أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > الملتقيات العامة > الملتقى العام

الملتقى العام المواضيع العامة التي لا يريد كاتبها أن يدرجها تحت تصنيف معين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: القارئ الشيخ بيشةوا قادر الكردي | صلاة التراويح ليلة 14 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ بيشةوا قادر الكردي | صلاة التراويح ليلة 13 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ بيشةوا قادر الكردي | صلاة التراويح ليلة 12 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ بيشةوا قادر الكردي | صلاة التراويح ليلة 11 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ معاذ الدويك | صلاة التراويح ليلة 10 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح ليلة 19 رمضان 1445 هـ لفضيلة الشيخ محمد مبارك من مسجد ومركز الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بدبي. (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاتي العشاء والتراويح 18رمضان 1445 من المسجد الأقصى المبارك Isha and Tarawih Prayers Al-Aqsa Mosque (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح للقارئ ماجد العنزي ليلة ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ.. المسجد الكبير بالكويت (آخر رد :شريف حمدان)       :: لاة التراويح للقارئ بدر العلي ليلة 17 رمضان ١٤٤٥هـ المسجد الكبير بالكويت (آخر رد :شريف حمدان)       :: من ليالي رمضان ١٤٤٥هـ في جامع القبلتين سورة يوسف كامله الشيخ أيمن أحمد الرحيلي (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طهلب بن مترك مشاركات 2 المشاهدات 3930  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 03 / 03 / 2013, 28 : 06 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طهلب بن مترك
اللقب:
عضو ملتقى برونزي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 16 / 02 / 2010
العضوية: 31027
المشاركات: 246 [+]
بمعدل : 0.05 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 196
نقاط التقييم: 13
طهلب بن مترك is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طهلب بن مترك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى العام
الرد الجميل على ما قاله الدكتور أحمد الغامدي في إباحة الاختلاط
تأليف سماحة الشيخ محمود حسن رئيس الجامعة الإسلامية، جاتراباري، داكا، بنغلاديش
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فلقد لفت نظري ما نشرته صحيفة "عكاظ" اليومية من حديث الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي ، في عدديها الصادرين بتاريخ 22و 23 من شهر ذى الحجة عام 1430 هـ - الموافق 9 و 10 من شهر ديسمبر عام 2009 م – و ذلك تحت عنوان "القول بتحريم الاختلاط افتئات على الشارع وابتداع في الدين" .
لقد أدهشني حقا ما ورد في حديث الدكتور واستغربت منه هذا التراجع القاتل بعد أن كان معارضا لقضية الاختلاط طوال ثلاثين سنة من عمره الغابر. وقد حاول الدكتور تأصيل حيثيات القضية بأسلوب شرعي يتراءى للقارئ، في بادئ الأمر، أنه مستفيض . إلا أنه حاد عن جادة الصواب وأتى بما تقشعر منه الجلود والأبدان. فقد وصف الدكتور بأن القول بتحريم الاختلاط افتئات على الشارع وابتداع في الدين. وأنكر أن يكون هناك أي دليل يمنع القرب بين الجنسين، وأكد على أن النصوص الشرعية تجيز الاختلاط في العمل والدراسة والمساجد والطرقات. وإنه أمر طبيعي في حياة الأمة. ولم يقتصر على هذا، بل ذهب إلى القول بإباحة المصافحة مع النساء . وإباحة هذه الأمور لدى الدكتور هو الأصل والأمر الفطري الذي يعتبر إنكاره مكابرةً وخروجًا عن الحدود الشرعية ومخالفةً للسنة المطهرة وتنكباً عن طريق سلف هذه الأمة ، وتجاوزاً وغلواً في الدين وإيجادَ بدعة فيه. وقد أنكر أن يكون لكلمة الاختلاط - بالمفهوم المتعارف عليه - أي وجود في المعاجم العربية أو فيما كان يعرفه سلف هذه الأمة من المصطلحات.
والغريب في الأمر أن صاحب هذا الحديث هو رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة. فياليت شعرى! لوكان من ديار غير ديار ****** مصطفي عليه الصلاة والسلام ، وكان حديثه منطلقا من تربة غير تربة مكة ، لكان الوجع أقل إيلاما. إلا أنه قال ما قال ، وهو في جوار بيت الله الحرام ، في مولد صاحب الحراء وفي مهبط وحي الله تعالى ، في مكة المكرمة ، التي وضع الله فيه أول بيت مثابة للناس وأمنا. فإذا قام الصنم في الكعبة فأين المأوى و أين المفر ؟ ولست أدرى لــِمَ توجه الدكتور إلى هذا المنحى الخطير وأتى برأي غريب يخالف فيه إجماع الأمة الإسلامية.
ومثل هذا الرأي يقدم دعما قويا لأعداء الإسلام والمسلمين والشريعة الغراء. فهم يريدون إخراج النساء من البيوت إلى الشوارع و الطرقات و الأسواق و الفنادق. يريدون اختلاط الرجال بالنساء بكل صوره وأشكاله. وذلك في إطار سعيهم لتخريب المجتمع المسلم وثقافته النقية التي تنبني على العفة والطهارة ، والاعتدال والأخلاق. هم يريدون إفساد المجتمع الإسلامي وإيقاعه في أوحال الفساد وذلك عن طريق إشاعة الفواحش والمنكرات وتهييج الشهوات وكل ذلك تحت غطاء الحقوق والمساواة.
لقد جاء الدكتور برأيه الغريب والأمة الإسلامية واقعة تحت نير ما لايحصى من المصائب التي أحاطت بها من كل الأطراف. وكان من أهم أسبابها اختلاط النساء بالرجال في جميع المستويات. فقد تفشى الزنا ودواعيه وعمت مظاهر تناول الخمور وظهرت الفجور وشاعت القينات والمغنيات والراقصات اللواتي يرقصن كاسيات عاريات في الشوارع والأسواق والفنادق وأماكن أخرى عديدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعم لو كان هذا الحديث آت من الغربيين والملاحدة أو من عملاء الإنجليز والأمريكان أو من قبل اليهود والنصارى والهنادكة والمجوس أو من الذين ربوا هؤلاء المفكرين الأدعياء من المسلمين ، لربما اعتبرنا الأمر أخف وقعا، لإنهم سلّطوا بعض عُباد شهوات النفس والبطن والمناصب على مناكب المجتمع المسلم ليفسدوا نقاءه ويعكروا صفوه ويخربوا ما يتمتع به من المثل والأخلاقيات .
إن أعداء الأمة الإسلامية حينما عجزوا عن معارضة الفكر الإسلامي السليم بسبب خطوط الدفاع التي مثَّلها بكل جدارة علماء الدين وأصحاب التقوى والصلاح من الزعماء المسلمين، فلما أحس هؤلاء أنهم لن ينالوا ما أرادوا من إفساد الشرع الإسلامي الحنيف بهذا الأسلوب المعتمد على العداء السافر، لجأوا إلى أساليب مخادعة تتلخص في قلب الموازين الشرعية بالاعتماد على ذات النوع من الأدلة الشرعية، ولكن بطرق ملتوية ومرتكبين الإلحاد في الاستدلال والاستخراج والبحث والتنقيب. ولكي يتوصلوا إلى هذا الأمر فإنهم انتخبوا عملاء من بين الذين ينتسبون للإسلام . وهؤلاء العملاء دأبهم في كل زمان ومكان تحريف الإسلام وأحكامه والإلحاد فيه وإشاعة الفساد في محيط المسلمين. وقد بذل هؤلاء قصارى جهدهم لإزاحة حجاب المرأة وإخراجهن متبرجات وجعلهن تختلط بالرجال في كافة المجالات. وذلك حتى يفسد المجتمع الإسلامي الصالح.
وقد حقق القوم نجاحا باهرا في هذا المجال. فإذا كان صاحب هذا الحديث من هذه الطائفة فلا اعتراض لي عليه ، فمثل هذه الجرأة من أمثاله شيء مألوف. ولكن بما أنه يدعي الانتماء إلى الإسلام ، ويريد الخير لهذا الدين ولأتباعه ويحث على إحياء السنة النبوية ويحذر عن البدع والابتداع في الدين، وهو فوق هذا وذاك رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المكة المكرمة ، لذا استغربت أيما استغراب عندما قرأت كلامه حول إباحة الاختلاط. فيا للفضيعة ويا للعاز! وصدق الله سبحانه وتعالى القائل : يضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا" . وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم القائل " لأنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال ، قيل : وما ذلك ؟ فقال : من الأئمة المضلين . " وبعبارة أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين " وهذا معنى ما ورد " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله" رواه البخاري ومسلم . وقيل إنه متواتر معنى. وفيهما إشارة إلى المنتحلين و المبتدعين الذين يأولون كلام الله وكلام رسوله على غير تأوليها فيأتون بأراء عوجاء تضل بها الأمة.

