أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > ملتقيات السيرة النبويه والاحاديث الشريفه > ملتقى السيرة النبويه

ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: لأول مرة الشيخ / محمد عبدالوهاب الطنطاوى - الفتح والانشقاق - أمسية من تمى الأمديد دقهلية الأربعاء 4شوال 1433هـ- 22 أغسطس 2012م (آخر رد :رفعـت)       :: صلاة العشاء للشيخ صلاح البدير الأربعاء 15 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ أحمد بن طالب حميد الأربعاء 15 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ د. بندر بليلة الأربعاء 15 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ د. بندر بليلة الأربعاء 15 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن أحمد الأنصاري الأربعاء 15 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن إبراهيم المدني الأربعاء 15 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان المغرب للمؤذن عادل كاتب الأربعاء 15 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان المغرب للمؤذن توفيق خوج الأربعاء 15 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن محمد ماجد حكيم الأربعاء 15 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طويلب علم مبتدئ مشاركات 6 المشاهدات 1791  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 04 / 03 / 2013, 00 : 06 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
بسم الله الرحمن الرحيم


ملخص عن كتاب:
الرحيق المختوم ** يتناول هذا الكتاب دراسة للسيرة النبوية في عهديها المكي والمدني دراسة تفصيلية بأسلوب عصري وجيز، وقد حاز هذا الكتاب على المركز الأول في مسابقة السيرة النبوية العالمية التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي عام 1396هـ

المؤلف


صفي الرحمن مباركفوري أحد علماء علم الحديث في الهند تميز بعلمه الغزير وتواضعه الجم، و قد شارك في ندوات ومحاضرات في مختلف أرجاء الهند وفى الولايات المتحدة والسعوديه وكثير من الدول الأخرى. عمل بالجامعه الإسلامية بالمدينة المنورة (1988-1998) ولد بقرية بشرية حسين آباد - مقاطعة أعظم كده عام (4 يونيو 1943) وتوفي في (4 ديسمبر 2006).

يتبع سوف نبدئ اول حلقة في مقدمة الكتاب بأذن الله

rvhxm g;jhf hgvpdr hgloj,l










عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 07 / 03 / 2013, 55 : 12 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : ملتقى السيرة النبويه

العرب، الأرض والشعب، الحكم والاقتصاد، الديانة والاجتماع


موقع العرب وأقوامها
إن السيرة النبوية ـ على صاحبها الصلاة والسلام ـ هي في الحقيقة عبارة عن الرسالة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المجتمع البشرى قولًا وفعلًا، وتوجيها وسلوكًا، وقلب بها موازين الحياة، فبدل مكان السيئة الحسنة، وأخرج بها الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة اللّه، حتى عدل خط التاريخ وَغيَّر مجرى الحياة في العالم الإنساني، ولا يتم إحضار هذه الصورة الرائعة إلا بعد المقارنة بين البيئة التي سبقت هذه الرسالة وبين ما آلت إليه بعدها‏.‏
وهذا يقتضي تقديم فصول موجزة عن أقوام العرب وتطوراتها قبل الإسلام، وعن تاريخ الحكومات والإمارات والنظم القبلية التي كانت سائدة في ذلك الزمان، مع صور من الديانات والمِلَل والنِّحَل والعادات والتقاليد، والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية‏.‏
وقد خصصنا لكل من ذلك هذا الباب، وإليكم تلك الفصول‏:‏

