، عن شفيق أنه قال: خطب أعرابي من الحيّ امرأة يقال: أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجته، فكنا نسميه مهاجر أم قيس. وروي أيضاً من طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجها، وكنا نسميه مهاجر أم قيس. قال ابن مسعود: من هاجر لشيء فهو له. لكن هذه القصة لم تثبت أنها سبب الحديث، يقول العلامة ابن رجب - رحمه الله-: ((وقد اشتهر أن قصة مهاجر أم قيس هي كانت سبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها)، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلاً يصح)) وذكر نحو هذا الحافظ ابن حجر - رحمه الله - حيث قال بعد ذكر القصة مجردة عن الحديث: ((وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك، ولم أر شيئاً من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك)). أما معنى الجملة، فقد قال العلامة ابن رجب – رحمه الله-: ((ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام ليطلب دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها في دار الإسلام، فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك، فالأول تاجر، والثاني خاطب، وليس منهما مهاجر، وفي قوله: "إلى ما هاجر إليه" تحقير لما طلبه من أمر الدنيا واستهانة به، حيث لم يذكر بلفظه)) ا. هـ. الفائدة الخامسة: دل الحديث على الوعيد الشديد بأن من عمل عملاً لم يقصد به وجه الله تعالى لا يثاب على ذلك، بل يرد عليه عمله، كأن يكون جاهد رياءً، أو أنفق ماله ليكسب سمعة، أو تعلم العلم ليقال عالم، أو قرأ القرآن ليقال قارئ، أو التزم بمظهر إسلامي ليقال ملتزم بالإسلام، أو نحو ذلك من المقاصد الدنيوية، فمثل هؤلاء يبعثون على نياتهم، ويجازون بها؛ لما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلّم العلم وعلّمه، وقرأ القرآن فأتى به فعرّفه نعمه، فقال ما عملت فيها؟ قال: تعلّمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: فما عملت فيها؟ فقال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار). وفي بعض روايات الحديث: إن معاوية -رضي الله عنه - لما بلغه هذا الحديث بكى حتى غشي عليه، فلما أفاق قال: صدق الله ورسوله : (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون). ثم اعلم أن صرف المقاصد في الأعمال الشرعية لغير الله جريمة من الجرائم، ومحبط للأعمال ومفوّت للأجر والثواب، فاحرص على أن لا يبطل عملك، وإياك أن تتشبه بالمنافقين الذين يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً، احذر أن تكون ممن قال الله فيهم: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون الماعون). فلئن كانت النية الصالحة تضفي على صاحبها قبولاً عند الله، فإن النية المدخولة إذا انضمت إلى العمل الصالح في صورته يستحيل بها إلى معصية تست*** الويل. lr]lm >>> hgHulhg fhgkdhj >>> ]v,s lilm guhlm hgHlm > |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
08 / 10 / 2009, 13 : 12 AM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ابو الوليد البتار
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
08 / 10 / 2009, 43 : 01 AM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ابو الوليد البتار
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
14 / 10 / 2009, 08 : 06 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ابو الوليد البتار
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
14 / 10 / 2009, 10 : 06 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ابو الوليد البتار
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
14 / 10 / 2009, 13 : 06 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ابو الوليد البتار
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
( 1 - 2 ) أهمية التوحيد عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) أخرجه البخاري ومسلم. * * * قال النووي - رحمه الله تعالى-: (هذا حديث عظيم جليل الموقع، وهو أجمع - أو من أجمع- الأحاديث المشتملة على العقائد، فإنه - صلى الله عليه وسلم- جمع فيه ما يُخرج عن ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدها، فاقتصر - صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحرف على ما يباين به جميعهم). ففي هذا لحديث عدة وقفات، أوجزها فيما يلي: الوقفة الأولى: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له..)