ومن عجب العجاب أنه استدل على زعمه بأحاديث نبوية فقط، ولم يتوجه إلى النصوص القرأنية بتاتا. ثم إن الأحاديث التي استدل بها لم يراع فيها الأصول والقواعد المقررة في الاستدلال بالأحاديث، كالفرق بين العام والخاص، والمطلق والمقيد. ولم يميز بين الأحاديث التي تخص زمنا ما أو مكانا ما، أو ما يتعلق منه بالفرد والمجتمع، أو ما تختلف أحكامها باختلاف الأحوال والأشخاص.كما لم يتوجه قطعا إلى توجيهات وتطبيقات الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين والفقهاء والأصوليين وغيرهم من علماء الشريعة والنقاد العادلين.
(3) وقد خالف أخونا أحمد الغامدي منهج البحث العلمي السليم. فإن كل حديث نبوي يخالف رأيه و كل قول من أقوال الأئمة الثقات يضاد ما ذهب إليه، فإنه قام بتضعيفه من عند نفسه بطرق ملتوية ركيكة. فلم ينظر إلى الأصول والقواعد المعتمدة في فهم الحديث وتطبيق مفاهيم بعضه مع بعض. وعجبت أيضا بأنه نقل أحاديث نبوية بطرق وأساليب لايرضى بها من له صلة بالدين ، أو يملك شيئا من العقل والبصيرة. وقام بشرحها وتوجيهها بما يتعارض مع شروح جمهور العلماء و المحدثين وأهل السنة والجماعة وأصولهم.
وقد فتشتُ حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت : "لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء ، لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل" . . وما وجدته فيما أورده الدكتور، وكذلك لم أعثر على الحديث : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله و بيوتهن خير لهن و ليخرجن تفلات" " أو ما ورد من أقواله عليه الصلاة والسلام " خير مساجد النساء قعر بيوتهن" " وأ فعميا" ، وحديث اللعن على زوارات القبور وما فيها من النهي لخروجهن إلا مع الستر والحجاب. ومثله أحاديث كثيرة تبلغ مبلغ التواتر حكما. فالدكتور قد أعرض عنها. فموقفه تجاه الأحاديث التي تخالف رأيه موقف الرفض جملة وتفصيلا. وقد قال في هذا الإطار : إنها ضعيفة لايقوم بها الدليل على عدم الجواز. فكأنه يقول : " قولى حجة على الخلق أمرا و نهيا .
ومما لابد من التنبيه إليه أنه لم يذكر النصوص القرآنية بتاتا ، مثل قوله تعالى "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ" " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" وغيرهما من الآيات التي فيها حكم الستر والحجاب، والتي يثبت بها عدم جواز الخروج فضلا عن الاختلاط و المصافحة واللمس باليد ومحادثة النساء، فقد أعرض عنها تماما.
نعم! إنه توجه إلى تفسير كلام الناس بما لا يرضون به أصحابها، فقال في رد ما يقول العلماء "إنما منع العلماء سدا للذرائع". كأنه يقول : "الأصل الجواز و جاء المنع سدا للذرائع ، فالمنع ليس هو الأصل. وقد قال: " الأصل في كل شيء الإباحة" ، فهذا رأى المعتزلة. ونسب إلى بعض الحنفية أيضا وليس صحيحا. و لا أدرى كيف فرق الدكتور بين علة و غيرها لكونها أصلية أو فرعية، و كيف فرق في الحكم أمرا أو نهيا على أساس الحسن والقبح لذات الشيء أو لغيره. ومن الأسف الشديد إنه غفل عن التمييز بين الجواز والتنفيذ. فالحكم الشرعي ربما يشير إلى الجواز ولكن لاينفذ إلا بشروط. وهذه القاعدة قد غفل عنها الدكتور تماما.
والمحققون من العلماء يميزون بين الجواز وبين التنفيذ. فكم من الأمور يثبت جوازها ولكن تنفيذها مشروط بشروط. فلعل الدكتور لم ينتبه على هذه القاعدة ، فذهب يثبت الجواز ولم يراع ما يلزمه من الشروط. فقد ذهب إلى القول بجواز اختلاط النساء بالرجال، والمصافحة واللمس بالأيدى، وخروجهن إلي الشوارع والطرقات والفنادق والحانات والأسواق، ولم يراع الشروط والضوابط المقررة في الشريعة في تنفيذ مثل هذه الأحكام من الحرج والضرورة و قاعدة "درء المفاسد مقدم على *** المنافع" وغيرذلك من الضوابط التي لابد من مراعاتها للتطبيق بين النصوص الشرعية. و إلا لتعارضت الآيات والأحاديث. وقد قال الله سبحانه وتعالى : وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا . وصرح المحدثون الكبار منهم ابن خزيمة و أنور شاه الكشميرى بعدم وقوع التعارض في النصوص الشرعية إلا صوريا. وهذا هو الحق والفارق بينه وبين الباطل.
وخلاصة ما استدل به الدكتور على الجواز :
- إن اختلاط النساء في الطواف والسعى والصلاة والعبادات جائز باتفاق العلماء ، فهذه العبادات يؤديها الرجال والنساء في مكان واحد.
- الاختلاط في العبادات قد يؤد يإلى الوقوع في المحذورات ورغم ذلك لم يقل أحد من علماء الشريعة بمنع الاختلاط في تلك الأماكن ولم يحكم بعدم الجواز سدا للذرائع .
- بيوت المانعين والمجوزين مليئة بالخدم من النساء يقدمن الخدمة فيها.
- بيوت النساء مليئة بالرجال من غير المحارم وفي مظهر قد يكون من أشد مظاهر الاختلاط في حياتنا اليومية بحيث لا يمكن إنكاره (فمثل هذه الأقيسة والأفكار السطحية والمضحكة يمتلئ بها حديث الغامدي في قضية الاختلاط) .
- اختلاط النساء بالرجال أمر طبيعى لابد من اعتبار جوازه للمقتضيات الطبيعية .
- القول بجواز اختلاط النساء بالرجال أمر مهم يقتضيه الامتثال بأحكام الشريعة في كل شأن من شؤون الحياة.
- إنكار الاختلاط يعني عدم اقتفاء أثر المجتمع الإسلامى في عصر النبوة .
- إنكاره مكابرة وثمرة الجمود والتقليد.
- ليست هناك أدلة شرعية تمنع الاختلاط ، فأدلة المنع كلها ضعيفة. فإن كانت صحيحة كانت دلالتها عليهم لا لهم .
- لابد من استعمال كلمة " الاختلاط" في المعنى اللغوي الذي كان متداولا لدى الأسلاف. أما تحول هذه الكلمة إلى مصطلح فقهي خاص يدل على اختلاط النساء بالرجال ، فهذا من أغلاط المتأخرين أو تلبيس منهم.
- قد أنكر النبى صلى الله عليه وسلم على سعد بن عبادة رضى الله تعالى عنه حين قال : "والله لاضربنّه بالسيف غير مصفح في شأن من وجد مع امرأته رجلا آخر ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد " أتعجبون من غيرة سعد ؟ والله إني لأغير من سعد والله أغير مني، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وبطن .
- عن عائشة رضى الله تعالى عنها خرجت سودة ، بعد ما ضرب عليها الحجاب ، لتقضي حاجتها . وكانت امرأة جسيمة تفرع النساء جسما . لا تخفى على من يعرفها . فرآها عمر بن الخطاب . فقال : يا سودة ! والله ! ما تخفين علينا . فانظري كيف تخرجين . قالت : فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي . وإنه ليتعشى وفي يده عرق . فدخلت فقالت : يا رسول الله ! إني خرجت . فقال لي عمر : كذا وكذا . قالت فأوحي إليه . ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه . فقال " إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن " " ( أخرجه البخارى ومسلم ).
- وعن سهل بن سعد قال : "لما عرّس أبو أسيد الساعدي دعا النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعاما ولا قرّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلّت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبى صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك - أخرجه البخاري في (باب قيام المراة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس).
- وعن سهل بن سعد قال : قالت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم جمعة، تنزع أصول السلق فتجعله في قدر، ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها فتكون أصول السلق عرقه، و كنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك - أخرجه البخاري في (باب تسليم الرجال على النساء).
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعث إلى نسائه فقلن : ما معنا إلا الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من يضم أو يضيف هذا ) . فقال رجل من الأنصار : أنا ، فانطلق به إلى امرأته ، فقال : أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ما عندنا إلا قوت صبياني ، فقال : هيئي طعامك ، وأصبحي سراجك ، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء . فهيأت طعامها ، وأصبحت سراجها ، ونومت صبيانها ، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته ، فجعلا يريانه أنهما يأكلان ، فباتا طاويين ، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ضحك الله الليلة ، أو عجب ، من فعالكما ) . فأنزل الله : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون { . (أخرجه البخارى)
- وعن عائشة أنها قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضى الله تعالى عنهما ، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبتِ كيف تجدك ( أخرجه البخاري في (باب عيادة النساء للرجال).
- عن عائشة أنها قالت : دخل علي ّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش ( أخرجه البخاري)
- عن الربيع بنت معوذ أنها قالت : دخل علي ّ النبى صلى الله عليه وسلم غداة بنى علي، فجلس علي فراشي لمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية : وفينا نبي يعلم ما في الغد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لاتقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين (أخرجه البخاري)
- وعن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : انتقلي إلى أم شريك، و أم شريك امرأة غنيّة من الأنصار، عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان، فقلت: سأفعل ، فقال: لا تفعلي، فإن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم ( أخرجه مسلم)
- عن أم صبية الجهنية قالت : اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد )أخرجه أحمد و أبو داود و ابن ماجة(
- قال ابن عمر: كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا ( أخرجه البخاري)
- عن ابن عمر أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم ، الرجال والنساء من إناء واحد كلهم يتطهرون منه - أخرجه البخاري و ابن خزيمة. في رواية عنه : كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ندلي فيه أيدينا (أخرجه أبو داود)
- عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة ( أخرجه البخاري)
- وعن أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد . ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسأل عنها بعد أيام . فقيل له إنها ماتت . قال: ( فهلا آذنتموني ) فأتى قبرها فصلى عليها (أخرجه البخاري ومسلم)
- عن أنس قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها ، فقال : ( والله إنكم أحب الناس إلي ) (أخرجه البخاري ومسلم)
- وعن عائشة في قصة الإفك "...فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ( أخرجه البخاري)
- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن نفرا من بنى هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لم أر إلا خيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد برّأها من ذلك، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال لايدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبته إلا ومعه رجل و إثنان (أخرجه مسلم والنسائي و ابن حبان)
- وعن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس ين مالك سمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه و كانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعتمه وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أخرجه البخاري)
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء ، فقال : أحججت . قلت : نعم ، قال : بما أهللت . قلت : لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أحسنت ، انطلق ، فطف بالبيت وبالصفا والمروة . ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس ، ففلت رأسي ، ثم أهللت بالحج ، فكنت أفتي به الناس ، حتى خلافة عمر رضي الله عنه فذكرته له ، فقال : إن نأخذ بكتاب الله ، فإنه يأمرنا بالتمام ، وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله .
- عن أم عطية قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا : { أن لا يشركن بالله شيئا } . ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت : أسعدتني فلانة ، أريد أن أجزيها ، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها . (أخرجه البخارى)
- وعن أنس بن مالك قال: كانت الأمة من إماء المدينة، لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت ( أخرجه البخاري تعليقا)
- عن أسماء بنت أبى بكر تزوجنى الزبير وماله في الأرض من مال و لا مملوك ولا شيء، غير فرسه. وفيه قالت: فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه. فدعاني ثم قال" إخ ! إخ" ليحملني خلفه. (أخرجه البخاري ومسلم)
يقول الدكتور الغامدي إن هذه الأحاديث الصحيحة كلها تدل على جواز اختلاط النساء بالرجال والمصافحة والارتداف والخروج ونظر المرأة للرجال واستماع الرجل بغناء النساء، و وضوء الرجال مع غير محارمها من النساء، ومشروعية عمل المرأة في المسجد وغيره وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس ، ولم يلتفت الدكتور إلى الذى يجب الإنتباه إليه من عادة سيئة تفشت في أسر كثيرة من المسلمين والمسلمات بسبب الاختلاط المحرم.
يا للأسف! فالدكتور قد أطلق الحبل على الغارب في هذا المضمار و أباح الاختلاط بكل صوره و أشكاله، ولاحول ولاقوة إلا بالله. أباح الاختلاط متجاهلا الغريزة الإنسانية التي تثور وتهيج عندما يختلط الجنيسين ببعضهما. لقد أباح الاختلاط دون أن يراعي القواعد الفقهية والأصولية و ما قرره علماء هذه الأمة في باب التحليل والتحريم.

أولا : معنى الاختلاط :
بدأ الدكتور حديثه بإيراد معنى الاختلاط ولم يفصل القول في المعنى اللغوى للفظة ، لأن المعنى اللغوي لايؤيد ما يريد إثباته ، غير أنه أظهر الاختلاف بين المتقدمين والمتأخرين ، فرد على المتأخرين لأنهم وضعوا للاختلاط معنى فقهيا خاصا فغلطوا فيه - على حد رأيه- فالذى اصطلح عليه المتأخرون غير ما فهم منه المتقدمون ، فالمتأخرون استعملوا لفظة "الاختلاط" للدلالة على اختلاط النساء بالرجال عند الاطلاق ثم جنحوا إلى عدم الجواز بل إلى الحرام ، واما المتقدمون فليس عندهم هذا المعنى الفقهي المصطلحي الخاص ، فالاختلاط عندهم مطلق لايريدون به اختلاط النساء بالرجال.
ونتيجة كلامه أن المتقدمين كانوا يستعملونه في المعنى اللغوي ، و لا أدري ماذا أراد الدكتور الغامدي بهذا البحث الدلالي للفظة، و كيف يثبت دعواه به ، لأن الاختلاط حينئذ لا يثبت به أي حكم شرعي لا جوازا و لا نهيا. و لعله أراد إخراج اللفظة عن استعمالها العرفي في العصر الحديث، و لا يسمى هذا إلا تلبيسا على الغافلين. ولا بدله أن يعلم أن هناك أناس يدركون جميع تلبيسات الطوائف الضالة حسب قوله صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة" . وهم العلماء الذين أخذوا العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين والفقهاء والمحدثين بسلاسل ذهبية متصلة لم تعترها أي تغير أو تبدل ، وهم ورثة النبى الأمي الأمين- وأمناء الله في الأرض ، جمعوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم و بلغوها إلى تابعيهم وسجلوا العلوم والمعارف في الكتب ونقلوها إلينا بكل أمانة وهم علماء أهل السنة في كل عصر وزمان.