موقع العرب
كلمة العرب تنبيء عن الصحارى والقِفَار، والأرض المُجْدِبة التي لا ماء فيها ولا نبات‏.‏ وقد أطلق هذا اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب، كما أطلق على قوم قَطَنُوا تلك الأرض واتخذوها موطنا لهم‏.‏
وجزيرة العرب يحدها غربًا البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء، وشرقًا الخليج العربى وجزء من بلاد العراق الجنوبية، وجنوبًا بحر العرب الذي هو امتداد لبحر الهند، وشمالًا بلاد الشام وجزء من بلاد العراق، على اختلاف في بعض هذه الحدود، وتقدر مساحتها ما بين مليون ميل مربع إلى مليون وثلاثمائة ألف ميل مربع‏.‏
ولجزيرة العرب أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والجغرافي؛ فإنها في وضعها الداخلي محاطة بالصحاري والرمال من كل جانب؛ ولأجل هذا الوضع صارت الجزيرة حصنًا منيعًا لم يستطع الأجانب أن يحتلوها ويبسطوا عليها سيطرتهم ونفوذهم‏.‏ ولذلك نرى سكان الجزيرة أحرارًا في جميع الشئون منذ أقدم العصور، مع أنهم كانوا مجاورين لإمبراطوريتين عظيمتين لم يكونوا يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع‏.‏
وأما بالنسبة إلى الخارج فإنها تقع بين القارات المعروفة في العالم القديم، وتلتقى به برًا وبحرًا، فإن ناحيتها الشمالية الغربية باب للدخول في قارة إفريقية، وناحيتها الشمالية الشرقية مفتاح لقارة أوربا، والناحية الشرقية تفتح أبواب العجم؛ ومن ثم آسيا الوسطى وجنوبها والشرق البعيد، وكذلك تلتقي كل قارة بالجزيرة بحرًا، وترسى سفنها وبواخرها على ميناء الجزيرة رأسًا‏.‏
ولأجل هذا الوضع الجغرافي كان شمال الجزيرة وجنوبها موئلًا للأمم، ومركزًا لتبادل التجارة، والثقافة، والديانة، والفنون‏.‏
أقوام العرب
وأما أقوام العرب فقد قسمها المؤرخون إلى ثلاثة أقسام؛ بحسب السلالات التي ينحدرون منها‏:‏
1 ـ العرب البائدة‏:‏ وهم العرب القدامى الذين انقرضوا تمامًا ولم يمكن الحصول على تفاصيل كافية عن تاريخهم، مثل‏:‏ عاد، وثمود، وطَسْم، وجَدِيس، وعِمْلاق، وأُمَيْم، وجُرْهُم، وحَضُور، ووَبـَـار، وعَبِيل، وجاسم، وحَضْرَمَوت، وغيرها‏.‏
2 ـ العرب العاربة‏:‏ وهم العرب المنحدرة من صلب يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطان، وتسمى بالعرب القحطانية‏.‏
3 ـ العرب المستعربة‏:‏ وهي العرب المنحدرة من صلب إسماعيل عليه السلام، وتسمى بالعرب العدنانية‏.‏
أما العرب العاربة ـ وهي شعب قحطان ـ فمَهْدُها بلاد اليمن، وقد تشعبت قبائلها وبطونها من ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان‏.‏ فاشتهرت منها قبيلتان‏:‏ حِمْيَر بن سبأ، وكَهْلان بن سبأ، وأما بقية بنى سبأ ـ وهـم أحـد عشـر أو أربعة عشـر بطنًا ـ فيقال لهم‏:‏ السبئيون، وليست لهم قبائل دون سبأ‏.‏
أ ـ فأما حمير فأشهر بطونها‏:‏
1 ـ قُضَاعة‏:‏ ومنها بَهْراء وَبِلىٌّ والقَيْن وكَلْب وعُذْرَة ووَبَرَة‏.‏
2 ـ السَّكاسِك‏:‏ وهـم بنو زيـد بـن وائلة بن حمير، ولقب زيد‏:‏ السكاسك، وهي غير سكاسك كِنْدة الآتية في بنى كَهْلان‏.‏
3 ـ زيــد الجمهــور‏:‏ ومنها حمير الأصغر، وسبأ الأصغر، وحضور، وذو أصبح‏.‏
ب ـ وأما كَهْلان فأشهر بطونها‏:‏
هَمْدان، وألْهَان، والأشْعَر، وطيئ، ومَذْحِج ‏[‏ومن مذحج‏:‏ عَنْس والنَّخْع‏]‏، ولَخْم ‏[‏ومن لخم‏:‏ كندة، ومن كندة‏:‏ بنو معاوية والسَّكُون والسكاسك‏]‏، وجُذَام، وعاملة، وخَوْلان، ومَعَافِر، وأنمار ‏[‏ومن أنمار‏:‏ خَثْعَم وبَجِيلَةَ، ومن بجيلة‏:‏ أحْمَس‏]‏ والأزْد، ‏[‏ومن الأزد‏:‏ الأوس، والخزرج، وخُزَاعة، وأولاد جَفْنَة ملوك الشام المعروفون بآل غسان‏]‏‏.‏
وهاجرت بنو كهلان عن اليمن، وانتشرت في أنحاء الجزيرة، يقال‏:‏ كانت هجرة معظمهم قبيل سَيْل العَرِم حين فشلت تجارتهم لضغط الرومان وسيطرتهم على طريق التجارة البحرية، وإفسادهم طريق البر بعد احتلالهم بلاد مصر والشام‏.‏
ويقال‏:‏ بل إنهم هاجروا بعد السيل حين هلك الحرث والنسل بعد أن كانت التجارة قد فشلت، وكانوا قد فقدوا كل وسائل العيش، ويؤيده سياق القرآن ‏{‏لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ‏}‏ ‏[‏سورة سبأ‏:‏15‏:‏ 19‏]‏
ولا غرو إن كانت هناك ـ عدا ما تقدم ـ منافسة بين بطون كهلان وبطون حمير أدت إلى جلاء كهلان، فقد يشير إلى هذا بقاء حمير مع جلاء كهلان‏.‏
ويمكن تقسيم المهاجرين من بطون كهلان إلى أربعة أقسام‏:‏
1 ـ الأزْد‏:‏
وكانت هجرتهم على رأى سيدهم وكبيرهم عمران بن عمرو مُزَيْقِياء، فساروا يتنقلون في بلاد اليمن ويرسلون الرواد، ثم ساروا بعد ذلك إلى الشمال والشرق‏.‏ وهاك تفصيل الأماكن التي سكنوا فيها بعد الرحلة نهائيًا‏:‏
نزل عمران بن عمرو في عُمَان، واستوطنها هو وبنوه، وهم أزْد عُمَان‏.‏
واستوطنت بنو نصر بن الأزد تُهامة، وهم أزد شَنُوءة‏.‏
وعَطَف ثَعْلَبة بن عمرو مزيقياء نحو الحجاز، فأقام بين الثعلبية وذى قار، ولما كبر ولده وقوى ركنه سار نحو المدينة، فأقام بها واستوطنها، ومن أبناء ثعلبة هذا‏:‏ الأوس والخزرج، ابنا حارثة بن ثعلبة‏.‏
وتنقل منهم حارثة بن عمرو ـ وهو خزاعة ـ وبنوه في ربوع الحجاز، حتى نزلوا بمر الظهران، ثم افتتحوا الحرم فقطنوا مكة وأجلوا سكانها الجراهمة‏.‏