، هذه كلمة عظيمة، فاصلة بين الإيمان والكفر، لها مدلولها العظيم، ومعناها الكبير، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم-: (من شهد أن لا إله إلا الله)، قال العلماء - رحمهم الله تعالى-: أي من تكلم بهذه الكلمة عارفا لمعناها، عاملاً بمقتضاها باطنا وظاهرا، كما دلّ على ذلك قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله)، وقوله - جل وعلا-: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)، أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها، فإن ذلك غير نافع بالإجماع. ومعنى لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا إله واحد، وهو الله وحده لا شريك له، يدل عليه قوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون). وقوله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت). فنفهم من هذا أنه لا إله معبود بحق إلا الله - سبحانه وتعالى-، فهو المتفرد بالألوهية، كما تفرد سبحانه بالخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والإيجاد والإعدام، والنفع والضر، والإعزاز والإذلال، والهداية والإضلال، وغير ذلك من معاني ربوبيته، ولم يشركه أحد في خلق المخلوقات، ولا في التصرف في شيء منها، وتفرد بالأسماء الحسنى، والصفات العلى، ولم يتصف بها غيره، ولم يشبهه شيء فيها، فكذلك تفرده – سبحانه- بالإلهية حقاً، فلا شريك له فيها، يقول - سبحانه وتعالى-: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير)، ويقول - جل وعلا-: (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بمن خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى الله عما يشركون)، ويقول -جل من قائل-: (قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرض سبيلاً * سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيرا * تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفورا)، ويقول - جل وعلا-: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم)، وقال – سبحانه-: (إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم)، ويقول -جل من قائل-: (قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار)... إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تدل دلالة صريحة أو ضمنية على أن لا إله معبود بحق إلا الله - سبحانه وتعالى-، فكما تفرد –سبحانه- بالربوبية، والخلق، والرزق، وغيرها، وكما تفرد – سبحانه- بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، تفرد - جل وعلا- بالعبودية، فلا يجوز بأي حال عبادة أحد سواه. الوقفة الثانية: لا يؤدي العبد حق هذه الشهادة إلا بأن يحقق شروطها، التي نظمها بعضهم بقوله: وبشروط سبعة قيدت فإنه لم ينتفع قائلها العلم، واليقين، والقبول والصدق، والإخلاص، والمحبه وفي نصوص الوحي حقا وردت بالنطق إلا حيث يستكملها والانقياد، فادر ما أقول وفقك الله لما أحبه والمراد أنه لا ينتفع الذي ينطق الشهادة بمجرد النطق بها في الدنيا والآخرة، وإنما لا بد من تحقيق شروطها السبعة، وهي كالتالي: 1- العلم، والمقصود به: العلم بمعناها المراد منها نفياً وإثباتا، العلم المنافي للجهل، كما قال سبحانه وتعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله). وروى مسلم في صحيحه عن عثمان -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة). فنفهم من هذا أنه لا بد من العلم بما تدلّ عليه، أما الذي ينطقها جاهلاً بها وبمعناها، فهذا لا يستفيد من هذا النطق. 2- اليقين، والمراد به: أن يكون قائل الشهادة مستيقناً بمدلولها يقيناً جازما منافياً للشك، يقول الله - عز وجل-: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون). وجاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بها عبدٌ غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة). فاشترط - صلى الله عليه وسلم- في دخول قائلها الجنة أن يكون قالها غير شاك بها، مستيقنا بها قلبه. 3- القبول، والمراد بذلك أن يقبلها بقلبه ولسانه، والآيات في هذا كثيرة، كلها تدل على أنه لا يستفيد منها إلا من قبلها، من ذلك قوله تعالى: (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون * فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين). 4-الانقياد لما دلت عليه، قال تعالى: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)، وقال سبحانه: (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى)، ومعنى (يسلم وجهه أي: ينقاد وهو محسن موحد، ومن لم يسلم وجهه لله فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى. وفي هذا الحديث الصحيح: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)، وهذا هو تمام الانقياد. 5- الصدق، المنافي للكذب، وذلك بأن يقولها صادقاً من قلبه، يواطئ قلبه لسانه، يقول الله تعالى في ذلك: (الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين). وقال تعالى: في شأن المنافقين: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون). وجاء في الصحيح من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار). فاشترط في نجاة من قال هذه الكلمة من النار أن يقولها صدقاً من قلبه، فلا ينفعه مجرد التلفظ بدون مواطأة القلب. 6- الإخلاص، وهو تصفية العمل الصالح بالنية عن جميع شوائب الشرك، يقول تعالى: (ألا لله الدين الخالص)، ويقول سبحانه: (فاعبد الله مخلصاً له الدين). وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه). وفي الحديث الصحيح أيضاً عن عتبان بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). 7- المحبة: والمراد بذلك المحبة لهذه الكلمة، ولما اقتضته ودلت عليه، ولأهلها العاملين بها، الملتزمين بشروطها، وبُغْض ما ناقض ذلك، يقول الله - عز وجل-: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله)، ويقول سبحانه: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان...). وجاء في الحديث الصحيح عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