أولا : أن الاختلاط من الخلط، ولايتحقق إلا بين شيئين على الأقل ، فإن وقع الخلط بالشيء الذى هو خير ، فالشيء المخلوط به خير كالماء بالسكر، وإن وقع الخلط مع الشيء الذى فيه ضرر فالشيء المخلوط به شر و ضرر فليس في ذات الاختلاط شيء من خير وشر، وإنما يأتي فيه الخير والشر من حسن الشيء الذى يختلط به أو من قبحه، فلا أثر له بالنسبة إلى معنى القدماء والمتأخرين ، ولايوجد في المعاجم العربية ولا في كتب الفقه وأصوله هذا المعنى الذى أخذه المتحدث لإثبات دعواه فأراد إثبات جواز اختلاط النساء بالرجال، وكان لازما عليه الإشارة إلى الكتب والمراجع التي أخذ منه هذا المعنى. نعم كثر استعمال هذا اللفظ للدلالة على معنى اختلاط النساء بالرجال في عرف الناس وما يترتب عليه من الآثار السيئة التي تأثرت بها المجتمع المسلم والثقافة الدينية النقية. فمن النساء من تعودت على إبراز ساقها وذراعيها وعنقها للرجال ، بل إن منهن من تبدي صدرها وظهرها وحتى فخذها بلبس الثياب القصيرة ، فهذا التبرج الجاهلي له عواقبه الوخيمة على الإنسان المسلم بل على البشرية جمعاء. إن هذا السفور الفاحش قد أودى بالمجتمعات المعاصرة إلى هاوية الهلاك. فقد تمزقت الأسر ، وتشردت الأطفال واختفت مظاهر الحشمة والحياء إلا من رحم ربك ، وازدادت حوادث اغتصاب النساء ، والسبب الأكبر في ذلك هو تبرج النساء واختلاطهن بالرجال. فالسفور و الاختلاط يمهدان السبيل لوقوع فواجع لايمكن ردها أو التحكم في نتائجها الفضيعة، و لهذه الأسباب كلها أصبحت كلمة "الاختلاط" تدل عند إطلاقها على اختلاط النساء بالرجال من حيث العرف، والعرف إذا كان لا يعارض أصول الدين و لا يخالف الأحكام الشرعية يؤخذ به و لا مشاحة في الاصطلاح ، سواء أكان فقهيا أم عرفيا أو غير ذلك.
ثانيا : إن القياس على الطواف والسعي والصلاة قياس مع الفارق، فهذه الأعمال تدخل ضمن أعمال شخصية تتم في جو إيماني خاص تتوجه فيه القلوب إلى المولى تعالى تطلب منه العفو والمغفرة. أما اختلاط النساء بالرجال فليس أمرا شخصيا وليس من الأعمال الصالحات، بل ربما يكون سببا للشقاء والحرمان وهو على الأقل مما يضاد المروءة والحياء. فلا يقاس أحدهما على الآخر كما لا تقاس الشقاء على السعادة أو العكس.
وفي الطواف والسعي والصلاة وغيرها من القربات يشتغل العامل في ذكر الله والدعاء والبكاء والتوبة والاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والتذلل والتواضع والخضوع والخشوع والقراءة وتلاوة القرآن. وليس فيه شيء من المحادثة ما بين الرجال والنساء حتى بين المحارم فضلا عن الأجانب، وليس فيه الضحك و الخلوة ولا مس بالأيدى ولا المصافحة والنظر، فإن وقع شئ من غير إرادة فلا شئ عليه وإن وقع عن قصد وإرادة فعلى الفاعل الوزر.
ثم الإجازة هنا جاءت لشدة الزحام والضرورة ، "والضرورة تبيح المحظورات" وقد قال الله سبحانه وتعالى : "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ " واما الاختلاط من غير ضرورة شرعية مع وجود إمكانية الشبهة أو التهمة، فهذا لايجوز أبدا، وقد قال رسول الله عليه وسلم : "على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي" وقال : "دع ما يربيك"
أما صلاة النساء في المساجد فليست بفريضة ولا واجبة ولا سنة ولا مندوبة. نعم ذهابهن إلى المساجد في الصلوات مشروطة بشروط مقررة في كتب الفقه. نعم يثبت الجواز ببعض الأحاديث، ولكن تنفيذ ذلك لايتم إلا بالشروط، كما ذكرنا . فلا بد من التمييز بين ثبوت الحكم وتنفيذه، وقد منع الفقهاء وجعلوا حضورهن في المساجد للصلاة مكروها كراهة تحريم أو تنزيه ، وقد قال عليه الصلاة و السلام : "و بيوتهن خير لهن" فذهابهن للصلوات في المساجد خلاف لذوق الرسول صلى الله عليه وسلم وطبيعته ، كما جاء في الحديث : "أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فروج حرير ، فلبسه فصلى فيه ، ثم انصرف ، فنزعه نزعا شديدا ، كالكاره له ، وقال : لا ينبغي هذا للمتقين" . و قوله عليه الصلاة والسلام " لاتمنعوا إماء الله" فيه إشارة إلى أنهن لا يحضرن في المساجد إلا إذا أذن لهن الرجال، فعلق الرسول صلى الله عليه وسلم حضورهن في المساجد على إجازة الأزواج أو المحارم ليكونوا على علم بذلك فيهتموا بحراستهن ، وكان ينبغي على الدكتور الغامدي أن يتأمل في عصر الصحابة ليستكنه ماذا كان رأيهم في النساء واختلاطهن بالرجال ، فلا ينبغي له أن يغمض عينيه عن واقعة عتيقة وقولها "قد أفسد الناس" وكانت تحت عمر الفاروق رضي الله عنه أو في زوجية الزبير بن العوام (أخرجه أبو داود وغير من أصحاب الصحاح والسنن)
وأما قول الدكتور : "لايمنع أحد من العلماء" لا أدرى من هؤلاء العلماء! أليست الأئمة الأربعة وأصحاب الصحاح والسنن والمجتهدون الفقهاء عنده من العلماء ؟ فإذا لم يكونوا من العلماء فمن هم العلماء إذن؟ وقد رأيت مثل هذا الرأي في "تحرير المرأة في عصر النبوة" للشيخ أبو شقة ، فلعل الكاتب قد أخذ من هذا الكتاب واعتمد عليه و لكنه لم يشر إليه لأسباب مجهولة.
وهل يقع الاختلاط الممنوع إذا اتحد المكان أو إذا كانت النساء خلف الرجال في صفوفهن في المساجد ؟ وِلـمَ جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهن خلف الرجال ولـِـمَ قيد حضورهن بالليل أو متلفعات بمروطهن ولِـــمَ كان تأخر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين عن الخروج من المسجد بعد انتهاء الصلاة بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن ذلك مراعاة للنساء حتى يخرجن ويدخلن بيوتهن ؟ هذا والرسول صلى الله عليه وسلم معصوم بالإجماع ومثله جماعة الصحابة رضوان الله عليه أجمعين الذين نزل القرآن في فضائلهم وعفتهم وعصمتهم وعدالتهم و وردت آثار كثيرة في هذا الشأن. وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الصحابة أو سوء الظن بهم حتى قال : " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" . فلهم العصمة المعلنة من قبل النبي الخاتم فهل يقاس على حالهم حال غيرهم أو حال من يعيش في هذا العصر الضنين. فالرجال المنسلخون عن الأخلاق والغارقون في أوحال الفساد - وما أكثرهم - يترقبون النساء ويتلذذون بالنظر إليهن ، بل منهم من ينتظر الفرصة السانحة لافتراسهن وقضاء شهوة اللحم والدم بهن تماما كالوحوش في الفلاة، وهؤلاء يلهثون وراء النساء في كل وقت وحين، حتى في أوقات الصلاة ، وهؤلاء كالبهائم وحشرات الأرض .
فيا أيها المنادى من مكة المكرمة ! أما تستحي أو لا يقشعر قلبك عندما تنادي بمثل هذا التفسخ والانسلاخ ؟ فما يكون جوابك عند جدكم محمد صلى الله عليه وسلم وكيف تطلب أو ترجو الشفاعة منه وأنت تجتهد لإخراج ذوات الخدور إلى الشوارع والفنادق والحانات ليختلطن بالرجال، وقد قال صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" ، أما تخشى الله من يوم تقوم بين يديه لكل ما قلت، أو تفهوت، أو توصلت إليه من خلال بحثك الخاطئ . أما قرأت القرآن أو أمعنت النظر فيه وأعملت فكرك في الآثار أم أنك تنتمي إلى أمة غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟
و أما كون بيوت المانعين مليئة بالرجال من غير المحارم فهذا إلزام على المانعين وليس دليلا شرعيا يمكن القياس عليه لجواز الاختلاط، فالإلزام غير لازم، لأن اختلاط النساء بالرجال الأجانب، سواء كان في بيوت المانعين أو في بيوت المجوزين لايجوز في الشرع مطلقا. فلا يصح الاستدلال به أبدا، وإنما يوخذ الدليل من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة و الإجماع و القياس الصحيح.
نعم يجب على القائلين بعدم إباحة الاختلاط أن يرجعوا عما يرتكبون في بيوتهم من معاصي الاختلاط المحرم ، وذلك حتى ينجوا في الدنيا والأخرة ، فيلزم عليهم أن يتوبوا إلى الله توبة نصوحا ويندموا على ما فعلوا في ما مضى من الأيام.
وعلى المانعين أن تكون أقوالهم موافقة لأفعالهم ولا تكون أعمالهم خلاف ما يقولون فإن الله عز وجل يحذر ويقول: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ) فلا يجوز القول بالاختلاط مستندا إلى أفعال المانعين خلاف أقوالهم و لا بأقوال المجوزين ، فكون الشيء مباحا يتوقف على الأدلة الشرعية وكونه قابلا للتنفيذ يتوقف على توافر الشروط سواء في المعروفات أو المنهيات بأنواعها وأشكالها.
قوله بيوتهم مليئة : وهذا قياس بعد الإلزام وقد أوضحت أن الاختلاط مع الأجانب سواء كان في البيوت أو غيرها من الأماكن لا يبيحه الشرع مطلقا، فإذا كان لا يجوز في البيوت يكون عدم جوازه في أماكن أخرى من باب أولى، ولعل الدكتور الغامدي حكم بعموم البلوى دون أن يدري أن عموم البلوى لا يؤثر في القطعيات، وإنما محله في المباحات أو ما فيه اختلاف بين المجتهدين ، واعتباره يكون نظرا إلى المصالح الشرعية شريطة ألا تعارضها العلة، فإذا عارضتها العلة فلا اعتبار لعموم البلوى، فإن الحكم اذا ثبت بالعلة فلا اعتبار للمصلحة إنما اعتبارها إذا وافقها، وشرح هذه المسألة يوجد في كتب أصول الفقه ، وقد فصلها الشيخ ولي الله المحدث الدهلوى في كتابه الشهير "حجة الله البالغة" بأحسن تفصيل
قوله الاختلاط أمر طبيعي: أمر غريب حقا أن يستدل شيخ ينادي بأن الاستدلال لايصح إلا بالآثار الصحيحة، بينما هو يستدل على الجواز بقوله "إن الاختلاط أمر طبيعى" مع أن الاختلاط من المسائل التي ثبت عدم جوازها إجماعا و بالأدلة الشرعية، غير أن صاحبنا يرد جميعها بقوله "إن كلها ضعيفة" ، فيرجح الجواز بدل التحريم.
ثم يستدل بالطبع الإنساني ، فإلى الله المشتكى ؟؟ فهلا يأتي الدكتور بالآثار التي تدل على وجوب مراعاة المقتضيات الطبيعية حتى وإن كان فيه معارضة للإجماع أو مخالفة للنصوص القرآنية والآثار الصحيحة أو مضادة للشرف والكرامة والمروءة والغيرة الإيمانية والبشرية. وهل جاءت الشريعة الإسلامية لتكميل المقتضيات الطبيعية وحتى وإن كانت من نوع النزعات الحيوانية ؟ كلا ثم كلا ؟؟ وإنما جاءت الشريعة لتحقيق أمور والتي منها إقامة الطبع الإنساني على الوسطية و الاعتدال ، فالطبع الإنساني لايخلو من الإفراط أو التفريط أو الغلو و الجمود، فالشريعة تقيم ما يعوج في طبيعة الإنسان فيجعلها على قواعد الاعتدال ، أفلا قرأت أيها الدكتور قوله تعالى :" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ" الآية ؟ فالشهوة أمر غريزي يشترك فيه الإنسان والحيوان على حد سواء. غير أن الشريعة المصطفوية جاءت بقيود وشروط يتميز بها الإنسان عن الحيوان ، فإن شئت اقرأ " يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم"ٍ وذكر المفسرون مثل الألوسي أشياء في تفسير قوله تعالى "قلب سليم" .منها : خلوّ القلب عن الشهوات الجنسية ، فلا بد من اجتنابها والبعد عنها و عن أسبابها، والتي منها اختلاط النساء بغير المحارم من الرجال ، وهذا الأمر ليس سهلا إلا لمن عصمه الله بمنه وكرمه كالأنبياء والمرسلين ومن اتبع سبيلهم بجد وجهد كبيرين، وأيضا ينبغي على الغامدي أن يقرأ ويفكر في قوله صلى الله عليه وسلم :"كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة ، هل ترى فيها جدعاء" . وأقول بكل يقين بأن هذا الحديث ورد في تفسير قوله تعالى " فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ" ، فالفطرة على أرجح الأقوال "الصلاحيات و الاستعدادات التي أودعها الله تعالى في الإنسان "، فهى كالدراهم والدنانير يشترى بها الحليب أو الخمر، وكذلك أمر الصلاحيات والاستعدادات البشرية ، فإذا استعمل في الخير أتى بالخير وإذا استعمل في الشر أتى بالشر.
وعلى سبيل المثال غريزة الشهوة الجنسية موجودة في طبيعة الإنسان ذكورا و إناثا ، ولابد من إشباع هذه الغريزة بصورة مباحة ، فهنا يأتي دور الشريعة الغراء التي تنير الطريق وتوجه الإنسان إلى الوسيلة المشروعة لإشباع هذه الغريزة ، ألا وهو الزواج ، بينما تمنعه عن الطرق المحرمة كإشباعها عن طريق الزنا ، فإذا قضى الزوجان شهوتهما عن طريق الزواج فذلك ينتج خيرا ، وإلا فشرا، والحجاب والستر وعدم التحدث إلى غير المحارم وعدم الاختلاط كل هذه الأشياء شرعت سدا لذرائع الوقوع في الزنا ودواعيه، والحكم ربما يدور على الأسباب والعلل البعيدة ، وعدم الستر والحجاب ومحادثة غير المحارم و الاختلاط من أسباب الوقوع في الزنا ودواعيه ، فالحكم يدور عليها، ولا سيما إذا كان الحكم في المسببات مؤكدا أو في حيز الخفاء كقوله تعالى "لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ، فدار الحكم على السبب ، ومن هذا القبيل قوله تعالى " يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ" ، "يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ" " وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ" وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ" وقوله عليه الصلاة والسلام " الوحدة خير من جليس السوء" فدار الحكم في كل ذلك على السبب للتأكيد وقوله تعالى " لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ" وقوله عليه الصلوة والسلام فيما روى عنه البخاري للنائم في الصلاة "فليرقد كي لا يسب نفسه" وكذا نقض الوضوء بالنوم وقصر الصلاة في السفر، فالسبب في كل ذلك في حيز الخفاء فدار الحكم على الأسباب البعيدة ، وقال عليه الصلاة والسلام " النظر سهم مسموم من سهام ابليس كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. ، والنظائر كثيرة في الباب، ففي هذه المواضع كلها دار الحكم على السبب قريبا كان السبب أم بعيدا للدلالة على مزيد من التأكيد والمبالغة و الاحتراز عن الوقوع في المحرمات و منه الزنا، فهلا قرأ الدكتور وفكر في هذه الآيات والنصوص والآثار أو قرأ قوله تعالى " فانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ" تُرى لماذا قتل خضر هذا الغلام ؟ قتله لأنه طبع كافرا. مما يدل على أن إيفاء مقتضيات الطبع الإنساني ليس ضروريا ، بل إن مقتضيات الطبع الإنساني ليست حجة شرعية يثبت بها الحكم الشرعي أمرا أو نهيا.
القول بجواز الاختلاط : لاشك أن الأحوال والحوادث والنوازل تتنوع وتختلف مما يقتضي الاختلاف في الأحكام، لأن بعضها تتعلق بالفرد وبعضها بالمجتمع ، وبعضها لا يمكن تطبيقه إلا بتعاون النساء مع الرجال، فإن كان هذا التعاون ما بين المحارم فلا مانع منه ، وإذا كان على حد الضرورة الشرعية ولا يتوقع فيه أي ضرر أو خطر فلا مانع منه أيضا ، وإذا كان التعاون في الشر والضرر ما لايخفي على ذي التقى والنهى فلا سبيل إلى الجواز عند أحد من العلماء المجتهدين وإنما ينحصر الجواز على الضرورة الشرعية وفي صور خاصة ، والتي لايمكن القياس عليها ما لا ضرورة فيه بصورة عامة، فقول الدكتور الغامدي "لضرورة امتثال التشريع" لايخلو عن الأحوال الآتية :
الأمور التي تتعلق بالنساء فقط، فلا مانع فيها التعاون فيما بينهن.
الأمور التي تتعلق بالرجال فقط فلا ضرورة فيها.
الأمور التي تتم بالتعاون بين المحارم فلا مانع منه.
الأمور التي لايمكن العمل بها إلا بالتعاون فيما بين غير المحارم و فيها ضرورة شرعية فلا مانع منه أيضا ولكن مع توافر شروط محددة، وإنما المنع مما ليس فيه ضرورة، وما فيه الضرر والخطر فالمنع لا يعارض الشريعة، وعلى هذا فالاختلاط الممنوع لايتوقف عليه أي امتثال للأوامر الشرعية.
قول الدكتور الغامدي بأن إنكار إباحة الاختلاط يعني عدم الاقتناع بهدى المجتمع في عهد النبوة ، قول غريب. فالاختلاط أمر قبيح عند الشرفاء واهل المروءة والغيرة، وثبت قبحه وشناعته بالنصوص القطعية والآثار الصحيحة وبأقوال المجتهدين والفقهاء وبإجماع الأمة كما سيأتي بيانه لاحقا.
وهل إنكار إباحة الاختلاط مكابرة ؟ فإن اختلاط النساء بالرجال ربما يؤدى إلى الزنا والقتل ويسبب في إشاعة الفواحش والمنكرات ويقود إلى الإغواء والإثارة مما يترك آثارا سيئة على شريحة الشباب. ومن ثم ورد المنع عن الخلوة فقد قال صلى الله عليه وسلم : "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"( ). "إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو( )؟ قال: الحمو الموت"( ). وغير ذلك من الآثار التي تدل على الممانعة إما صراحةً و أما دلالةً أو إشارةً. وكيف المنع من ثمرة الجمود والتقليد؟ فهل إنكار ما أنكره الشارع جمود و تقليد؟ وهل تقليد الأئمة ممنوع في الشريعة؟ بل هو من الأمور الواجبة على من لا يرتقي إلى درجة الإجتهاد. وفقهاء الأمة ومجتهدوهم مجمعون على منع الاختلاط كما هو مفصل في الكتب التي أفردت لبيان المسألة و تناولت حيثيات القضية. فلا يقول بإباحة الاختلاط إلا من أشرب قلبه بالتوجهات الغربية ويلذ له النظر إلى ما حرمه الله. أو الذين يريدون اصطياد النساء لقضاء شهواتهم بطرق محرمة وكل ذلك تحت شعار الحرية والمساواة مع إسقاط شروط الاختلاط . فهل إنكار مثل هذا الأمر الشنيع ثمرة الجمود والتقليد الأعمى يا سعادة الدكتور؟! .
أليس هذا التحدي أوهن من بيت العنكبوت؟ أوَ لايدل هذا التحدي على جهل قائله أو تجاهله للنصوص القطعية والآثار الصحيحة التي وردت في منع الاختلاط وقد قال سبحانه وتعالى : " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" فلو كان الاختلاط جائزا فكيف منع الصحابة عن السؤال حتى عند الضرورة إلا من وراء حجاب ؟ وقال سبحانه وتعالى "فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" أ كان هذا المنع بسبب شبهة أو تهمة أو مرض في قلوب الصحابة ؟ أو ليست هذه الآية من الأدلة القاطعة لمنع الاختلاط عند الدكتور صراحة أو دلالة أو إشارة ؟ أم يريد الدكتور أن يقول بأن الحجاب كان خاصا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم؟ بل هذا ما قاله فعلا في مقابلته مع قناة "العربية" حسب ما هو موجود في موقعها على الشبكة الدولية الانترنت فقد قال: إن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين ، وقوله هذا مردود بوجوه :
أن آية الحجاب والتي قبلها تحفهما قرائن قوية تدل على أن الأحكام الشرعية الموجودة فيها ليست خاصة بأمهات المؤمنين ، وإنما هي عامة لجميع النساء المسلمات ، ذلك أن امتياز أمهات المؤمنين من غيرهن مذكور في قوله تعالى : (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) ( ) ، إنما هو خاص بما ذُكر قبله لا بما ذُكرَ بعده ، بمعنى أنه خاص بالأحكام المذكورة في قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) ( ) وقوله: (ومن يقنت منكنَّ لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين) ( ) ، دون الأوامر والنواهي المذكورة بعده وهي قوله تعالى : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً ، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرُّج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) ( ) ، فتلك الأوامر والنواهي موجهة للنساء عامة بدليل أنه لا يجوز لأحد أن يقول إنه يجوز للنساء المسلمات أن يخضعن بالقول ليطمع الذي في قلبه مرض وأن لا يقُلْن قولاً معروفاً وأن لا يقرن في بيوتهن ويتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ولا يُقمن الصلاة ولا يؤتين الزكاة ولا يطعن الله ورسوله. فهذه الأحكام ليست خاصة بأمهات المؤمنين لأن عللها تجري في غيرهن أيضاً.
2- ولأنه إذا كانت أمهات المؤمنين – مع ما كُنَّ عليه من التقى والعفاف وقوة الإيمان والبصيرة بالحق- مأمورات بعدم الخضوع في القول والقرار في البيوت وعدم التبرج ، فغيرهن من النساء المسلمات مأمورات بذلك من باب أولى ، ولا سيما في هذا العصر الذي قَلَّ فيه الوازع الديني عند كثير من الناس وكثرت فيه المفاسد والفتن.
3- ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص ، فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة ، لأنه سبحانه بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) ( ) ، وقال سبحانه : (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ( ) ، وهكذا القرآن الكريم لم ينـزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله ، كما قال تعالى : (هذا بلاغٌ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحدٌ وليذكر أولوا الألباب) ( ) ، وقال عز وجل: (وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) ( ) الآية"( ).
واما الأحاديث التي استدل بهاالدكتور فلايخلو من الأحوال الآتية :
محمولة قبل نزول حجاب الوجه.
محمولة قبل نزول حجاب الأشخاص وفي كلا الصورتين فهى منسوخة أو مؤولة كما سيأتي.
(3) مرجوحة لوجود النصوص الصريحة والأحاديث الصحيحة تخالفها.
(4) مرجوحة نظرا إلى القاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدم على *** المصالح".
(5) مرجوحة حسب الأصل المقرر "إذا اجتمع محرم ومبيح غلب المحرم".
(6) مرجوحة لأن الاحتياط في المنع ويحكم بالأحوط في الشرع .
(7) مرجوحة لأن عدم المنع أثبته المتحدث عن طريق الاستنباط بمقابلة المنع الذى ثبت بالنصوص والأحاديث الصريحة.
(9) مرجوحة لأن عدم المنع ثبت بالأحاديث الفعلية المحتملة للتأويل بمقابلة الأحاديث القولية الصريحة وفي هذه الصور التسعة فهى مرجوحة أو لا بد من التطبيق بين النوعين من الأحاديث بالصور التالية:
(10) ما ورد في الأحاديث و إنما عبارة عن أحداث وقعت اتفاقا و لا تمثل القاعدة المعمول بها.
(11) وهي أيضا عبارة عن حكاية حال لا عموم فيها.
(12) محمولة على الضرورة الشرعية.
فالأحاديث التي ذكرها الدكتور لابد من حملها على الصور التي ذكرناها، وإلا لتعارضت الأحاديث التي ذكرها الدكتور مع الآثار الصحيحة والنصوص القرآنية التي أعرض عن ذكرها جهلا أو تجاهلا ، أما النصوص التي تؤكد على خلاف ما ذهب إليه هي :
قوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ"
(2) و قوله تعالى " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا"
(3) و قوله تعالى " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَىٰ "
(4) و قوله تعالى إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا"
توخذ من هذه الآيات الأمور الآتية:
إن تشريع الخمار لأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم بهدف وقايتهن من الأذى وهو علة الحكم ، وإلغاء الخمار إعراض عن أمر الله وهو حرام ، وقد شرِّع الخمار وقاية من نظر الرجال الأجانب. ونظر الأجانب ثبت بالاقتضاء لاشتراك العلة بينهما والنظر إلى النساء حينئذ سيكون من أفعال الفساق أو المنافقين بإجماع أهل التفسير.
(2) عدم المحادثة معهن، فالمحادثة إعراض عن أمر الله تعالى وهو حرام، فالمحادثة بين الجنسين من غير ضرورة شرعية حرام لاشتراك العلة كما ذكرنا ، وهوحرام سواء أكان ما يخص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو في إطار عامة النساء المسلمات ، كما لايوجد هناك أي تمييز بين من كان في قلبه مرض أو طمع وبين من لم يكن كذلك وذلك حسما للمادة. كمافي قوله تعالى " إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " و في قوله تعالى " أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ"
(3) حرمة التبرج بأنواعه وأشكاله ، لقوله تعالى : "وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَىٰ " ، وقوله تعالى " تبرج الجاهيلة الأولى" جاء لمزيد من التأكيد.
(4) والقرار في البيوت إلا لضرورة شرعية مع الشروط كما في قوله تعالى "فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" فإذا كان الأمر كذلك في نساء الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنهن من الطيبات المحصنات والمبشرات بالجنة ، فما ظنك لغيرهن من النساء ؟
(5) وفي الآية الرابعة توجيه لسبب المنع وهو التطهير عن الخبائث والفواحش ودواعيها من مثل النظر والقول والمس واللمس باليد والمصافحة فضلا عن المعانقة وفيها أمر بذكر الله وتلاوة القران الكريم ومتابعة السنة النبوية، وفيها من التحذير من اللطيف الخبير والتهديد والوعيد الشديدين من الله الجبار، فيعم الحكم غيرهن من النساء من باب أولى.
(6) وقد نزلت الآية الآتية لتعميم الأمر من غير قيود فقال عز وجل :" قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ" ، ففيها أمر لغض البصر وحفظ الفرج للرجال والنساء مع ذكر السبب والعلة، لأن عدم غض البصر يترتب عليه الكثير من الآثار السيئة كإثارة الشهوات التي قد تؤدي إلى الوقوع في الزنا والمحرمات ، وكشف ما أمر الله بالستر والحجاب فهذا حرام بالآية السابقة بصورة عامة و بأمر الستر والحجاب وعدم التبرج بالزينة بشكل خاص.
(7) قوله تعالى :" وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أو آبَائِهِنَّ أو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أو أَبْنَائِهِنَّ أو أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أو إِخْوَانهنَّ أو بَنِي إِخْوَانهنَّ أو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أو نِسَائِهِنَّ أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ أو التَّابِعِينَ غَيْرِ أولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ"
وتوخذ من الآية الأمور الآتية :
(1) جاءت الآية بكثير من التفاصيل رغم أن القرآن الكريم يرد فيها الأحكام مجملا إلا في الأمور المهمة ، فيرد فيها بالتفصيل والتأكيد. فالتفصيل يدل على المزيد من الاهتمام بموضوع الآية ، وهو هنا عدم إبداء الزينة وعدم النظر إلى النساء.
(2) جواز إبداء الزينة للمذكورين صراحة في الآية بشرط العفة والأمانة.
(3) جواز إبداء الزينة لمن ليس له الإربة.
(4) جواز إبداء الزينة للطفل الذى لم يظهر على عورات النساء مع أن في الصورتين لايوجد شيء من إمكان الفتنة والتهمة.
(5) يجوز إبداء الزينة للمحارم بشرط عدم وجود الفتنة و التهمة، فإن كان المحرم فاجرا وقحا لا يعتمد عليه حتى وإن كان أخا إذا كان قلبه خاويا من خشية الله ، فلا يجوز للنساء إبداء زينتهن لمثله بالإجماع ، فكم سمعنا عن حوادث الاعتداء و هتك الأعراض من هؤلاء، فالصحف والجرائد مملوءة بمثل هذه الأحداث والفضائح .
(6) عدم جواز إبداء الزينة للأجانب من باب أولى لشدة إمكانية وقوع الفتنة وإذا نظر الأجانب إلى زينتهن.
(7) وكما لايجوز للأجنبي أن يمد بصره إلى النساء وزينتهن كذلك لايجوز للنساء أن تمد أعينهن إلى الرجال لاشتراك علة الفتنة ولايمكن التمييز بين من يقع في الفتنة وبين من لايقع فيها من بين الأجانب من الرجال والنساء.
(8) والزينة تشمل ملاحة الوجه والكفين واليدين والأكتاف وكذلك ما تلبس المرأة من الثياب الرقيقة أو غير الرقيقة ولكن تزيد من جمالها وكذلك الحلية والطيب والتخضيب بالحنا ، والكحل والكريم والصبغ في الشعر وغير ذلك فلا يجوز إظهار الزينة والنظر إليها من قبل الأجانب بل حتى المحارم إذا كانوا فجارا و فسقة.
(9) وقد أفتى بعض أهل الفتوى - وهم أهل التجارب - أنه لايجوز التبرج وإظهار الزينة والتكشف حتى أمام النساء الكافرات والفاجرات فضلا عن الرجال أصحاب الفسق والفجور.
(10) وإذا أظهرت المرأة زينتها أمام من ذكرنا سلفا وبالشروط المقدمة فلها الجواز وإلا فهي ترتكب المعصية بعدد من يراها، فالمعصية تتجدد بتجدد الزمان، لأنها مطالبة في كل وقت بترك المعاصى، لما جاء التحذير والوعيد الشديد من ذلك في الكتاب المبين وسنة النبي الأمين ويثبت الحكم اقتضاءً للرجال الأجانب والفسفة من المحارم فلا يجوز لهم النظر إليهن وإلى زينتهن صيانة لأنفسهم من الوقوع في الفتنة المتوقعة.
(11) هناك نساء كاسيات عاريات بمعنى أن بعض الجسد مكسو والبعض الآخر مكشوف، أو أن تكون لابسة للثياب الرقيقة الشفافة تكشف عما تحتها أو تكون الثياب ضيقة تظهر تفاصيل جسم المرأة وكل هذه الأمور موجودة الآن ، ومن النساء من تميل إلى المعاصي وتلهث وراء الموضات الجديدة التي تتفنن في إظهار مفاتن النساء بكل صورها وأشكالها ، وهناك أفلام ومسلسلات تشجع الإنسان على إنشاء العلاقات المحرمة واقتراف المعاصي ، فكيف يتسنى، والحالة هذه أن نفتي بإباحة الاختلاط؟