وسار جَفْنَة بن عمرو إلى الشام فأقام بها هو وبنوه، وهو أبو الملوك الغساسنة؛ نسبة إلى ماء في الحجاز يعرف بغسان، كانوا قد نزلوا بها أولًا قبل انتقالهم إلى الشام‏.‏
وانضمت البطون الصغيرة إلى هذه القبائل في الهجرة إلى الحجاز والشام، مثل كعب بن عمرو، والحارث بن عمرو، وعوف بن عمرو‏.‏
2 ـ لَخْم وجُذَام‏:‏
انتقلوا إلى الشرق والشمال، وكان في اللخميين نصر بن ربيعة أبو الملوك المناذرة بالحيرة‏.‏
3 ـ بنو طَيِّئ‏:‏
ساروا بعد مسير الأزد نحو الشمال حتى نزلوا بالجبلين أجأ وسلمى، وأقاموا هناك، حتى عرف الجبلان بجبلى طيئ‏.‏
4 ـ كِنْدة‏:‏
نزلوا بالبحرين، ثم اضطروا إلى مغادرتها فنزلوا بـ‏[‏حضرموت‏]‏، ولاقـوا هنـاك ما لاقوا بالبحرين، ثم نزلوا نجدًا، وكونوا هناك دولة كبيرة الشأن، ولكنها سرعان ما فنيت وذهبت آثارها‏.‏
وهناك قبيلة من حمير مع اختلاف في نسبتها إليه ـ وهي قضاعة ـ هجرت اليمن واستوطنت بادية السماوة من مشارف العراق، واستوطن بعض بطونها مشارف الشام وشمالي الحجاز‏.‏
وأما العرب المستعربة، فأصل جدهم الأعلى ـ وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام ـ من بلاد العراق، من مدينة يقال لها‏:‏ ‏[‏أر‏]‏ على الشاطئ الغربي من نهر الفرات، بالقرب من الكوفة، وقد جاءت الحفريات والتنقيبات بتفاصيل واسعة عن هذه المدينة، وعن أسرة إبراهيم عليه السلام، وعن الأحوال الدينية والاجتماعية في تلك البلاد‏.‏
ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام هاجر منها إلى حاران أو حَرَّان، ومنها إلى فلسطين، فاتخذها قاعدة لدعوته، وكانت له جولات في أرجائها وأرجاء غيرها من البلاد، وفي إحدى هذه الجولات أتى إبراهيم عليه السلام على جبار من الجبابرة، ومعه زوجته سارة، وكانت من أحسن النساء، فأراد ذلك الجبار أن يكيد بها، ولكن سارة دعت اللّه تعالى عليه فرد اللّه كيده في نحره، وعرف الظالم أن سارة امرأة صالحة ذات مرتبة عالية عند اللّه، فأخدمها هاجر اعترافًا بفضلها، أو خوفًا من عذاب اللّه، ووهبتها سارة لإبراهيم عليه السلام‏.‏
ورجع إبراهيم عليه السلام إلى قاعدته في فلسطين، ثم رزقه اللّه تعالى من هاجر ابنه إسماعيل، وصار سببًا لغيرة سارة حتى ألجأت إبراهيم إلى نفي هاجر مع ولدهـا الرضيـع ـ إسماعيل ـ فقدم بهما إبراهيم عليه السلام إلى الحجاز، وأسكنهما بواد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم الذي لم يكن إذ ذاك إلا مرتفعًا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فوضعهما عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ورجع إلى فلسطين، ولم تمض أيام حتى نفد الزاد والماء، وهناك تفجرت بئر زمزم بفضل اللّه، فصارت لهما قوتا وبلاغًا إلى حين‏.‏ والقصة معروفة بطولها‏.‏
وجاءت قبيلة يمانية ـ وهي جُرْهُم الثانية ـ فقطنت مكة بإذن من أم إسماعيل‏.‏ يقال‏:‏ إنهم كانوا قبل ذلك في الأودية التي بأطراف مكة، وقد صرحت رواية البخاري أنهم نزلوا مكة بعد إسماعيل، وقبل أن يشب، وأنهم كانوا يمرون بهذا الوادى قبل ذلك‏.‏
وكان إبراهيم عليه السلام يرتحل إلى مكة ليطالع تركته بها، ولا يعلم بالضبط عدد هذه الرحلات، إلا أن المصادر المعتمدة حفظت لنا أربعة منها‏:‏
1 ـ فقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنه أرى إبراهيم في المنام أنه يذبح إسماعيل، فقام بامتثال هذا الأمر‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏103‏:‏ 107‏]‏
وقد ذكر في سِفْر التكوين أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة، وسياق القصة يدل على أنها وقعت قبل ميلاد إسحاق؛ لأن البشارة بإسحاق ذكرت بعد سرد القصة بتمامها‏.‏
وهذه القصة تتضمن رحلة واحدة ـ على الأقل ـ قبل أن يشب إسماعيل، أما الرحلات الثلاث الأخر فقد رواها البخاري بطولها عن ابن عباس مرفوعًا، وملخصها‏:‏
2ـ أن إسماعيل عليه السلام لما شب وتعلم العربية من جُرْهُم، وأنفسهم وأعجبهم زوجوه امرأة منهم، وماتت أمـه، وبدا لإبراهيم أن يطالع تركته، فجاء بعد هذا الزواج، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه وعن أحوالهما، فشكت إليه ضيق العيش فأوصاها أن تقول لإسماعيل أن يغير عتبة بابه، وفهم إسماعيل ما أراد أبوه، فطلق امرأته تلك وتزوج امرأة أخرى ‏[‏وهي ابنة مُضَاض بن عمرو، كبير جرهم وسيدهم على قول الأكثر‏]‏‏.‏
3 ـ وجاء إبراهيم عليه السلام مرة أخرى بعد أن تزوج إسماعيل هذه الزوجة الثانية، فلم يجده فرجع إلى فلسطين بعد أن سأل زوجته عنه وعن أحوالهما، فأثنت على اللّه بخير، فأوصى إلى إسماعيل أن يُثَبِّتَ عَتَبَة بابه‏.‏
4 ـ ثم جاء إبراهيم عليه السلام بعد ذلك فلقى إسماعيل، وهو يَبْرِى نَبْلا له تحت دوحة قريبًا من زمزم، فلما رآه قام إليه فصنع كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، وكان لقاؤهما بعد فترة طويلة من الزمن، قلما يصبر فيها الأب الكبير الأواه العطوف عن ولده، والوالد البار الصالح الرشيد عن أبيه، وفي هذه المرة بنيا الكعبة، ورفعا قواعدها، وأذَّن إبراهيم في الناس بالحج كما أمره الله‏.‏
وقد رزق الله إسماعيل من ابنة مُضَاض اثنى عشر ولدًا ذكرًا،وهم‏:‏ نابت أو نبايوط،وقَيْدار، وأدبائيل، ومِِبْشام، ومِشْماع، ودوما، ومِيشا، وحدد، وتيما، ويَطُور، ونَفيس، وقَيْدُمان‏.‏
