18 / 04 / 2015, 43 : 10 AM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | مشرف ملتقى الصوتيات والمرئيات الأسلامية | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 16 / 09 / 2010 | العضوية: | 38770 | العمر: | 45 | المشاركات: | 13,856 [+] | بمعدل : | 2.57 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 1566 | نقاط التقييم: | 23 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى العام السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ولو جاءنا خبرُ رجلٍ أعارَ رجُلاً ألف ألفٍ مِن المال على أن يُتاجر بها، ثم يردها إليهِ بعدَ خمسين سَنَة وله ما ربح منها، فأيُّ كرمٍ بعدَ هذا، وأي عطاءٍ وسخاءٍ ونقاءٍ بعدَ هذا؟! فما بالك وقد استعان المُعارُ على المعير بما أعارَه فحاربه به وجَحَده حقَّه، أو ظلمه ماله، فأيُّ خِسَّة ودناءة وزيغ بعدَ هذا؟! ولله المثل الأعلى؛ فقدْ وهبَنا الله وأنعم علينا بكلِّ شيء وسخَّر لنا كلَّ شيء، واستخلفنا في الأرض؛ لينظر كيف نعمل، فإذا نحن نعصيه وننازعه ملكَه وأمره ونهيه، فمِن كافرٍ به وفاسقٍ عنه وعاصٍ له، وهو يمهلنا ويتودَّد إلينا بنِعمه؛ لعلَّنا نتذكر أو نخشى، ولعلنا نرجع إلى الحقِّ ونستعمل ما أنعم به علينا في مرْضاته؛ لتكونَ النِّعمة العظمى والمِنَّة الكُبرى التي بها سعادةُ الدارين الدنيا والآخِرة، يقول تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29 - 30]، فسبحانه وتعالى وهبَنا ما نتاجر به معه، ثم وفقنا إلى التجارة معه، وتفضَّل علينا بها، ثم هو يُعطينا أجر تلك التجارة كأحسن ما يكون الأجر والجزاء، فهو خيرُ أجر في خير تِجارة، ثم هو يَزيدنا مِن فضله فوق أجورنا، ويضاعف لمَن يشاء، فلو تأمَّلنا عظيم مِنَّته وكرمه، وجزيل عطائه وفضله؛ لعلمنا كم نحن مقصِّرون وكم هو كامِل، ولعلمنا أنَّه لما كنَّا نتاجر معه بما وهبَنا، وأنه ليس لنا مِن أنفسنا شيء، وأن ما استحققناه مِن تجارتنا معه ليس حقًّا لنا ابتداءً، وإنما كان بفضله لعلمنا أنه ينبغي علينا ألاَّ نكون إلاَّ في طاعته وعبادته على الدوام، غير أنَّه رؤوف رحيم، لَمَّا عَلِمَ عجزنا عن مُوافاته حقَّه، وعجزَنا عن شكر ولو نعمة واحدة مِن نِعمهِ التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، وضعْف همتنا إلى الخير ومسارعتنا في الشر، جعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضِعف ويزيد، وادَّخر لنا في الجنة ما لا عينٌ رأت، ولا أُذن سمعتْ ولا خطَر على قلب بشَر، وهذا معنى قوله: "شَكُور"؛ أي: يقبل القليل، ويُجازي به الكثير، وجعَل السيئة بسيئةٍ واحدةٍ، وتودَّد إلينا بقَبول التوبة، ومغفرة الذنوب، وهذا معنى قوله: "غَفُور"، فسبحانه عَدلٌ كريم، ويقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصف: 10 - 13]، فانظر - وفَّقنا الله وإيَّاك - إلى هذه التجارة العظيمة، وإلى عِظم الجزاء مِن مغفرة وجنَّات تجري مِن تحتها الأنهار ومساكن طيِّبة، فإنَّه لجزاء كبير، وفوز عظيم، يتحصَّل عليه المؤمنُ المجاهِد بنفْسه وماله، هذا في الآخرة، أمَّا في الدنيا فيبشر الله هؤلاء المخلصين بالنصر القريب منه، وإنما قال: ﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا ﴾؛ لأنَّها غير داخلة في الفوز العظيم، وإنَّما هي مِن فوز الدنيا الذي يمتنُّ الله به على عبادِه الباحثين عن فوزِ الآخرة؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كانتِ الآخرة همَّه جعَل الله غناه في قلْبه، وجمَع له شمْلَه، وأتتْه الدنيا وهي راغمة))[1]، ويقول - عزَّ مِن قائل -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]، وهذا مِن أعظم الفضل، فقدِ اشترى الله مِن المؤمنين أنفسهم التي وهبَها لهم، ولا فضل لهم فيها ووعَدهم - وهو الأوفى - أن يكون أجرُ هذا البيع وجزاؤه الجنة، فما أهونَ النفسَ وأرخصَها إذا كان الثمنُ الجنة! وما أربحَ هذا البيعَ الذي نشتري فيه الباقي بالفاني! وهو على هذا جزاء للمجاهد، سواء قُتِل في سبيل الله، أو مات على فِراشه، فما أعظم منه؟! ويبشِّرهم الله بما بشَّرهم به في سورة الصفِّ بأن ذلك هو ﴿ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾، وقد ذكَر الطبري في تفسيره في سببِ نزول هذه الآية أنَّ عبدَالله بن أبي رواحة قال للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيعة العقَبة الثانية: "اشترطْ لربك ولنفْسك ما شئت"، قال: ((أشترط لربي أن تَعْبدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممَّا تمنعون منه أنفسَكم وأموالكم))، قالوا: فإذا فعلْنا ذلك فماذا لنا؟ قال: ((الجنة))، قالوا: "ربِح البيع لا نقيل ولا نستقيل"، وقال القرطبيُّ في تفسيره: "ثم هي بعدَ ذلك عامَّة في كلِّ مجاهد في سبيلِ الله من أمَّة محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى يومِ القيامة"، ويقول تعالى: ﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 17]، وقال سبحانه: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245]، والقرْض مع الله غير الناس، فالقرض مع الناس إنَّما يردُّ إلى المقرض ويكون له الشكر، أمَّا مع الله فإنَّه إنما نُقرِضُهُ ما هو منه وله، ويضاعف الله هذا القرضَ لنا أضعافًا كثيرة، ويغفر لنا بإقراضنا إيَّاه وهو غير محتاج، ويشكر لنا هذا فيجازينا بخيرٍ مما أقرضنا، وإنَّما يكون إقراضه بالصَّدَقات والإنفاق في سبيله. [1] - رواه الترمذي في سننه : 2465، وصحَّحه الألباني.
[.hx hgljh[Qvm lu hggi - jfhv; ,juhgn
|
| |