(1)قد أنكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه حين قال: والله لأضربنه بالسيف غير مصفح في شان من وجد مع امرأته رجلا آخر، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: "أتعجبون من غيرة سعد ! والله لأنا أغير منه، والله أغير منا، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن" و قوله صلى الله عليه وسلم : "حرم الفواحش " يدخل فيها النظر والمصافحة والخلوة والمس بالأيدي وغير ذلك؛ لكون هذه الأشياء من الأسباب والمقدمات، ومقدمات الحرام حرام لاشك فيه عند أحد.
وقوله : "والله لأضربنَّه بالسيف الخ.. وفى رواية : وإن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك, فذكر ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال:" كفى بالسيف شاهدا ". ويظهر منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أيد سعدا في مبدأ الأمر, ثم قال لا أفتى بذلك لأني لو أفتيت بذلك تتابع الناس في القتل واعتذروا بأنهم رأوا المقتول على فاحشة .(كذا في فتح الملهم 7/ 254 وكذا في فتح الباري 12/194)
فلم يفتِ احتياطاً ونظرًا إلى ما سيقع أخطر من ذلك. وهذا معنى "سدًا للذرائع"، كما لم يبنِ الكعبة على بناء إبراهيم عليه السلام خوفا من حديث عهد قريش بالإسلام. وقال العيني في عمدة القاري ( 16/123) : "لما بلغ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك لم ينهه عن ذلك حتى قال الداودي: قوله صلى الله عليه وسلم : " أ تعجبون من غيرة سعد؟" يدل على أنه حمد ذلك وأجازه له فيما بينه وبين الله".
(2) عن عائشة رضي الله تعالى عنها: خرجت سودة ، بعد ما ضرب عليها الحجاب ، لتقضي حاجتها . وكانت امرأة جسيمة تفرع النساء جسما . لا تخفى على من يعرفها . فرآها عمر بن الخطاب . فقال : يا سودة ! والله ! ما تخفين علينا . فانظري كيف تخرجين . قالت : فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي . وإنه ليتعشى وفي يده عرق . فدخلت فقالت : يا رسول الله ! إني خرجت . فقال لي عمر : كذا وكذا . قالت فأوحي إليه . ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه . فقال " إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن) ., أخرجه البخاري ومسلم (
و في نص آخر لهذا الحديث " فناداها عمر، ألا قد عرفناك يا سودة! حرصا على أن ينزل الحجاب" و هذا صريح في أن هذه الواقعة كانت قبل نزول الحجاب, وفي عمدة القاري ( 13/246 ) في هذا الحديث "بعد ما ضرب الحجاب" وقد تقدم في الطهارة أنه قبل نزول الحجاب, قال الكرماني : لعله وقع مرتين, وقيل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني , وفى فتح الباري (1/205 ) : "يحتمل أن يكون أراد أولا الأمر بستر وجوههن فلما وقع الأمر وفق ما أراد أُحب أيضا أن يحجب أشخاصهن مبالغة في الستر ". وفى فيض الباري ( 1 / 402 ) فالحديث الأول يعني "قدعرفناكِ ياسودة" قبل أن ينزل الحجاب محمول على خروجها قبل نزول الحجاب , والثاني يعنى قوله " بعد ما ضرب الحجاب " محمول على خروجها بعد نزول حجاب الوجوه .
(3) وعن سهل بن سعد قال: لما عرس أبوأسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعامًا ولا قرَّبـَه إليهم إلا امرأته أم أسيد بلَّت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك، أخرجه البخاري في باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس ( رقم الحديث 5182) وفى فتح الملهم (9/538 ): والظاهر أن هذا وقع قبل نزول الحجاب وكذا في عمدة القاري ( 14/132 )، وفى فتح الباري ) 9/181 ) في هذا الحديث جواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر وكذا في حاشية التاودي ( 5/67 ).
(4) عن سهل بن سعد قال : كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها فتكون أصول السلق عرقه وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك .
و جاء في رواية أخرى للبخاري ( 1/316) تحت باب ما جاء في الغرس وفيه كانت عجوز بدل قوله امرأة فلا يثبت لهذا الحديث اختلاط الرجل بالمرأة مطلقا .
(6) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر و بلال رضي الله تعالى عنهما، قالت: فدخلت عليهما فقلت، يا أبتي كيف تجدك؟ (أخرجه البخاري في " باب عيادة النساء للرجال), قال ابن حجر في فتح الباري ( 7/301 ) هذا قبل الحجاب وزاد ابن إ إسحاق في روايته عن هشام و عمرو بن عبد الله بن عروة جميعا عن عروة عن عائشة عقب قول أبيها فقلت والله مايدري أبى مايقول قالت: ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة, وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب، فقلت كيف تجدك يا عامر؟ وقال في الفتح (10/134 ) في باب "عيادة النساء الرجال" : ذلك قبل الحجاب قطعا. وقد تقدم أن في بعض طرقه " وذلك قبل الحجاب ". وفى أوجز المسالك ( 14/41 ) وعند النسائي وابن إسحاق عن هشام عن أبيه عنها: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى أوبؤ أرض الله، أصاب أصحابه منها بلاء وسقم، وصرف الله عن نبيه ذلك، وأصابت أبا بكر وبلالا وعامر بن فهيرة، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادتهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب.
(7) وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش. (أخرجه البخاري) جاء فى عمدة القاري (5/154 ) قوله: جاريتان تثنية جارية، والجارية في النساء كالغلام في الرجال، ويقال على من دون البلوغ منهما وجاء في إكمال المعلم بفوائد مسلم ( 3/306 ) قال القاضي عياض رحمه الله تعالى, مثل هذه القصة لعائشة وهى حينئذ - والله اعلم - بقرب ابتنائه عليه السلام بها وفى سن من لم يكلّف وفى أول الأمر ومعها جاريتان من سنها.
(8) عن الربيع بنت معوذ أنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بنى علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات لنا يضربن بالدف يندبن من قتل ما آبائهن يوم بدر، حتى قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين (أخرجه البخار ي)
قال العلامة العيني في عمدةالقارى( 14/100) تشريف الربيع بدخول النبي صلى الله عليه وسلم عليها وجلوسه أمامها حيث يجلس الرأس كيف يصح وهى ليست من المحرمات فقال الكرماني : إما أنه جلس من وراء الحجاب أو كان قبل نزول آية الحجاب أو جاز النظر لحاجة أو عند الأمن من الفتنة واستحسن بعضهم الجواب الأخير, وقال العيني : هذا دوران لطلب شيء لا يظفر به والجواب الصحيح الواضح أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها كما ذكرنا في قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية. (كذا قال الحافظ في ا لفتح( 9/124 ) وفى التوشيح على الجامع الصحيح( 4/361) وفى حاشية التاودى بن سودة ( 5/91 ) وفى تحفة الباري بشرح البخاري 5/341)
قال العلامة علي القاري في مرقاة المفاتيح (6/275 ) فإن هذا الحديث لا دلالة فيه على كشف وجهها ولا على الخلوة بها, بل ينافيها مقام الزمان، وقولها "يضربن الدف" قيل : تلك البنات لم يكن بالغات حد الشهوة.
(9) وعن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : انتقلي إلى أم شريك, وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان، فقلت : سأفعل، فقال: لا تفعلي, إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم ( أخرجه مسلم , أبو داود والترمذي والنسائي )
قال النووي في شرح صحيح مسلم ( 2 /1536 ) : احتج بعض الناس بهذا على جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف نظره إليها، وهذا قول ضعيف، بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها؛ لأدلة شرعية وردت فيها. وأما حديث فاطمة بنت قيس مع ابن أم مكتوم فليس فيه إذن لها في النظر إليه، بل فيه أنها تأمن عنده من نظر غيرها وهى مأمورة بغض بصرها فيمكنها الاحتراز من النظر بلا مشقة بخلاف بيت أم شريك. (وكذا في فتح الملهم 7/203)
(10) عن أم صبية الجهنية قالت : اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد. ( أخرجه أبو داود في باب الوضوء بفضل المرأة وأخرجه أحمد وابن ماجة )
ومعناه تتناوب أخذ الماء فآخذ الماء منه مرة ويأخذه مرة, فإن قلت: كيف يجوز ذلك ؟ فإن أم صبية لم يثبت لها علاقة المحرمية به صلى الله عليه وسلم, فذكر الشيخ خليل أحمد في بذل المجهود ( 1/ 206 ) " قال بعضهم: بأنه لعل كان قبل الحجاب، ويشكل هذا الجواب بأنه لو سلم أن هذه الواقعة تقدمت نزول الحجاب، فقبل الحجاب كان كشف الوجه جائزا، لا كشف البدن الذي هو عورة مثل الساعدين والرأس, فالأولى أن يقال : إن هذه واقعة حدثت بعد الحجاب وكان بينهما حجاب يأخذان الماء من إناء واحد أو يقال : ظاهر لفظ الحديث وإن كان يدل على أنهما كانا تختلف أيديهما في حالة واحدة ولكن يمكن أن يقال إن هذا التوضؤ محمول على حالتين بأن أم صبية تختلف يدها للوضوء في حالة على حدة وتختلف يد ر سول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من ذلك الإناء في حالة أخرى على حدة , ووحدة الإناء لاتقتضي أن يكون أخذ الماء في حالة واحدة .
وقد قال ابن التين حاكيا عن سحنون في حديث عبد الله بن عمر أنه قال : كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان ر سول الله صلى الله عليه وسلم جميعا ( أخرجه البخاري) أن معناه كان الرجال يتوضؤون ويذهبون ثم تأتي النساء فيتوضأن. وقال الحافظ في الفتح ( 1/367 ) والأولى في الجواب أن يقال : لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم, ولكن الجواب في هذا الحديث ما ذكر سلفا لأن أم صبية لم تكن من الزوجات والمحارم.
(11) قال ابن عمر كان الرجال والنساء يتوضئون في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا, أخرجه البخاري.
(12) وعنه أنه أصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه, (أخرجه ابن خزيمة)
(13) وفى رواية عنه, كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ندلي في أيدينا (أخرجه أبو داود)
قال العلامة ابن حجر في الفتح: قوله : " جميعا " ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة وحكى ابن التين عن قوم أن معناه إن الرجال والنساء كانوا يتوضئون جميعا في موضع واحد, هؤلاء على حدة و هؤلاء على حدة,
والزيادة المتقدمة في قوله : من إناء واحد ترد عليه, وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب, وقد أجاب ابن التين عنه بما حكاه عن سحنون أن معناه كان الر جال يتوضئون ويذهبون ثم تأتى النساء فيتوضأن وهو خلاف الظاهر من قوله جميعا
قال أهل اللغة : الجميع ضد المفترق, وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الحديث
المذكور : والأولى في الجواب أن يقال : لامانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب , وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم. ( كذا في فتح الباري 1/367 وفى عون المعبود 1/101 وفى حاشية التاودى 1/182 وفى تحفة الباري 1/187 وفى ارشاد الساري 1/273)
قال العيني في عمدة ا لقاري ( 2/552 ) هكذا إلا أنه زاد بعد جواب الحافظ لفظ " وفيه نظر " وقال أيضا في شر حه لأبى داود في مثل هذا الحديث . كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ندلى فيه أيدينا.
يستفاد من هذا الحديث جواز توضؤ الرجال والنساء واغتسالهن مع أزواجهن لأن الألف واللام في قوله" والنساء " بدل من المضاف إليه . والتقدير : نتوضأ نحن ونساؤنا يعنى أزواجنا. وذلك لان الأجنبية لا يجوز لها أن تغتسل مع الرجل الأجنبى من إناء واحد, لأن الاختلاء بها حرام والاغتسال لايكون إلا في الخلوة لاحتياج النساء إلى كشف البدن. يدل على ذلك ما مر من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأما توضؤ المرأة مع الرجل الأجنبي من الإناء الواحد فظاهر حديث أم صبية يدل على جوازه . لأن فيه لايحتاج إلى الخلاء وكشف العورة ووجه الحرة ويداها ليست بعورة وفى قدمها روايتان ( كذا في شرح سنن ابى داود 1/ 116 )
قال العلامة زكريا كاندهلوي في لامع الدراري ( 1/239 ) في الهامش: اعلم أن المصنف ترجم بترجمتين أولاهما وضوء الرجل مع أهله والثانية الوضوء بفضل المرأة. والثانية هي المقصودة بالذكر على الظاهر. لأنها خلافية بين العلماء.
وذكر الأولى لكونها ثابتة بنص الحديث لكونها كالدليل على الثانية ولكونها بمنزلة الشرح للحديث بان المراد بالنساء نساؤهم خاصة. نبه على ذلك بقوله في الترجمة بلفظ " مع امرأته " وحينئذ فلا حاجة إلى ترجيح الحديث بأنه محمول على ما قبل الحجاب, أو بأن المراد ما نقل عن سحنون وغيره أنه توضأ الرجال فيذهبون ثم تأتى فيتوضأن وغير ذلك من التوجيهات
قال العلامة أنورشاه الكشميري في فيض الباري ( 1/464 ) قال السيرافى : قوله " جميعا" إنه يستعمل بمعنى كلهم وبمعنى معاً والأول يدل على الاستغراق، والثاني على المعية الزمانية، وتفصيله : أن هذا اللفظ قد يستعمل للاستغراق وإحاطة الأفراد مع قطع النظر عن الاجتماع وقد يستعمل للثاني أي بمعنى الاجتماع و المعية وهو المناسب ههنا فان التعرض إلى اغتسال الرجال والنساء مطلقا ليس بأهم.
قال العلامة المحدث الكبير الشيخ خليل أحمد السهارنفورى في بذل المجهود ( 1/206 ) قال في مرقاة الصعود : قيل يحمل هذا الحديث على التعاقب أي يتوضئون فيذهبون فيجئن فيتوضأن بعدهم. فرد بأن قوله : جميعا يمنعه، إذ معناه الاجتماع في الفعل وقال بعضهم : لعله كان قبل نزول الحجاب، والرافعي أراد: كل رجل مع زوجته وأنهما يأخذان من إناء واحد فلا بأس فيه " والله أعلم بالصواب .
وقال أيضا : قال المسدد " من الإناء الواحد جميعا " هذه زيادة من المسدد ولم يشرك فيها عبد الله بن مسلمة كذا في بذل المجهود (1/206)