وتشعبت من هؤلاء اثنتا عشرة قبيلة، سكنت كلها في مكة مدة من الزمان، وكانت جل معيشتهم إذ ذاك التجارة من بلاد اليمن إلى بلاد الشام ومصر، ثم انتشرت هذه القبائل في أرجاء الجزيرة بل وإلى خارجها، ثم أدرجت أحوالهم في غياهب الزمان، إلا أولاد نابت وقيدار‏.‏
وقد ازدهرت حضارة الأنباط ـ أبْناء نابت ـ في شمال الحجاز، وكونوا دولة قوية عاصمتها البتراء ـ المدينة الأثرية القديمة المعروفة في جنوب الأردن، وقد دان لهذه الدولة النبطية من بأطرافها، ولم يستطع أحد أن يناوئها حتى جاء الرومان وقضوا عليها‏.‏
وقد جنحت طائفة من المحققين من أهل العلم بالأنساب إلى أن ملوك آل غسان وكذا الأنصار من الأوس والخزرج إنما كانوا من آل نابت بن إسماعيل، وبقاياهم في تلك الديار‏.‏
وإليه مال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه، فقد عقد بابًا عنوانه‏:‏ ‏[‏نسبة اليمن إلى إسماعيل عليه السلام‏]‏، واستدل عليه ببعض الأحاديث، ورجح الحافظ ابن حجر في شرحه أن قحطان من آل نابت بن إسماعيل عليه السلام‏.‏
وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناؤه بمكة، يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده مَعَدّ، ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها‏.‏ وعدنان هو الجد الحادى والعشرون في سلسة النسب النبوى، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا انتسب فبلغ عدنان يمسك ويقول‏:‏ ‏(‏كذب النسابون‏)‏، فلا يتجاوزه، وذهب جمع من العلماء إلى جواز رفع النسب فوق عدنان؛ مضعفين للحديث المشار إليه، ولكنهم اختلفوا في هذا الجزء من النسب اختلافا لا يمكن الجمع بين أقوالهم، وقد مال المحقق الكبير العلامة القاضى محمد سليمان المنصورفورى ـ رحمه الله ـ إلى ترجيح ما ذكره ابن سعد ـ والذي ذكره الطبرى والمسعودى وغيرهما في جملة الأقوال ـ وهو أن بين عدنان وبين إبراهيم عليه السلام أربعين أبا بالتحقيق الدقيق‏.‏ وسيأتى‏.‏
وقد تفرقت بطون مَعَدّ من ولده نَزَار ـ قيل‏:‏ لم يكن لمعد ولد غيره ـ فكان لنزار أربعة أولاد، تشعبت منهم أربعة قبائل عظيمة‏:‏ إياد وأنمار وربيعة ومُضَر، وهذان الأخيران هما اللذان كثرت بطونهما واتسعت أفخاذهما، فكان من ربيعة‏:‏ ضُبَيْعَة وأسد، ومن أسد‏:‏ عَنْزَة وجَدِيلة، ومن جديلة‏:‏ القبائل الكثيرة المشهورة مثل‏:‏ عبد القيس، والنَّمِر، وبنو وائل الذين منهم بكر وتَغْلِب، ومن بنى بكر‏:‏ بنو قيس وبنو شيبان وبنو حنيفة وغيرها‏.‏ أما عنزة فمنها آل سعود ملوك المملكة العربية السعودية في هذا الزمان‏.‏
وتشعبت قبائل مضر إلى شعبتين عظيمتين‏:‏ قَيْس عَيْلان بن مضر، وبطون إلياس ابن مضر، فمن قيس عيلان‏:‏ بنو سليم، وبنو هوازن، وبنو ثقيف، وبنو صَعْصَعَة، وبنو غَطَفان‏.‏ ومن غطفان‏:‏ عَبْس، وذُبْيان، وأشْجَع،وأعْصُر‏.‏
ومن إلياس بن مُضَر‏:‏ تميم بن مرة، وهُذَيْل بن مُدرِكة، وبنو أسد بن خزيمة، وبطون كنانة بن خزيمة، ومن كنانة قريش، وهم أولاد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة‏.‏
وانقسمت قريش إلى قبائل شتى، من أشهرها‏:‏ جُمَح وسَهْم وعَدِىّ ومخزوم وتَيْم وزُهْرَة، وبطون قُصَىّ بن كلاب، وهي‏:‏ عبد الدار بن قصى،وأسد بن عبد العزى بن قصى، وعبد مناف بن قصى‏.‏
وكان من عبد مناف أربع فصائل‏:‏ عبد شمس، ونَوْفَل، والمطلب، وهاشم، وبيت هاشم هو الذي اصطفي الله منه سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله اصطفي من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفي من ولد إسماعيل بنى كنانة، واصطفي من بنى كنانة قريشًا، واصطفي من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم‏)‏‏.‏
وعن العباس بن عبد المطلب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني من خير القبيلة، ثم تخير البيوت، فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا وخيرهم بيتًا‏)‏‏.‏ وفي لفظ عنه‏:‏ ‏(‏إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتًا فجعلني في خيرهم بيتًا وخيرهم نفسًا‏)‏‏.‏
ولما تكاثر أولاد عدنان تفرقوا في أنحاء شتى من بلاد العرب متتبعين مواقع القطر ومنابت العشب‏.‏
فهاجرت عبد القيس، وبطون من بكر بن وائل، وبطون من تميم إلى البحرين فأقاموا بها‏.‏
وخرجت بنو حنيفة بن على بن بكر إلى اليمامة فنزلوا بحُجْر، قَصَبة اليمامة، وأقامت سائر بكر بن وائل في طول الأرض من اليمامة إلى البحرين إلى سيف كاظمة إلى البحر، فأطراف سواد العراق فالأُبُلّةُ فَهِيت‏.‏
وأقامت تغلب بالجزيرة الفراتية، ومنها بطون كانت تساكن بَكْرًا‏.‏وسكنت بنو تميم ببادية البصرة‏.‏
وأقامت بنو سليم بالقرب من المدينة، من وادي القرى إلى خيبر إلى شرقي المدينة إلى حد الجبلين، إلى ما ينتهي إلى الحرة‏.‏
وسكنت بنو أسد شرقي تيماء وغربي الكوفة، بينهم وبين تيماء ديار بُحْتُرٍ من طيئ، وبينهم وبين الكوفة خمس ليال‏.‏
وسكنت ذبيان بالقرب من تيماء إلى حوران، وبقى بتهامة بطون كنانة، وأقام بمكة وضواحيها بطون قريش، وكانوا متفرقين لا تجمعهم جامعة حتى نبغ فيهم قصيِّ ابن كلاب، فجمعهم، وكون لهم وحدة شرفتهم ورفعت من أقدارهم‏.‏