14 / 10 / 2009, 15 : 06 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ابو الوليد البتار
المنتدى :
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
أهمية التوحيد ( 2 – 2 ) الوقفة الثالثة: فضل كلمة التوحيد، حيث ورد في فضلها آثار كثيرة اقتصر على بعضها: من ذلك أنها سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، فمن قالها معتقداً معناها، عاملاً بمقتضاها - قولاً وفعلاً - فليبشر بدخول الجنة والنجاة من النار، بشهادة المصطفى - صلى الله عليه وسلم- فمما ورد في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- سمع مؤذناً يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله)، فقال - صلى الله عليه وسلم-: (خرجت من النار). وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله حرم الله عليه النار). وفي الصحيح أيضاً عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة). وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة. ومن فضل لا إله إلا الله أن أهلها هم أسعد الناس بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، كما جاء ذلك في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه). ومن فضلها أيضاً أنها أفضل ما ذكر الله -عز وجل- به، وهو أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة، جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن موسى - عليه الصلاة والسلام - قال: يا ربّ علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به، قال: يا موسى، قل لا إله إلا الله قال موسى، يا رب كل عبادك يقولون هذا قال ياموسى، قل لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله، إنما أريد شيئاً تخصني به، قال: يا موسى، لو أن السموات السبع والأرضين السبع وعامرهن غيري في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله). ومن فضلها أيضاً أنه لا يحجبها شيء دون الله - عز وجل-، لما أخرجه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما - قال: (لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه). وروى الترمذي أيضاً عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما من عبد قال لا إله إلا الله مخلصاً إلا فتحت لها أبواب السماء حتى تفضي العرش، ما اجتنب الكبائر). ومن فضلها أيضاً أنها أمان من وحشة القبور، والحشر والنشور، روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله وقد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم يقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن). وهي أعلى شعب الإيمان، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (الإيمان بضع وسبعون - وفي رواية: بضع وستون - شعبة، فأفضلها - وفي رواية: فأعلاها - قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). إلى غير ذلك من فضائل هذه الكلمة العظيمة التي تكفي أنها دلالة على إيمان من قالها وعمل بها، فهي الفاصلة بين الإيمان والكفر. الفائدة الرابعة: قوله صلى الله عليه وسلم: (وأن محمد عبده ورسوله) معنى ذلك: أن يشهد العبد أن محمداً عبد الله ورسوله. فقوله: (عبد الله) يعني: المملوك العابد، فهو مملوك لله تعالى، وليس له من الربوبية والإلهية شيء، فإنما هو عبد مقرب، كلّفه الله تعالى بالرسالة وشرّفه بها. وشهادة أن محمداً رسول الله تعني طاعته فيما يأمر به، وتصديقه فيما يخبر به، واجتناب ما ينهى عنه، وأن لا تعبد الله إلا بما شرع، وهنا تكمن محبته - صلى الله عليه وسلم-، وبهذا يكمل معنى الشهادتين، فلا يقوم بشهادة أن لا إله إلا الله من يجحد أن محمداً رسول الله، ولم يكن مسلماً حقاً من ترك أمره - صلى الله عليه وسلم-، وأطاع غيره، وارتكب نهيه، وشك في أخباره. وبهذا نعلم أن هناك صنفين من الناس يخطئون في هذه الشهادة: صنف يغلو فيها حتى يجعل للرسول - صلى الله عليه وسلم- ما ليس له من صفات الإلهية، فيدعونه من دون الله تعالى، ويتوسلون إليه، ويتمسحون به، وهم في واقع الأمر يرتكبون نهيه، ويخالفون أمره، ويبتدعون في دينه ما ليس منه، كمن تراه يخالف أوامره ليل نهار، ويدّعي محبة النبي - صلى الله عليه وسلم- بإعطائه صفات الله - سبحانه وتعالى-، فهؤلاء - ولا شك- أخطأوا الطريق، وجانبوا الصواب، ويُخشى عليهم من العقاب. والصنف الآخر من يقر بذلك، ولكنه يخالف أوامر النبي - صلى الله عليه وسلم-0فيتساهل في الصلاة مثلاً، أو لا يؤدي الزكاة، أو بعضها، أو يخدش صومه... وهكذا، ويرتكب ما نهى عنه - صلوات الله وسلامه عليه- بقوله، أو فعله، كمن يكذب، ويغش، ويخادع، ويمشي بالغيبة والنميمة، ويرتكب الفواحش من الزنا، واللواط، والنظر إلى المحرمات، والاستماع إليها، ونحو ذلك. فهذان الصنفان لم يحققا شهادة أن محمدا رسول الله، ولا يكمل الانتفاع بهاتين الشهادتين إلا بتحقيقهما قولاً، وفعلاً، وعملاً، واعتقاداً. الوقفة الخامسة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (وأن عيسى عبد الله ورسوله)، وفي رواية: (وابن أمته). فهذه الجملة فيها بيان بطلان ما يعتقده النصارى أن عيسى هو الله، أو ابن الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا، يقول سبحانه وتعالى عن نبيه عيسى: (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقياً * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً * ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون). فمن خلال هذا النص الكريم من الرب الرحيم يتبين أن عيسى - عليه السلام - عبد الله، وأنه ليس كما يدعي النصارى أنه معبودهم، يقول سبحانه وتعالى: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون). الوقفة السادسة: قوله: (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه). قال الإمام أحمد: الكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له: (كن)، فكان عيسى بـ (كن). وقال ابن كثير: خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبرائيل - عليه السلام - إلى مريم، فنفخ فيها من روحه بإذن ربه - عز وجل-، فكان عيسى بإذن الله - عز وجل-، وصارت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها، فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب الأمّ، والجميع مخلوق لله - عز وجل-. قوله: (وروح منه) قال أبيّ بن كعب: عيسى - عليه السلام - روح من الأرواح التي خلقها الله - عز وجل-، واستنطقها بقوله (ألست بربكم؟ قالوا: بلى)، بعثه الله إلى مريم فدخل فيها. وقال الإمام أحمد بن حنبل: (وروح منه) يقول: من أمره كان الروح فيه، كقوله تعالى: (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه) يقول: من أمره. الوقفة السابعة: معنى قوله: (والجنة حق، والنار حق) أي: وشهد أن الجنة التي أخبر بها الله في كتابه أنه أعدها لمن آمن به وبرسوله حق، أي: ثابتة لا شك فيها، وشهد أن النار التي أخبر بها في كتابه أنه أعدها للكافرين به وبرسوله حق كذلك، كما قال تعالى: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)، وقال تعالى: (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين). الوقفة الثامنة: ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى - أن الإيمان بأن الجنة حق، والنار حق، وأن الجنة أعدت لمن آمن بالله تعالى، وأن النار أعدت للكافرين، ذكروا - رحمهم الله - أن هذا من الإيمان باليوم الآخر الذي هو الركن الخامس من أركان الإيمان، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. فالجنة والنار حق لا ريب فيهما، ولا شك، فالجنة أعدت داراً لأولياء الله، والنار أعدت دار لأعداء الله، يقول سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون * يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون * يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار)، ويقول سبحانه: (واتقوا النار التي أعدت للكافرين * وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون * وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين)، ويقول سبحانه: (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين * وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار...)، ويقول سبحانه: (وكفى بجهنم سعيرا * إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيما * والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلاً ظليلاً)، ويقول جل من قائل: (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم * دعواهم سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين). وعليه فلا بد للمؤمن أن يوقن بهما يقينًا تاماً، ويعد العدة لهما: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). ومما يدل على ما ذكر في هذا الحديث من قرن الإيمان بالجنة والنار مع الشهادتين، ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يتهجد قال: (اللهم لك الحمد، أنت قيّم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد - صلى الله عليه وسلم- حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، أو لا إله غيرك). الوقفة التاسعة: أن المسلم لا يكفي منه أن يؤمن إيمانا نظرياً بأن الجنة حق والنار حق، بل لا بد أن يقرن ذلك بالعمل بما يدل على إيمانه بهما، وأن الخلق مآلهم إليها، لا بد أن يصدق الإيمان النظري القولي إيمان عملي، فيطبق أحكام الإسلام في واقع حياته العملية، فمن يحب أن ينجح في الاختبار لا بد وأن يذاكر ويستعد، ومن يريد أن يصل سالماً وهو مسافر بسيارته لا بد وأن يحسب حسابه قبل ذلك، ومن يريد تحقيق الإيمان لا بد من قرن العمل بالقول والاعتقاد، لكن من خالف ذلك بعمله، فجزاؤه وفاقا من جنس عمله. الفائدة السادسة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). هذه الجملة جواب الشرط الذي في أول الحديث، حيث قال: (من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق..) الجواب عن ذلك: (أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)، وفي رواية: (أدخله الله الجنة من أي أبواب الجنة الثمانية). هكذا جزاء من وحّد الله تعالى، واتبع رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وآمن باليوم الآخر، فمآله إلى الجنة؛ جزاء من ربك عطاء حسابا. ويفهم من أن من خالف ذلك، كمن لم يوحد الله تعالى، ولم يتبع نبيه - صلى الله عليه وسلم-، أو كذب باليوم الآخر، ونحو هذا، فمأواه النار والعياذ بالله، جزاء وفاقا. متجدد ..بعون الله تعالى .:bb15: |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use
Firefox.
Supported By:
ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018