(14) وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة , (أخرجه البخاري) فإن قيل كيف جاز أن تباشر النساء الجرحى وهم غير ذوى محارم منهن ؟ قال ابن حجر في الفتح ( 6/90) فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة, والضرورات تبيح المحظورات .
قال ابن بطال في شرحه ( 5/ 83 ) إنه يجوز ذلك للمتجالات منهن لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه. بل تقشعر منه الجلود وتهابه النفوس. ولمسه عذاب للامس والملموس . وأما غير المتجالات منهن فيعالجن الجرحى بغير مباشرة منهن لهم. بأن يضعن الدواء ويضعه غيرهن على الجرح ولا يمسسن من جسده.
ونقل التاودى في حاشيته ( 3/175) عن ابن بطال قال ابن بطال: يختص ذلك بالمحارم ثم بالمتجالات منهن وإلا فبغير مباشرة ولا لمس كما تغتسل المرأة إذا لم توجد امرأة، من فوق حائل، وقال الأكثر: يتيمم، وقال الأوزاعي: تدفن كما هي, قال ابن المنير: أو يفرق بأن الغسل عبادة والمداواة ضرورة، والضرورة تبيح المحظورات, هكذا قال العيني في عمدة القاري (10/ 203) وكذا في إرشاد الساري (5/85 ) وكذا في كشف الباري (1/517 ) وذكر ابن حجر في الفتح ( 10/136 ) هذه الواقعة قبل نزول الحجاب.
(18) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص إن نفرا من بنى هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس , فدخل أبوبكر الصديق وهى تحته يومئذ, فرآهم فكره ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد برّأها من ذلك، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل واثنان . ( أخرجه مسلم والنسائي وابن حبان )
جاء في فتح الملهم (10/237 ) قال القرطبي: "كان هذا الدخول على وجه ما يعرف من أهل الصلاح مع ما كانوا عليه قبل الإسلام من كرم الأخلاق ونفي التهم ولعله كان قبل نزول الحجاب وقبل أن يتقدم له في ذلك أمر أو نهي.
قال العبد الضعيف عفا الله عنه : أما كون هذه القصة قبل نزول الحجاب فلا يصح, لأن أسماء بنت عميس إنما تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم حنين كما صرح به الحافظ في الإصابة وذلك بعد نزول الحجاب يقينا, فالظاهر أنهم دخلوا عليها مع مراعاة أحكام الحجاب, ولكن أبا بكر الصديق رضي الله عنه إنما كره ذلك بمقتضى الغيرة الجبلية مع التصريح بأنه لم ير إلا خيرا. " إلا ومعه رجل أو اثنان " قال النووي : "ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية، والمشهور عند أصحابنا تحريمه, فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم )المنهاج ص 2217 )
وقال القرطبي " قوله إلا ومعه " سدا لذريعة التهمة فإنهم إذا كانوا جماعة ارتفعت. وهذا في الزمان العامة والخاصة . وأما في الأزمنة الفاسدة . فلا تخلو مع الواحد ولامع الكثير لخوف الظنة إلا أن تكثر الجماعة أو يكون فيهم صالحون فتزول الظنة. (تكملة 10/237 إكمال المعلم 7/61 )
(19) وعن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن انس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم, الحديث, ( أخرجه البخاري مسلم )
قال النووي في المنهاج ( 3/1999 ) : "اتفق العلماء على أنها كانت محرما له صلى الله عليه وسلم . واختلفوا في كيفية ذلك، فقال ابن عبد البر وغيره : كانت إحدى خالاته من الرضاعة, وقال آخرون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده لأن عبد المطلب كانت أمه من بنى النجار. وقال أيضا وفيه جواز ملامسة المحرم في الرأس وغيره مما ليس بعورة، وجواز الخلوة بالمحرم والنوم عندها، وهذا كله مجمع عليه. قال ابن حجر في فتح الباري ( 11/84 ) " وقد أشكل هذا على جماعة فقال ابن عبد البر : "أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أختها أم سليم فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة, فلذلك كان ينام عندها، وتنال منه ما يجوز للمحرم أن يناله من محارمه، ثم ساق بسنده إلى يحيى بن إبراهيم بن مزين قال : إنما استجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفلي أم حرام رأسه لأنها كانت منه ذات محرم من خالاته, لأن أم عبد المطلب جده كانت من بنى النجار.
ومن طريق يونس بن عبد الأعلى قال : "قال لنا ابن وهب أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فلذلك كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه" . قال ابن عبد البر : وأيهما كان فهي محرم له وجزم أبو القاسم بن الجوهري والداودي والمهلب فيما حكاه ابن بطال عنه بما قال ابن وهب قال : وقال غيره إنما كانت خالة لأبيه أو جده عبد المطلب , وقال ابن الجوزي : سمعت بعض الحفاظ يقول : كانت أم سليم أخت أمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.
وحكى ابن العربي ما قال ابن وهب ثم قال : "وقال غيره، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوما يملك إربه عن زوجته فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه وهو المبرأ عن كل فعل قبيح وقول رفث فيكون ذلك من خصائصه, وقال ابن حجر " أخيرا" وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل : لأن الدليل على ذلك واضح , والله أعلم.
(20 ) وعن أبى موسى الأشعري قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوم باليمن فجئت وهو بالبطحاء فقال: بما أهللت ؟ قلت: أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال هل معك من هدى قلت: لا، فامرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أمرني فأحللت فأتيت امرأة من قومي فمشطتني أو غسلت رأسي فقدم عمر فقال: إنا نأخذ بكتاب الله، فإنه يأمرنا بالتمام: قال الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله " وأن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحل حتى نحر الهدى. ( أخرجه البخاري في "باب من أهل في زمان النبي صلى ا لله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم" رقم الحديث: 1724 , 1795, 4346, 4397, و أخرجه مسلم رقم الحديث: 2948 )
قال العلامة العيني في شرح هذا لحديث ( 7/940 ) قوله " فأتيت امرأة من قومي وفى رواية شعبة امرأة قيس، وليس المراد منه قيس غيلان لأنه لا نسبة بينهم وبين الأشعريين ولكن المراد منه أبوه قيس بن سليم, والدليل عليه رواية أيوب بن عائد امرأة من قيس وهو أبو أبى موسى. وقال بعضهم: وكانت المرأة زوجة بعض إخوة أبى موسى وكان له من الإخوة أبو رهم وأبو بردة ومحمد، قلت (أي قال العيني ) : قال الكرماني: " قوله، فأتيت امرأة "محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له, وامرأة الأخ ليست بمحرم، فالصواب مع الكرماني . فيحمل حينئذ على أن المرأة كانت بنت بعض إخوته وكذا في فتح الباري ( 3/506 ) وكذا في شرح مسلم (2/1289) وكذا في فتح الملهم ( 6/373 ) "ثم أتيت امرأة" هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له.
عن أم عطية قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة يدها فقالت أسعدتني فلانة أريد أن أجزيها، فما قال النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلقت ورجعت فبايعها. ( أخرجه البخاري في باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر
وفي الباب حديث عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية : لا يشركن بالله شيئا " قالت: وما مست يد سول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها. أخرجه البخاري في باب بيعة النساء وأخرجه مسلم في صحيحه هذا الحديث عن أم عطية بغير ذكر "فقبضت منا امرأة يدها" باب التشديد في النياحة.
قال العلامة العيني في عمدة القاري ( 13/ 396) في شرح هذا الحديث, قال المفسرون : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا , وعمر بن الخطاب رضي الله عنه أسفل منه، وهو يبايع النساء بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغهن عنه قوله. وقالت عائشة : "فمن أقرت بهذا الشرط من المؤمنات،, قال لها للمبايعة منهن "قد بايعتك كلاما "، وهو منصوب بنزع الخافض، فالتقدير" كان يبايع بالكلام ولا يبايع باليد، كالمبايعة مع الرجال بالمصافحة باليدين وقالت أيضا: لا والله، ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة وما يبايعهن إلا بقوله " قد بايعتك على ذلك "
فحديث عائشة خلاف ما جاء عن أم عطية رواه ابن خزيمة وابن حبان والبزار والطبرانى وابن مردوية من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة قالت : فمد يده من خارج ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال اللهم اشهد, وكذا جاء فى الحديث، حيث قالت أم عطية: "فقبضت منا امرأة يدها" , فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن, فان قلت، ما وجه الرد هنا والأحاديث كلها صحيحة؟ فالجواب عن الأول بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وهو لا يستلزم المصافحة، وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول أو كانت المبايعة بحائل.
وأيضا في عمدة القاري (9/609) عن الشعبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء وعلى يده ثوب قطري, وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم غمس أيديهن فيه, وكذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/229): بأن المبايعة كانت بحائل, أو يحتمل أنهن كن يشرن بأيديهن عند المبايعة بلا مماسة.
(22) وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: " كانت الأمة من إماء أهل المدينة ، لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت . (أخرجه البخاري تعليقا في باب الكبر.)
قال العلامة العيني في عمدة القاري (15/224) في شر ح هذا الحديث: قوله " لتأخذ " المراد من الأخذ بيده لازمه وهو الرفق والانقياد، يعنى كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه المرتبة لو كان لأمة حاجة إلى بعض مواضع المدينة وتلتمس منه مساعدتها في تلك الحاجة واحتاجت بأن يمشى معها لقضائها لما تخلف عن ذلك حتى يقضى حاجتها.
قال الحافظ في الفتح (10/559) : "المقصود من الأخذ باليد لازمه وهو الرفق والانقياد، والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة على ذلك, هذا دال على مزيد التواضع وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه وسلم، ويوجد مثله في شرح التاودى على صحيح البخاري ( 5/538)
(23) عن أسماء بنت أبى بكر تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء ، غير فرسه . قالت : فكنت أعلف فرسه ، وأكفيه مؤنته ، وأسوسه ، وأدق النوى لناضحه ، وأعلفه ، وأستقي الماء ، وأخرز غربه ، وأعجن . ولم أكن أحسن أخبز . وكان يخبز لي جارات من الأنصار . وكن نسوة صدق . قالت : وكنت أنقل النوى ، من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي . وهي على ثلثي فرسخ قالت : فجئت يوما والنوى على رأسي . فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه . فدعاني ثم قال " إخ ! إخ " ليحملني خلفه . قالت فاستحييت وعرفت غيرتك . فقال : والله ! لحملك النوى على رأسك أشد من ركوبك معه . قالت : حتى أرسل إلي أبو بكر ، بعد ذلك ، بخادم ، فكفتني سياسة الفرس . فكأنما أعتقتني . (أخرجه البخاري في باب الغيرة ( 5224 ) ومسلم في باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق )
قال العيني في عمدة القاري (14/ 200) : قوله، " ليحملني " أرادت به الارتداف وإنما عرض عليها الركوب لأنها ذات محرم منه لأن عائشة عنده صلى الله عليه وسلم وهى أختها, أو كان ذلك قبل الحجاب كما فعل بأم صبية الجهنية . وقال ابن حجر في الفتح ( 9/267 ) قولها "ليحملني خلفه " كأنها - أي أسماء - فهمت ذلك من قرينة الحال، وإلا فيحتمل أن يكون أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يركبها وما معها ويركب هو شيئا آخر غير ذلك.
وذكر العلامة تقي عثماني في تكملة فتح الملهم ( 6/250) " كنت أنقل النوى من أرض الزبير الخ " أن البخاري ذكر في فرض الخمس تعليقا عن أبى ضمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضا من أموال بنى النضير, وكان في أوائل قدومه المدينة, فيحتمل أن تكون هذه القصة قبل نزول الحجاب , وهو الذي رجحه الحافظ في الفتح ( 9/324) ويحتمل أن تكون أسماء رضي الله تعالى عنها تخرج مراعية لأحكام الحجاب. وقولها "ليحملني خلفه " استدل به النووي على جواز ارتداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق, ولعله أراد ارتدافها على البعير فقط؛ لأن الراكب والرديف في البعير لا يلتقي جسماهما , أما إذا كان الارتداف بالتقاء جسميهما فلا يجيزه أحد. وقال القاضي عياض: " هذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف غيره، فقد أمرنا بالمباعدة من أنفاس الرجال والنساء, وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن لتقتدي به أمته : " قال " وإنما كانت هذه خصوصية له لكونها بنت أبى بكر وأخت عائشة وامرأة للزبير, فكانت كإحدى أهله ونسائه مع ما خص به صلى الله عليه وسلم أنه أملك لإربه وأما إرداف المحارم فجائز بلا خلاف في كل الأحوال.