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 07 / 03 / 2013, 04 : 04 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
اخي ******
طويلب
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 08 / 03 / 2013, 10 : 08 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
النسب والمولد والنشأة

نسب النبي صلى الله عليه وسلم وأسرته

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

نسب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أجزاء‏:‏ جزء اتفق عليه كافة أهل السير والأنساب، وهو الجزء الذي يبدأ منه صلى الله عليه وسلم وينتهي إلى عدنان‏.‏
وجزء آخر كثر فيه الاختلاف، حتى جاوز حد الجمع والائتلاف، وهو الجزء الذي يبدأ بعد عدنان وينتهي إلى إبراهيم عليه السلام فقد توقف فيه قوم، وقالوا‏:‏ لا يجوز سرده، بينما جوزه آخرون وساقوه‏.‏ ثم اختلف هؤلا المجوزون في عدد الآباء وأسمائهم، فاشتد اختلافهم وكثرت أقوالهم حتى جاوزت ثلاثين قولًا، إلا أن الجميع متفقون على أن عدنان من صريح ولد إسماعيل عليه السلام‏.‏
أما الجزء الثالث فهو يبدأ من بعد إبراهيم عليه السلام وينتهي إلى آدم عليه السلام، وجل الاعتماد فيه على نقل أهل الكتاب، وعندهم فيه من بعض تفاصـيل الأعمـار وغيرهـا ما لا نشك في بطلانه، بينما نتوقف في البقية الباقية‏.‏
وفيما يلى الأجزاء الثلاثة من نسبه الزكى صلى الله عليه وسلم بالترتيب ‏:‏
الجزء الأول ‏:‏ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ـ واسمه شَيْبَة ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قُصَىّ ـ واسمه زيد ـ بن كِلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فِهْر ـ وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة ـ بن مالك بن النَّضْر ـ واسمه قيس ـ بن كِنَانة بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكة ـ واسمه عامـر ـ بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عدنان‏.‏
الجزء الثانى ‏:‏ ما فوق عدنان، وعدنان هو ابن أُدَد بن الهَمَيْسَع بن سلامان بن عَوْص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخى بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حَمْدان بن سنبر بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن أرعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد ابن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمى بن مزى بن عوضة بن عرام بن قيدار ابن إسماعيل بن إيراهيم عليهما السلام‏.‏
الجزء الثالث ‏:‏ ما فوق إبراهيم عليه السلام، وهو ابن تارَح ـ واسمه آزر ـ بن ناحور بن ساروع ـ أو ساروغ ـ بن رَاعُو بن فَالَخ بن عابر بن شَالَخ بن أرْفَخْشَد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن مَتوشَلخَ بن أَخْنُوخ ـ يقال ‏:‏ هو إدريس النبي عليه السلام ـ بن يَرْد بن مَهْلائيل بن قينان بن أنُوش بن شِيث بن آدم ـ عليهما السلام‏.‏



أسرة النبوية
تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية ـ نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف ـ وإذن فلنذكر شيئًا من أحوال هاشم ومن بعده ‏:‏

1 ـ هاشم ‏:‏
قد أسلفنا أن هاشمًا هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين تصالح بنو عبد مناف وبنو عبد الدار على اقتسام المناصب فيما بينهما، وكان هاشم موسرًا ذا شرف كبير، وهو أول من أطعم الثريد للحجاج بمكة، وكان اسمه عمرو فما سمى هاشمًا إلا لهشمه الخبز، وهو أول من سن الرحلتين لقريش، رحلة الشتاء والصيف، وفيه يقول الشاعر ‏:‏
عمرو الذي هَشَمَ الثريدَ لقومه ** قَــومٍ بمـكــة مُسِْنتِيــن عِجَــافِ
سُنَّتْ إليه الرحلتان كلاهـمــا ** سَفَرُ الشتاء ورحلة الأصياف
ومن حديثه أنه خرج إلى الشام تاجرًا، فلما قدم المدينة تزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدى بن النجار وأقام عندها، ثم خرج إلى الشام ـ وهي عند أهلها قد حملت بعبد المطلب ـ فمات هاشم بغزة من أرض فلسطين، وولدت امرأته سلمى عبد المطلب سنة 497 م، وسمته شيبة؛ لشيبة كانت في رأسه، وجعلت تربيه في بيت أبيها في يثرب، ولم يشعر به أحد من أسرتـه بمكـة، وكان لهاشم أربعة بنين وهم‏:‏ أسد وأبو صيفي ونضلة وعبد المطلب‏.‏ وخمس بنات وهن‏:‏ الشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقية، وجنة‏.‏

2 ـ عبـد المطلب ‏:‏
قد علمنا مما سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه المطلب بن عبد مناف ‏[‏وكان شريفًا مطاعًا ذا فضل في قومه، كانت قريش تسميه الفياض لسخائه‏]‏ لما صار شيبة ـ عبد المطلب ـ وصيفًا أو فوق ذلك ابن سبع سنين أو ثماني سنين سمع به المطلب‏.‏ فرحل في طلبه، فلما رآه فاضت عيناه، وضمه، وأردفه على راحلته فامتنع حتى تأذن له أمه، فسألها المطلب أن ترسله معه، فامتنعت، فقال ‏:‏ إنما يمضى إلى ملك أبيه وإلى حرم الله فأذنت له، فقدم به مكة مردفه على بعيره، فقال الناس‏:‏ هذا عبد المطلب، فقال‏:‏ ويحكم، إنما هو ابن أخى هاشم، فأقام عنده حتى ترعرع، ثم إن المطلب هلك بـ ‏[‏دمان‏]‏ من أرض اليمن، فولى بعده عبد المطلب، فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم،وشرف في قومه شرفًا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم‏.‏
ولما مات المطلب وثب نوفل على أركاح بد المطلب فغصبه إياها، فسأل رجالًا من قريش النصرة على عمه، فقالوا‏:‏ لا ندخل بينك وبين عمك، فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتًا يستنجدهم، فسار خاله أبو سعد بن عدى في ثمانين راكبًا، حتى نزل بالأبطح من مكة، فتلقاه عبد المطلب، فقال‏:‏ المنزل يا خال، فقال‏:‏ لا والله حتى ألقى نوفلًا، ثم أقبل فوقف على نوفل، وهو جالس في الحجر مع مشايخ قريش، فسل أبو سعد سيفه وقال‏:‏ ورب البيت، لئن لم ترد على ابن أختى أركاحه لأمكنن منك هذا السيف، فقال‏:‏ رددتها عليه، فأشهد عليه مشايخ قريش، ثم نزل على عبد المطلب، فأقام عنده ثلاثًا، ثم اعتمر ورجع إلى المدينة‏.‏ فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم‏.‏ ولما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا‏:‏ نحن ولدناه كما ولدتموه، فنحن أحق بنصره ـ وذلك أن أم عبد مناف منهم ـ فدخلوا دار الندوة وحالفوا بني هاشم على بني عبد شمس ونوفل، وهذا الحلف هو الذي صار سببًا لفتح مكة كما سيأتى‏.‏
ومن أهم ما وقع لعبد المطلب من أمور البيت شيئان‏:‏