يأيها النبى قل لازواجك وبناتك ونسائك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيهن ذلك أدنى أن يعرقن فلا يؤذين وكان الله غقور رحيما ( الأحزاب: 59)
قال محمد على الصابوني : "هل الأمر بالحجاب خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أم هو عام؟ الآية الكريمة وردت في شان بيوت النبي صلى الله عليه وسلم خاصة, تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتكريما لشأنه, ولكن الأحكام التي فيها عامة, تعم جميع المؤمنين لأنها آداب اجتماعية وإرشادات إلهية يستوي فيها جميع الناس، فالأمر بعدم الاختلاط بالنساء وبسؤالهن من وراء حجاب ليس قاصرا على أزواج الرسول . ولكنه عام يشمل جميع نساء المسلمين, فإذا كانت نساء الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز الاختلاط بهن ولا النظر إليهن مع أهن أمهات المؤمنين, يحرم الزواج بهن, ولا يجوز سؤالهن إلا من وراء حجاب، فلا شك أن الاختلاط بغير هن من النساء أو التحدث إليهن بدون حجاب, يكون حراما من باب أولى, لأن الفتنة بالنساء متحققة, وكون الحجاب عاما يعم جميع نساء المسلمين تدل عليه الآية الكريمة السابقة, فهل خرجت مؤمنة من هذا الخطاب؟ وهل أمر الحجاب خاص بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ حتى يزعم بعض المضلين, إن الحجاب مفروض على نساء الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر النساء.
* الجلابيب جمع ***اب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة أي يستر جميع بدن المرأة وهو يشبه الملاءة ( الملحفة ) المعروفة في زماننا, وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بال***اب إلا عينا واحدة ليعلم إنهن حرائر, وقد اختار أبو حيان وجها غير الوجه الذي سلكه الجمهور في تفسير هذه الآية الكريمة , فجعل الأمر بالحجاب موجها إلى جميع النساء " الحرائر والإماء "
ونص كلامه : والظاهر إن قوله تعالى :" ونساء المؤمنين " يشمل الحرائر والإماء، والفتنة أكثر لكثرة تصرفهن، بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح و قوله تعالى : أدنى أن يعرفن " أي يعرفن لتسترهن بالعفة، فلا يتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن . لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها. بخلاف المتبرجة فإنها مطموح فيها, وقال محمد على الصابوني : ما اختاره أبو حيان هو الذي نختاره لأنه يحقق غرض الإسلام في التستر والصيانة ) روائع البيان 2 /269-272)
(22)عن سالم بن عبد الله بن عمر الخطاب رضي الله تعالى عنهم أن عبد الله قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها , قال: فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهن. قال: فأقبل عليه عبد الله ، فسبه سبا سيئا ما سمعته سبة مثلها قط . وقال أخبرك عن ر سول الله صلى الله عليه وسلم وتقول والله لنمعنهن . وفى رواية : فهجره ولم يكلم معه حتى لقي الله رواه مسلم (424) وأبو داود (567)
عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما . قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد. فقيل لها : لم تخرجين وقد تعلمين إن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت : وما يمنعه أن ينهاني؟ قال : يمنعه قول ر سول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله, رواه البخاري (900)

قال النووي رحمه الله تعالى : النهي عن منعهن عن الخروج محمول على كراهة تنزيهية, قال البيهقي رحمه الله تعالى: "و به قال كافة العلماء" وقال ابن حجر رحمه الله تعالى قضية كلام النووي في تحقيقه, قال المظهر : خروجهن إلى المسجد في زماننا مكروه, وقال الزركشي رحمه الله تعالى في أحكام المساجد: إنه حيث كان في خروجهن اختلاط بالرجال في المسجد أو طريقه أو قويت خشية الفتنة عليهن لتزينهن وتبرجهن حرام عليهن الخروج , والذين منعوهن من الخروج : منهم عروة والقاسم ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك وأبو يوسف. وقال العيني: "اليوم الفتوى على المنع مطلقا"
قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى : خبر الشيخين عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعنهم " لو أن ر سول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بنى إسرائيل" تأييد لذلك( أي للكراهة )
وقال أيضا: أن خبر البيهقي عن ابن مسعود " نهى النساء عن الخروج إلا عجوزا فى منقلها " أي ثياب بذلتها, يخص به عموم النفي في هذين الحديثين لأن قول الصحابي في هذا في حكم المرفوع.
وتبع قول بلال بن عبد الله العلماءًٌٍَُُُُ في منع خروج النساء ففي الهداية : ولا ينوي الإمام النساء في زماننا (في الصلاة) , وقال ابن الهمام : لأنهن ممنوعات من حضور الجماعات (المرقاة 3/134-149)
قلت والله تعالى أعلم : إن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قد حمل حديث النهي عن المنع على التحريم وانه مجتهد مطلق, وما ذهب إليه الفقهاء أن النهي للتنزيه هو الصحيح والأقوى من حيث الدليل وكذا لا اعتراض على ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في هجر كلامه لأنه حمله على التحريم، فان ترك الكلام لوجه الله لا يتصور في الكراهة تنزيهاً وما ذهب إليه ابن حجر - رحمه الله تعالى- بأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مات بعد قليل, هذا تكلف محض ودعوى بغير دليل.
أحاديث نبوية تمنع من الاختلاط
(1)عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فى قصة خطبة عمر بالجابية ماخلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني )
(2) عن أبى أسيد رضي الله تعالى عنه عن أبيه "أنه سمع ر سول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال : استأخرن فليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليعلق بالجدار من لصوقها به. (أخرجه أبو داود (5272) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (929) وكذا المعلق على التفسير لابن كثير 6/57
(3) حدثنا هارون حدثنا عبد الله بن وهب حدثني داود بن قيس عن عبد الله بن مسعود الأنصاري ( له صحبة ) عن عمته أم حميد، امرأة أبى حميد الساعدي، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت : "يا ر سول الله إني أحب الصلاة معك" قال: " قد علمت إنك تحببين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك
في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي. قال : فأمرت فبنى لها مسجدا في أقصى شيء من بيتها وأظلمه, فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.( رواه احمد -27090)
ورجال الحديث رجال مسلم إلا عبد الله بن وهب فإنه روى عنه البخاري أيضا. أما عبد الله بن سويد قد ذكر البخاري أن له صحبة . فبهذا الاعتبار فإن الحديث صحيح . إلا أن بعض الناس ق خفي عليه أمر ابن سويد الأنصاري فجعل الحديث حسنا. قال السندي رحمه الله تعالى، قوله : "وصلاتك في بيتك " المراد بالبيت المخزن الذي يكون في الحجرة والمراد بالحجرة ما هو أوسع من ذلك. فالحاصل أنه كلما كان المحل أضيق وأستر فصلاة المرأة فيه أولى مما هو أوسع , والله أعلم ( مسند أحمد 45/ 37-38 مؤسسة الرسالة )
(4) عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال : خير مساجد النساء في قعر بيوتهن ( رواه أحمد ورقم الحديث 26542)
قال المعلق على مسند أحمد في هذا الحديث: حديث حسن لشواهده وقال المعلق على " حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة. قد صحح هذا الحديث المذكور الألباني في صحيح الجامع ورقم الحديث( 3327 ) في باب ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ...
(5) عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في دارها وصلاتها في دارها خير من صلاتها خارج (رواه الطبراني في الأوسط /9101)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/37) رجاله رجال الصحيح خلا زيد بن المهاجر فإن أبا حاتم لم يذكر عنه راويا غير ابنه محمد زيد ( الأوسط 6/368 - دار الكتب العلمية ), قال أبو طيب صديق حسن خان بعد ذكر هذا الحديث: رواه الطبراني بأسانيد جيدة ( حسن الأسرة/ 533) حسنه الألباني في صحيح الترغيب (342)
(6) عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : المرأة عورة وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها.( رواه الطبراني في الأوسط/ 2890)
قال الهيثمي في المجمع ( 4/317 ) رجاله رجال الصحيح , معجم الأوسط ( 3/ 163- دار الكتب العلمية)
(7) عن عبد الله رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. ( رواه أبو داود /570) والرقم في العون (566))
قال ابن حجر رحمه الله تعالى : إسناده على شرط مسلم, كذا في (المرقاة 3/136- المكتبة الأشرفية)
(8) عن أم سلمة قالت: شكوت إلى ر سول الله صلى الله عليه وسلم إني أشتكى قال " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة " فطفت و رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بــ "والطور وكتاب مسطور "
(9) عن عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال, قال : كيف تمنعهن وقد طافت نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟ قلت أبعد الحجاب؟ أو قبل؟ قال : أي لعمري , لقد أدركته بعد الحجاب, قلت : كيف يخالطن الرجال ؟ قال: لم تكن يخالطن, كانت عائشة رضي الله تعالى عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت : عنك و أبت, فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ولكن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن، وأخرج الرجال وكنت أتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهى مجاورة في جوف ثبير قلت وما حجابها ؟ قال : هي في قبة تركية لها غشاوة وما بيننا وبينها غير ذلك, ورأيت عليها درعا مورّداً. (رواه البخاري / 1618)
(10) عن عقبة بن عامر إن ر سول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال "الحمو الموت " (رواه البخاري/5232)
(11) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله , امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا وكذا قال " ارجع فحج مع امرأتك . ( رواه البخاري/5233)

قال تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون, و قل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولايبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن (الأية : النور 29-30
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: غض البصر واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة (تفسير القرطبى : 12/186) وقال محمد علي الصابوني : حرمت الشريعة الإسلامية النظر إلى الأجنبيات، فلا يحل لرجل أن ينظر إلى امرأة غير زوجته أو محارمه من النساء. وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: يفيد هذا تحريم النظر إلى شيء من الأجنبيات لغير عذر، فإن كان لعذر مثل أن يريد أن يتزوجها أو يشهد عليها، فإنه ينظر في الحالتين إلى وجهها خاصة فأما النظر إليها لغير عذر فلا يجوز لا لشهوة ولا لغيرها ، سواء في ذلك الوجه والكفان وغيرهما من البدن.
وقد وضح محمد على الصابوني حد العورة بالنسبة للرجل والمرأة فقال بالنسبة لعورة المرأة : أن جميع بدنها عورة على الصحيح، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى قائلا: وكل شيء من المرأة عورة حتى الظفر . ويضيف الصابوني قوله :
إن الأئمة الذين قالوا إن الوجه والكفين ليسا بعورة بشروط عديدة وبفقدان هذه الشروط في هذا العصر الراهن , اتفقوا على حرمة كشف الوجه والكفين، ولم يدع أحد من الأئمة أن كشف الوجه بدعة، حتى ذهب بعض العلماء إلى أنه يجب على نساء المسلمات أو تحتجبن عن النساء الفاسقات اللاتي لاحياء عندهن ولا يعتمد على أخلاقهن.
ولقد أحسن من قال :
إيه عصر العشرين ظنوك عصرا نير الوجوه مسعد الإنسان
لست نورا بل أنت نار وظلم مذ جعلت الإنسان كالحيوان

وقد شدد الشيخ على الصابوني النكير على من يدعو إلى سفور وجه المرأة فقال:
ولقد جعل حظه من السوء من يدعو المرأة إلى أن تسفر عن وجهها وتترك النقاب الذي اعتادت أن تضعه عند الخروج من المنزل وهذه دعوة تطورية جديدة وبدعة حديثة من أناس يدعون العلم ويزعمون الاجتهاد ويريدون أن يثبتوا بآرائهم "العصرية الحديثة " إنهم أهل لأن ينافسوا الأئمة المجتهدين وأن يجتهدوا في الدين كما اجتهد أئمة المذاهب ويكون لهم أنصار وأتباع, ( محمد على الصابوني في روائع البيان ( 2/114-118)، ولقد أجاد الدكتور عائض القرني في مقاله " النفاق الاجتماعي " الذي طلع في الصحيفة الأسبوعية (العالم الإسلامي) العدد (2088) ما نصه: أصبح لكل رمز ديني ( أو سياسي أو وطني ) بطانة يمارسون معه لعبة التضليل والتملق والتزلف والمديح المزيف، فشيخ العلم لديه أتباع من المحبين والمعجبين يخلعون عليه صفات الكمال ويوهمونه بأنه بركة العصر, وحيد الدهر، وشبيه البحر، وأن الله نفع بعلمه العباد والبلاد وان كتبه وفتاويه ودروسه شرقت وغربت فيصدق المسكين ويقع في الفخ ويصاب بداء العجب والتيه فتجد الشيخ مثلا عنده أخطاء كبرى ومغالطات عظمى لكن بطانته يصوبون قوله وفعله حتى يوصله إلى درجة العصمة فيبقى على خطئه ويستمر على أوهام ... انتهى ومن الحقيقة المريرة إن هؤلاء المحبين لم يطلعوا على الفرق بين الحجاب وستر العورة .
حدثنا أبو يمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سليمان بن يسار أخبرني عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم ا نحر خلفه على عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئا فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتى ر سول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها , فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها فقالت : يا رسول الله . إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضى عنه أن أحج عنه ؟ قال نعم (رواه البخاري (6228) ومسلم (1335 )
(2) عن أبى سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والجلوس بالطرقات " فقالوا: يا رسول الله! مالنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها، فقال : إذا أبيتم إلا المجلس, فأعطوا الطريق حقه " قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله! قال غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ( رواه البخاري : 6229 ) و مسلم : 2121)
(3) عن سهل بن سعد الساعدي قال اطلع رجل من حجر في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي مدرى يحك به رأسه فقال : لو أعلم أنك تنتظر لطعنت به في عينك إنما جعل الاستئذان من أجل البصر (رواه البخاري ( 6241) و مسلم (2156)
(4) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما رأيت شيئا أشبه باللمم ، مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان المنطق ، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه (رواه البخاري ( 6243) و مسلم (2657)
(5) عن أبى موسى الأشعرى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعنى: زانية. ( رواه الترمذي ( 2786) وقال حسن صحيح ورواه أبو داود( 4173) والنسائي (5129 )
(6) عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه لا تتبع النظرة النظرة، فان لك الأولى وليست لك الثانية, رواه أبو داود (2147) والترمذي (2777) وحسنه الألباني في صحيح الجامع ( 7953 ).
(7) وعن انس رضي الله عنه، قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بعبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإن غطت به رجليها لم يبلغ رأسها ما تلقاه من التحفظ قال: ليس عليك بأس، إنما هو أبوك وغلامك , رواه أبو داود وصححه الألباني في الإرواء ( 1799) حسن الأسر ة (359)
(8) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرأة عورة فإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان وإنها لا تكون إلى وجه الله أقرب منها في قعر بيتها. ( أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن خزيمة، و صححه الألباني في تعليقه عل صحيح ابن خزيمة.
(9) عن نبهان عن أم سلمة قالت : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة بنت الحارث . فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن امرنا بالحجاب، فدخل علينا فقال: احتجبا منه. فقلنا يا رسول الله! أليس هو أعمى، لا يبصرنا؟ فقال: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ (أخرجه أبو داود( 4112 ) وصححه الترمذي (2778) وابن حجر في ا لفتح ( 1 / 550 , 9/ 337 )
قال الأرناؤوط : إسناده ضعيف لجهالة نبهان ( قلت: المراد بالجهالة جهالة العدالة باطنا وهو المستور، فهو ممن يحتج به، وفوق ذلك فإن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال ابن حجر: مقبول. وهو مولى أم سلمة رضي الله عنها، وبقية الرجال ثقات، رجال الشيخين. وقد اختلف قول الحافظ في هذا الحديث فقال في الفتح (1/550) هو حديث مختلف في صحته. وقال في موضع أخر ( 9/337) : إسناده قوي ( وكذا قال التقى العثماني في فتح الملهم (2/402 ) وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان، وليس بعلة قادحة، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة رضي الله تعالى عنها، ولم يجرحه أحد لا ترد روايته انتهى كلام ابن حجر "
ثم ذكر : وقال الترمذي حديث حسن صحيح, وقد علمت أن نبهان لم يوثقه غير ابن حبان ( قلت قد تعارض قوله هذا بقول : ابن حجر فانه قال فيه " مقبول "( كذا في التقريب : 2/297- دار المعرفة )
أليس هذا توثيقا؟ ومع ذلك فإن الدار قطني جعل حديث نبهان " إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه " غير محفوظ، وهذا يدل على أنه وثق نبهان، فإن غير المحفوظ هو الحديث الذي خالف فيه الثقة لمن هو أولى منه ) وهو معارض بحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم (1480) (41) وأحمد وفيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم", وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها, وبحديث عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنأ أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ( قلت التفضيل فيه إلى ما تأتى ) انتهى كلام الأرناؤوط.
قال أبو حاتم: قوله صلى الله عليه وسلم " أفعمياوان أنتما " لفظة استخبار مرادها الزجر عن نظرهما إلى الرجل الذي كف، وفيه دليل على أن النساء محرم عليهن النظر إلى الرجال, إلا أن يكون لهن بمحرم سواء كانوا مكفوفين أو بصراء ( صحيح ابن حبان (7/ 327 - المكتبة التجارية )
وقد أخرج هذا الحديث الطحاوي رحمه الله في شرح مشكل الآثار (288) واعترض بحديث عائشة، فقال فكان هذا الحديث ( أي حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها ) ما قد دل أن الله عز وجل لما حجب أمهات المؤمنين عن الناس فمنعهم من رؤيتهن بقوله تعالى " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء الحجاب" (الأحزاب 53) أنه قد كان في ذلك حجب الناس عنهن كما حجبهن عن الناس, وأنه حرام عليهن النظر إلى الناس الذين يحرم عليهم النظر إليهن, فدخل في ذلك العميان والبصراء جميعا فتوهم متوهم أن ما في هذا الحديث مما ذكرنا لا ما قد خالف ما في الحديث المروي في أمر عائشة رضي الله تعالى عنها .
(1) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائي وانأ أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية ، فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن.
(2) وعن عائشة رضى الله تعالى عنها: وكان يوما عندي تعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما قال : تنظرين ؟ فقلت: نعم، فاقامني ورائه حذاء خده وهو يقول: دونكم يا بنى أرفدة حتى مللت قال: حسبك , قلت: نعم، قال: اذهبي ( صحيح ) (أخرجه البخارى : 950 / 2907) و(مسلم :892، 17، 892) وأحمد 6/56-57)
(3) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : دخل الحبشة المسجد يلعبون , فقال لى: ياحميراء أتحبين أن نتظري إليهم ؟ فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده ومن قولهم يومئذ : أبا القاسم طيبا, فقال رسول الله صلى االله عليه وسلم: حسبك؟ فقلت يا رسول الله: لاتعجل , فقام : ثم قال حسبك؟ فقلت: لاتعجل، فقام ثم قال:حسبك؟ فقلت: لاتعجل يارسول الله! قالت : ومابي حب النظر إليهم ولكن أحببت ان يبلغ النساء مقامه لي أو مكاني منه .( أخرجه أيضا البخاري :950) ومسلم : 892) وصحح إسناده الحافظ فى الفتح 2/ 255 وقال ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا )
فكان جوابنا له عن ذلك أن ما فى حديث عائشة هذا لم يبن لنا مضادته لحديث أم سلمة وميمونة الذي روينا ه فى الفصل الأول من هذا الباب وكان ما في حديث أم سلمة وميمونة مكشوف المعنى وموقوفا به على أنه كان بعد نزول الحجاب وعلى أن ما فيه مما خاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة وميمونة زوجتيه كان لامرأتين بالغتين قد لحقهما العبادة وكان حديث عائشة وفى حجاب الناس عنهن وليس لأحد أن يحمله على أنه كان بعد نزول الحجاب, فيتكافئان في ذلك, وإذا تكافأ فيه ارتفع. وقد يحتمل أيضا أن يكون ما في حديث عائشة كان وهى حينئذ لم يبلغ مبلغ النساء . بما أشير في الحديث السابق: فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن. إلا أن المتأخرين قد أثبتوا أن عائشة رضي الله عنها كانت بالغة حينئذ فلم يلحقها العبادات, فكان ذلك الذي كان منها كان ولا تعبد عليها ( شرح مشكل الآثار : 1/ 265 -269 - مؤسسة الرسالة )
خلاصة البيان : إن نبهان مقبول وحديثه حجة, وفى حديثه تصريح أن النبي صلى الله عليه وسلم منع أزواجه من رؤية الرجال بعد نزول آية الحجاب, فإذا كان هذه الحال لأمهات المؤمنين فما لغيرهن , فهو بطريق الأولى , ولا يعارض بحدث الحبشة لعدم العلم بالتاريخ اهو قبل الحجاب أو بعده ؟ والظاهر قبل الحجاب , وكذا بحديث فاطمة بنت قيس و لعدم تعيين الوقت وأغرب من قال : إن حديث أم سلمة محمول عل خصوصية نساء الرسول صلى الله عليه وسلم , وأبعد من الصواب بعد أن استدلوا بحديث فاطمة بنت قيس وحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما في جواز نظر المرأة إلى الرجل وقد نسوا أن عائشة رضي ا لله تعالى عنها من أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