حفر بئر زمزم ووقعة الفيل
وخلاصة الأول‏:‏ أنه أمر في المنام بحفر زمزم ووصف له موضعها، فقام يحفر، فوجد فيه الأشياء التي دفنها الجراهمة حين لجأوا إلى الجلاء، أي السيوف والدروع والغزالين من الذهب، فضرب الأسياف بابًا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين صفائح من ذهب، وأقام سقاية

زمزم للحجاج‏.‏
ولما بدت بئر زمزم نازعت قريش عبد المطلب، وقالوا له ‏:‏ أشركنا‏.‏قال‏:‏ ما أنا بفاعل، هذا أمر خصصت به، فلم يتركوه حتى خرجوا به للمحاكمة إلى كاهنة بني سعد هُذَيْم، وكانت بأشراف الشام، فلما كانوا في الطريق، ونفد الماء سقى الله عبد المطلب مطرًا، م ينزل عليهم قطرة، فعرفوا تخصيص عبد المطلب بزمزم ورجعـوا، وحينئذ نذر عبد المطلب لئن آتاه الله عشرة أبناء، وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة‏.‏
وخلاصة الثانى‏:‏ أن أبرهة بن الصباح الحبشى، النائب العام عن النجاشى على اليمن، لما رأي العرب يحجون الكعبة بني كنيسة كبيرة بصنعاء، وأراد أن يصرف حج العرب إليها، وسمع بذلك رجل من بني كنانة، فدخلها ليلًا فلطخ قبلتها بالعذرة‏.‏ ولما علم أبرهة بذلك ثار غيظه، وسار بجيش عرمرم ـ عدده ستون ألف جندى ـ إلى الكعبة ليهدمها، واختار لنفسه فيلا من أكبر الفيلة، وكان في الجيش 9 فيلة أو 13 فيلا، وواصل سيره حتى بلغ المُغَمَّس، وهناك عبأ جيشه وهيأ فيله، وتهيأ لدخول مكة، فلما كان في وادى مُحَسِّر بين المزدلفة ومنى برك الفيل، ولم يقم ليقدم إلى الكعبة، وكانوا كلما وجهوه إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق يقوم يهرول، وإذا صرفوه إلى الكعبة برك، فبيناهم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيرًا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول‏.‏ وكانت الطير أمثال الخطاطيف والبلسان، مع كل طائر ثلاثة أحجار؛ حجر في منقاره، وحجران في رجليه أمثال الحمص، لا تصيب منهم أحدًا إلا صارت تتقطع أعضاؤه وهلك، وليس كلهم أصابت، وخرجوا هاربين يموج بعضهم في بعض، فتساقطوا بكل طريق وهلكوا على كل منهل، وأما أبرهة فبعث الله عليه داء تساقطت بسببه أنامله، ولم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل الفرخ، وانصدع صدره عن قلبه ثم هلك‏.‏
وأما قريش فكانوا قد تفرقوا في الشعاب، وتحرزوا في رءوس الجبال خوفًا على أنفسهم من معرة الجيش، فلما نزل بالجيش ما نزل رجعوا إلى بيوتهم آمنين‏.‏
وكانت هذه الوقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يومًا أو بخمسة وخمسين يومًا ـ عند الأكثر ـ وهو يطابق أواخر فبراير أو أوائل مارس سنة 571 م، وكانت تقدمة قدمها الله لنبيه وبيته؛ لأنّا حين ننظر إلى بيت المقدس نرى أن المشركين من أعداء الله استولوا على هذه القبلة مرتين بينما كان أهلها مسلمين، كما وقع لبُخْتُنَصَّر سنة 587 ق‏.‏م، والرومان سنة 70 م، ولكن لم يتم استيلاء نصارى الحبشة على الكعبة وهم المسلمون إذ ذاك، وأهل الكعبة كانوا مشركين‏.‏
وقد وقعت هذه الوقعة في الظروف التي يبلغ نبؤها إلى معظم المعمورة المتحضرة إذ ذاك‏.‏ فالحبشة كانت لها صلة قوية بالرومان، والفرس لا يزالون لهم بالمرصاد، يترقبون ما نزل بالرومان وحلفائهم؛ ولذلك سرعان ما جاءت الفرس إلى اليمن بعد هذه الوقعة، وهاتان الدولتان كانتا تمثلان العالم المتحضر في ذلك الوقت‏.‏ فهذه الوقعة لفتت أنظار العالم ودلته على شرف بيت الله، وأنه هو الذي اصطفاه الله للتقديس، فإذن لو قام أحد من أهله بدعوى النبوة كان ذلك هو عين ما تقتضيه هذه الوقعة، وكان تفسيرًا للحكمة الخفية التي كانت في نصرة الله للمشركين ضد أهل الإيمان بطريق يفوق عالم الأسباب‏.‏
وكان لعبد المطلب عشرة بنين، وهم‏:‏ الحارث، والزبير، وأبو طالب، وعبد الله، وحمزة، وأبو لهب، والغَيْدَاق، والمُقَوِّم، وضِرَار، والعباس‏.‏ وقيل‏:‏ كانوا أحد عشر، فزادوا ولدًا اسمه‏:‏ قُثَم، وقيل ‏:‏ كانوا ثلاثة عشر، فزادوا‏:‏ عبد الكعبة وحَجْلًا، وقيل‏:‏ إن عبد الكعبة هو المقوم، وحجلا هو الغيداق، ولم يكن من أولاده رجل اسمه قثم، وأما البنات فست وهن ‏:‏ أم الحكيم ـ وهي البيضاء ـ وبَرَّة، وعاتكة، وصفية، وأرْوَى، وأميمة‏.‏