صراحة أو إشارة أو اقتضاء:
الآيات القرآنية:
الآية الأولى: ((وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)) سورة الإسراء : 32
الآية الثانية: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ))سورة النور : 19
الآية الثالثة : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) سورة النور: 21
الآية الرابعة : (( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة النور: 31
الآية الخامسة: (( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) سورة الأحزاب: 32
الآية السادسة : (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)) سورة الإسراء : 36
الآية السابعة: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) سورة الأحزاب : 33
الآية الثامنة: (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ )) سورة الأحزاب: 53



الأحاديث النبوية :
(1) عن ابن عمررضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لاتسافر المرأة ثلاثة أيام الا مع ذي محرم ( أخرجه البخاري : 1086 ومسلم : 1338 )
(2) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة (أخرجه البخاري : 1088 و مسلم: 1139 )
(3) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء فقلنا يا رسول الله ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك ( أخرجه الشيخان رقم الحديث للبخاري 5071 ولمسلم 1404 بزيادة, طرفه 4615 )
(4) عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى ا لله عليه وسلم : ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء ( أخرجه الشيخان، رقم الحديث للبخاري 5096 ولمسلم 2740 )
(5) عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها أن ر سول الله صلى عليه وسلم كان عندها وإنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت: فقلت يارسول الله! هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أراه فلانا لعم حفصة من الرضاعة، قالت عائشة: لوكان فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل علي . فقال: نعم الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة (أخرجه الشيخان رقم الحديث للبخاري: 5099 ولمسلم : 1444 وطرفه 2646 )
(6) عن عائشة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك فقالت : إنه أخى فقال : انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة (أخرجه الشيخان، رقم الحديث للبخاري: 5102 ولمسلم : 1455 طرفه 2647 )
(7) عن عائشة أن افلح أخا أبى القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب فأبيت أن آذن له فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته الذي صنعت فأمرني أن آذن له ( أخرجه الشيخان، رقم الحديث للبخاري : 5103 ولمسلم : 1445 وطرفه : 2644 )
(8) عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها وفى البيت مخنث، فقال المخنث: لأخى أم سلمة عبد الرحمن بن أبى أمية أن فتح الله لكم الطائف غدا أدلك على بنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخلن هذا عليكم ( أخرجه الشيخان ، الرقم للبخاري :5235 ولمسلم :2180 وطرفه: 4324)
(9) عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : جاء عمى من الرضاعة فاستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال إنه عمك فأذني له قالت : فقلت يارسول الله إنما ارضعتنى المرأة ولم يرضعنى الرجل قالت فقال ر سول الله صلى الله عليه وسلم: انه عمك فليلج عليك قالت عائشة وذلك بعد أن ضرب علينا الحجاب ( أخرجه البخاري الرقم للبخاري 5235 )
(10) عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت سودة بنت زمعة ليلا فرآها عمر فعرفها فقال إنك والله ياسودة ما تخفين علينا فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له، وهو في حجرتي يتعشى وأن في يده لعرقا فأنزل الله عليه فرفع عنه وهو يقول: قد أذن لكن أن تخرجن لحوائجكن ( أخرجه الشيخان: الرقم للبخار ى 5237 ولمسلم 2170 بزيادة طرفه : 146 )
(11) عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها. ( أخرجه الشيخان ، الرقم للبخاري : 5238 ولمسلم : 442 وطرفه : 864 )
(12) عن عامر الشعبي انه سمع النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن ارتع فيه كان المرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه، وأن لكل ملك حمى وأن حمى الله في الأرض محارمه ( أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم الحديث : 5578) الجزء السابع 7/326 -المكتبة التجارية )
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرأة عورة، فإذا خرجت استشر فها الشيطان. (رواه الترمذي. صحيح , صححه الترمذي وابن حبان والألباني ورقم الحديث:1173)
(13) عن أبى عامر أوأبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى ا له عليه وسلم يقول ليكونن من امتى أقوام يستحلون الحِرَ ( الزنا ) الحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ الآخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة رواه البخاري تعليقا (5590) وصححه العيني والالبانى في صحيح الجامع ( 5466)

(1) عن عائشة رضي الله عنها: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) سورة الممتحنة :10-12
قال عروة قالت عائشة فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتك كلاما يكلمها به , والله ما مست يده يد امرأة قط في ا لمبايعة وما بايعهن إلا بقول ( أخرجه الشيخان : الرقم للبخار ى 2713-2733, 4891-5288-7214 ولمسلم1866 )
(2) عن أمية بنت رقيعة قالت: أتيت النبي صلى ا لله عليه وسلم في نساء لنبايعه فأخذ علينا ما في القران أن لاتشركن بالله شيئا - الآية وقال فيما استطعتن وأطقتن قلنا الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، قلنا يارسول الله ! ألا تصافحنا ؟ قال : إني لا أصافح النساء . إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة .
(3) عن أمية بنت رقيعة : أن النبي صلى ا لله عليه وسلم قال لست أصافح النساء , إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة . رواهما أحمد (27010) صحيح، رجال الشيخين - مؤسسة الرسالة. )
(4) عن عائشة رضي الله عنه: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن: " انطلقن فقد بايعتكن ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه بايعهن بالكلام، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما ( رواه مسلم )
قال ابن حجر رحمه الله : قوله صلى الله عليه وسلم، قد بايعتكن كلاما أي يقول ذلك كلاما فقط لامصافحة باليد كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة (الفتح :8/ 488)
يقول محمد على الصابوني : الروايات كلها تشير إلى أن البيعة كانت بالكلام ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم, أنه صافح النساء قى بيعة أو غير ها، و رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما يمتنع عن مصافحة النساء مع انه المعصوم , فإنما هو تعليم للأمة وإرشاد لها لسلوك طريق الاستقامة.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطاهر, الفاضل الشريف الذي لايشك إنسان في نزاهته وطهارته وسلامة قلبه لا يصافح النساء ويكتفي بالكلام في مبايعتهن مع أن أمر البيعة أمر عظيم الشأن فكيف يباح لغيره من الرجال مصافحة النساء مع أن الشهوة فيهم غالبة ؟ والفتنة غير مأمونة والشيطان يجرى فيهم مجرى الدم ؟ فكيف يزعم بعض الناس أن مصافحة النساء غير محرمة في الشريعة الإسلامية, سبحان الله هذا بهتان عظيم انتهى, (روائع البيان 2/409 -410)
(5) قال عروة ، قالت عائشة رضي الله عنها: فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :"قد بايعتك " كلاما يكلمها به, والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة وما بايعهن إلا بقوله (أخرجه الشيخان رقم الحديث للبخاري 2713 ,2732, 4186, 4891, 5288, ورقم مسلم 1866 )
قال الحافظ في الفتح 13/ 229 : قد أخرج إسحاق بن راهوية بسند حسن عن أسماء بنت يزيد مرفوعا: إني لا أصافح النساء .
(6) وعن معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لان يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خيرله من أن يمس امرأة لا تحل له.
رواه البيهقي والطبراني ورجال الطبراني ثقات، رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع (45- 50 حسن الأسوة 545- دار الاستقامة)

أول من دعا إلى الاختلاط بالنساء في تركيا مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938) قائد تركي ولد في سلانيك, مؤسس الجمهورية بعد إلغاء الخلافة العثمانية و أول رئيس لها( ذ1923 م) قام بإصلاحات اجتماعية على ضوء العلمانية والجمهورية بل أقول على نهج الملة النصرانية ( المحرفة ) حيث أجبر نساء أنقرة، عاصمة تركيا، على نبذ الحجاب وخرجت زوجته سافرة ترتدي مثل ثياب الرجال، وتحرض نساء أنقرة على المطالبة بمساواتهن بالجنس الآخر، وبهذا التحريض خرجت على الأوامر الإلهية, ومن الحقيقة المريرة أن أتاتورك غير كتابة اللغة التركية من الحرف العربي إلى الحرق اللاتيني, بل غير أحوال البلد بأفكاره الفاسدة، فتسبب ذلك فيما بلغت بيئة تركيا هذا اليوم، حتى إنهم يفتخرون بحذوهم حذو الغرب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن القوم قد بلغوا في عريهم وسفورهم حدا يستحيي منه ما في أوروبا من العري والسفور.
وقد شنع عليه بسبب ذلك العلماء والصلحاء والعقلاء بل كل رجل في قلبه ذرة من الإيمان وإليكم نص الدكتور مصطفى حلمي في كتابه " الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية"
" ألم يكفكم بعد مسألة الخلافة ( إلغاء الخلافة العثمانية ) ماقد أفتى مصطفى كمال لنفسه ولحكومته في مسألة اختلاط النساء بالرجال ومقابلتهن بمن يلقين من الرجال بزيهن وزيهم . ولله در السيد رشيد رضا حيث قال في أثناء بحثه عنه ( وقد صرح في مسألة النساء وما سيكون عليه في الأمة التركية الجديدة مالا يرضاه كله رجال الدين والمتدينون ) وقد أمرت حكومته بإزالة الحواجز الفاصلة بين مقاعد الرجال والنساء في الترامات والسفن وسائر المراكب والسينمات والتياتر, فأزيلت, فاستاء الناس منه وسأل عنه بعض النواب فتهكم وزير الداخلية في الجواب قائلا: إن الحكومة لاحظت في رفع الستائر فائدة صحية وكتبت جريدة ( اقشام ) مقالة بتوقيع فالح رفقي بك كاتب تلك الجريدة وأحد النواب ذوي الشأن في مجلس أنقرة يدافع عن الحكومة قائلا: إن الجمهورية التركية ليست بجمهورية إسلامية، وهذه الواقعة محكية أيضا في جريدة (البرق ) البيروتية الصادرة في 25 ك 2 سنة 1924 م )

وتحت هذا العنوان نشرت صحيفة " الجمهورية " بالقاهرة مقالا لصحفية أمريكية تدعى " هلسيان سنانسبرى" فقد قالت هذه الكاتبة الأمريكية بعد أن مكثت شهرا في الجمهورية العربية ما نصه: إن المجتمع العربي مجتمع كامل وسليم , ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسكوا بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول, وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي , فعندكم تقاليد موروثة تحتم تقيد المرأة وتحتم احترام الأب والأم , وتحتم اكثرمن ذلك عدم الإباحية الغربية التي تهدد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا.
أن القيود التي يفرضها المجتمع العربي على الفتاة صالحة ونافعة ولهذا أنصح بأن تمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم, وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة, بل ارجعوا إلى عصر الحجاب. فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجنون أوروبا وأمريكا .
امنعوا الاختلاط، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير , لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعا معقدا , مليئا بكل صور الإباحية والخلاعة وإن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين يملأون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية , أن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار, قد جعلت منه عصابات أحداث , وعصابات " جيمس دين " وعصابات للمخدرات والرقيق إن الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي هدد الأسر وزلزل القيم والاختلاف , فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في ا لمجتمع الحديث, تخالط الشبان وترقص وتشرب الخمر وتتعاطى المخدرات باسم المدينة والحرية والإباحية ... وهى تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها, بل وتتحدى والديها ومدرسيها والمشرفين عليها .... تتحداهم باسم الحرية والاختلاط وتتحداهم باسم الإباحية والانطلاق, تتزوج في دقائق وتطلق بعد ساعات ولا يكفها أكثر من إمضاء عشر ين قرشا وعريس ليلة.
يقول الصابوني : هذا رأى الكاتبة الأمريكية والفضل ما شهدت به الأعداء.... وصدق الله " ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ( سورة الأحزاب 33 ) روائع البيان 2/280 دار الصابوني)
(1) عن معان بن رفاعة بن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال: قال رسول الله صلى ا لله عليه وسلم يرث هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. (تاريخ دمشق 7/27-28 - إحياء دار التراث العلمي العربي )
(2) عن معان بن رفاعة السلمي عن أبى عثمان النهدي عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين, قال الخطيب : حُدثتُ عن عبد العزيز بن جعفر الفقيه, حدثنا أبو بكر الحلال قال : قرأت على زهير بن صالح بن أحمد حدثنا مهنى وهو ابن يحيى قال سألت أحمد يعني ابن حنبل عن حديث معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبدا لرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. فقلت لأحمد كأنه كلام موضوع قال : لا ،هو صحيح. فقلت له : ممن سمعت أنت ؟ قال من غير واحد قلت من هم ؟ قال: حدثني به مسكين إلا أنه يقول : معان بن القاسم بن عبدا لرحمن قال أحمد : معان بن رفاعة لابأس ( تاريخ دمشق 7/ 27 - دار إحياء التراث العربي)
(3) عن انس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى ا لله عليه وسلم قال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ( تاريخ دمشق 57/ 175- 176)
(4) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى ا لله عليه وسلم: يحمل هذا العلم من كل خلف ( من أهل بيتي ) عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين, ( تاريخ دمشق 45/ 165)
وفي الختام يسرني أن أدعو الدكتور أحمد الغامدي – الذي كنا نعرفه رجلا معتدلا ومدافعا عن دين الله – أدعوه لمراجعة أوراقه والتراجع عن رأيه الذي سيغرق الأمة الإسلامية في أوحال الفساد ويقودها إلى مزيد من التفسخ والانحلال.
ألهمنا الله تعالى الصواب في الفكر والعمل ووفقنا لما فيه خير هذه الأمة وصلاحها. وصلى الله تعالى على ****** مصطفي وعلى آله وصحبه أجمعين.

hgv] hg[ldg ugn lh rhgi hg];j,v Hpl] hgyhl]d td Yfhpm hghojgh'










عرض البوم صور طهلب بن مترك   رد مع اقتباس
قديم 03 / 03 / 2013, 14 : 08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طهلب بن مترك المنتدى : الملتقى العام
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 08 / 03 / 2013, 34 : 03 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
أبوفاطمه
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبوفاطمه


البيانات
التسجيل: 04 / 02 / 2009
العضوية: 20615
المشاركات: 4,923 [+]
بمعدل : 0.89 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 679
نقاط التقييم: 48
أبوفاطمه is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
أبوفاطمه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طهلب بن مترك المنتدى : الملتقى العام
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذه المادة الطيبة









عرض البوم صور أبوفاطمه   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى العام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018