3ـ عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
أمـه فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يَقَظَة بـن مـرة، وكـان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب وأعفهم وأحبهم إليه، وهو الذبيح؛ وذلك أن عبد المطلب لمـا تم أبناؤه عشرة، وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه، فقيل ‏:‏ إنه أقـرع بينهم أيهم ينـحـر ‏؟‏ فطـارت القرعــة على عـبد الله، وكــان أحـب النـاس إليه‏.‏فقال‏:‏اللهم هو أو مائة من الإبل‏.‏ثم أقرع بينه وبين الإبل فطارت القرعة على المائة من الإبل، وقيل‏:‏إنه كتب أسماءهم في القداح،وأعطاها قيم هبل، فضرب القداح فخرج القدح على عبد الله، فأخذه عبد المطلب، وأخذ الشفرة،ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحه،فمنعته قريش،ولاسيما أخواله من بني مخزوم وأخوه أبو طالب‏.‏ فقال عبد المطلب ‏:‏ فكيف أصنع بنذري‏؟‏ فأشاروا عليه أن يأتى عرافة فيستأمرها، فأتاها، فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله وعلى عشر من الإبل، فإن خرجت على عبد الله يزيد عشرًا من الإبل حتى يرضى ربه، فإن خرجت على الإبل نحرها، فرجع وأقرع بين عبد الله وبين عشر من الإبل، فوقعت القرعة على عبد الله، فلم يزل يزيد من الإبل عشرًا عشرًا ولا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغت الإبل مائة فوقعت القرعة عليها، فنحرت ثم تركت، لا يرد عنها إنسان ولا سبع، وكانت الدية في قريش وفي العرب عشرًا من الإبل، فجرت بعد هذه الوقعة مائة من الإبل، وأقرها الإسلام، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏أنا ابن الذبيحين‏]‏ يعنى إسماعيل، وأباه عبد الله‏.‏
واختار عبد المطلب لولده عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وهي يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا، وأبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، فزوجه بها، فبني بها عبد الله في مكة، وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار لهم تمرًا، فمات بها، وقيل ‏:‏ بل خرج تاجرًا إلى الشام، فأقبل في عير قريش، فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفي بها، ودفن في دار النابغة الجعدى، وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة، وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه يقول أكثر المؤرخين، وقيل ‏:‏ بل توفي بعد مولده بشهرين أو أكثر‏.‏ ولما بلغ نعيه إلى مكة رثته آمنة بأروع المراثى، قالت ‏:‏
عَفَا جانبُ البطحاءِ من ابن هاشم ** وجاور لَحْدًا خارجـًا في الغَـمَاغِـــم
دَعَتْـه المنــايا دعــوة فأجـابـــهـا ** وما تركتْ في الناس مثل ابن هاشـم
عشيـة راحـوا يحملــون سريـره ** تَعَاوَرَهُ أصـحـابــه في التزاحــــم
فإن تـك غـالتـه المنـايا ورَيْبَهـــا ** فقـد كـان مِعْطــاءً كـثير التراحم
وجميع ما خلفه عبد الله خمسة أجمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها بركة وكنيتها أم أيمن، وهي حاضنـة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏



المولد وأربعون عامًا قبل النبوة

المولـــد
ولـد سيـد المرسلـين صلى الله عليه وسلم بشـعب بني هاشـم بمكـة في صبيحـة يــوم الاثنين التاسع مـن شـهر ربيـع الأول، لأول عـام مـن حادثـة الفيـل، ولأربعـين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان، ويوافق ذلك عشرين أو اثنين وعشرين من شهر أبريل سنة 571 م حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان ـ المنصورفورى ـ رحمه اللـه‏.‏
وروى ابــن سعــد أن أم رســول الله صلى الله عليه وسلم قالــت ‏:‏ لمــا ولـدتــه خــرج مــن فرجـى نــور أضــاءت لـه قصـور الشام‏.‏ وروى أحمد والدارمى وغيرهمـا قريبـًا مـن ذلك‏.‏
وقد روى أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك الطبرى والبيهقى وغيرهما‏.‏ وليس له إسناد ثابت، ولم يشهد له تاريخ تلك الأمم مع قوة دواعى التسجيل‏.‏
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده،فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له‏.‏ واختار له اسم محمد ـ وهذا الاسم لم يكن معروفًا في العرب ـ وخَتَنَه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون‏.‏
وأول من أرضعته من المراضع ـ وذلك بعد أمه صلى الله عليه وسلم بأسبوع ـ ثُوَيْبَة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها يقال له‏:‏ مَسْرُوح، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي‏.‏

في بني سعد
وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعادًا لهم عن أمراض الحواضر؛ ولتقوى أجسامهم، وتشتد أعصابهم، ويتقنوا اللسان العربى في مهدهم، فالتمس عبد المطلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم المراضع، واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث، وزوجها الحارث ابن عبد العزى المكنى بأبي كبشة من نفس القبيلة‏.‏
وإخوته صلى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة ‏:‏ عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة أو جذامة بنت الحارث ‏[‏وهي الشيماء؛ لقب غلب على اسمها‏]‏ وكانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعًا في بني سعد بن بكر، فأرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا وهو عند أمه حليمة،فكان حمزة رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهتين، من جهة ثويبة ومن جهة السعدية‏.‏
ورأت حليمة من بركته صلى الله عليه وسلم ما قضت منه العجب، ولنتركها تروى ذلك مفصلًا ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ كانت حليمة تحدث ‏:‏ أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر، تلتمس الرضعاء‏.‏ قالت ‏:‏ وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئًا، قالت ‏:‏ فخرجت على أتان لى قمراء، ومعنا شارف لنا، والله ما تَبِضّ ُبقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا، من بكائه من الجوع، ما في ثديى ما يغنيه، وما في شارفنا ما يغذيه، ولكن كنا نرجو الغيث والفرج، فخرجت على أتانى تلك، فلقد أذَمَّتْ بالركب حتى شق ذلك عليهم، ضعفًا وعجفًا، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه، إذا قيل لها‏:‏ إنه يتيم، وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي، فكنا نقول‏:‏ يتيم‏!‏ وما عسى أن تصنع أمه وجده، فكنا نكرهه لذلك، فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعًا غيرى، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبى‏:‏ والله، إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبى ولم آخذ رضيعًا، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه‏.‏ قال ‏:‏ لا عليك أن تفعلى، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة‏.‏ قالت‏:‏ فذهبت إليه وأخذته،وما حملنى على أخذه إلا أنى لم أجد غيره، قالت‏:‏ فلما أخذته رجعت به إلى رحلى، فلما وضعته في حجرى أقبل عليه ثديأي بما شاء من لبن، فشرب حتى روى، وشرب معه أخوه حتى روى، ثم ناما، وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا تلك، فإذا هي حافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا، فبتنا بخير ليلة، قالت‏:‏ يقول صاحبى حين أصبحنا‏:‏ تعلمي والله يا حليمة، لقد أخذت نسمة مباركة، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ والله إنى لأرجو ذلك‏.‏ قالت‏:‏ ثم خرجنا وركبت أنا أتانى، وحملته عليها معى، فوالله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شىء من حمرهم، حتى إن صواحبى ليقلن لى‏:‏ يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك‏!‏ أرْبِعى علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها‏؟‏ فأقول لهن‏:‏ بلى والله، إنها لهي هي، فيقلن‏:‏ والله إن لها شأنًا، قالت‏:‏ ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمى تروح علىَّ حين قدمنا به معنا شباعًا لُبَّنـًا، فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم‏:‏ ويلكم، اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعًا ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمى شباعًا لبنًا‏.‏ فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته، وكان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا‏.‏ قالت‏:‏ فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه، وقلت لها‏:‏ لو تركت ابني عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت‏:‏ فلم نزل بها حتى ردته معنا‏.‏









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 11 / 03 / 2013, 40 : 12 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
شق الصدر
وهكذا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني سعد، حتى إذا كان بعده بأشهر على قول ابن إسحاق، وفي السنة الرابعة من مولده على قول المحققين وقع حادث شق صدره، روى مسلم عن أنس‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال‏:‏ هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طَسْت من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَه ـ أي جمعه وضم بعضه إلى بعض ـ ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ يعنى ظئره ـ فقالوا‏:‏ إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو مُنْتَقِعُ اللون ـ أي متغير اللون ـ قال أنس‏:‏ وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره‏.‏









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 22 / 03 / 2013, 20 : 08 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
إلى أمه الحنون
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين‏.‏
ورأت آمنة ـ وفاء لذكرى زوجها الراحل ـ أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ نحو خمسمائة كيلو متر ومعها ولدها اليتيم ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهرًا ثم قفلت، وبينما هي راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق، ثم اشتد حتى ماتت بالأبْوَاء بين مكة والمدينة‏.‏



إلى جده العطوف
وعاد به عبد المطلب إلى مكة، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نَكَأ الجروح القديمة، فَرَقَّ عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده، فكان لا يدعه لوحدته المفروضة، بل يؤثره على أولاده، قال ابن هشام‏:‏ كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالًا له، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأي ذلك منهم‏:‏ دعوا ابني هذا، فوالله إن له لشأنًا، ثم يجلس معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع‏.‏
ولثمانى سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره صلى الله عليه وسلم توفي جده عبد المطلب بمكة، ورأي قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه‏.‏









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 04 / 04 / 2013, 52 : 08 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
في ظلال النبوة والرسالة

في غار حراء

لما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين، وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السَّوِيق والماء، ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة ـ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد ـ فيقيم فيه شهر رمضان، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه‏.‏

وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفًا من تدبير الله له، وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض وضَجَّة الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم، فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ‏.‏‏.‏‏.‏ دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرًا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله‏.‏

جبريل ينزل بالوحي

ولما تكامل له أربعون سنة ـ وهي رأس الكمال، وقيل‏:‏ ولها تبعث الرسل ـ بدأت طلائع النبوة تلوح وتلمع، فمن ذلك أن حجرًا بمكة كان يسلم عليه، ومنها أنه كان يرى الرؤيا الصادقة؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ـ ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة ـ فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن‏.‏

وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا، وقد وافق 10 أغسطس سنة 610 م، وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و12 يومًا، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر وعشرين يومًا‏.‏

ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله عنها تروى لنا قصة هذه الوقعة التي كانت نقطة بداية النبوة، وأخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال حتى غيرت مجرى الحياة، وعدلت خط التاريخ، قالت عائشة رضي الله عنها‏.‏

أول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيَتَحَنَّث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال‏:‏ اقرأ‏:‏ قال‏:‏ ‏(‏ما أنا بقارئ‏)‏، قال‏:‏ ‏(‏فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى، فقال‏:‏ اقرأ، قلت‏:‏ مـا أنـا بقـارئ، قـال‏:‏ فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلـغ منـى الجهد، ثم أرسلني فقال‏:‏ اقرأ، فقلت‏:‏ ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثـم أرسلـني فـقـال‏:‏ ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ‏}‏‏[‏العلق‏:‏1‏:‏ 3‏]‏‏)‏، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال‏:‏ ‏(‏زَمِّلُونى زملونى‏)‏، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة‏:‏ ‏(‏ما لي‏؟‏‏)‏ فأخبرها الخبر، ‏(‏لقد خشيت على نفسي‏)‏، فقالت خديجة‏:‏ كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة ـ وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبرانى، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي ـ فقالت له خديجة‏:‏ يابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة‏:‏ يابن أخي، ماذا ترى‏؟‏ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأي، فقال له ورقة‏:‏ هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعا، ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أو مخرجيّ هم‏؟‏‏)‏ قال‏:‏نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودِىَ، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم يَنْشَبْ ورقة أن توفي، وفَتَر الوحى‏.‏









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد ملتقى السيرة النبويه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018