أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > الملتقيات الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح

الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة الفجر للشيخ عبدالله البعيجان 25 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ ياسر الدوسري 25 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن د. عمر كمال السبت 25 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن إبراهيم المدني السبت 25 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالمحسن القاسم 24 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالرحمن السديس 24 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ عبدالباري الثبيتي 24 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ فيصل غزاوي 24 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: خطبة الجمعة للشيخ أحمد الحذيفي 24 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: خطبة الجمعة للشيخ فيصل غزاوي 24 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع دكتور محمد فخر الدين الرمادي مشاركات 10 المشاهدات 1052  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 06 / 04 / 2022, 59 : 06 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
[كِتَابُ الصَّوْمِ ] :.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[ آية ٣٠؛ سورة النمل ٢٧]
{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز }[*]{ لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد }
كِتَابُ « „ الصَّوْمِ ” »
{ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون } ".
[ ٤ ] فَضْلُ الصَّوْمِ
فضائل وخصائص شهر القرآن « „ رمضان ” »
.. الصيامُ وفق الشريعة الغراء الإسلامية ؛ وتبعاً للمنهجية الرسولية ؛ والطريقة النبوية المحمدية مدرسةٌ عقائدية وإيمانية.. وتربية عالية نفسية وتمارين إدراكية استيعابية عقلية ؛ وعموماً صحية للبدن والجسد وتصح به الروح والنفس والعقل والذهن معاً.. إذا سارت وفق أوامر الخالق للإنسان وموجد الحياة ومكون الكون ، وكيفما صام النبي الأمي محمد بن عبدالله وفطر وصلىٰ وقام واعتكف وشد مئزره وما فُعل ليلة القدر ، كما وأنه مدرسة تربوية تعليمية لمجتمع { اقْرَأْ } ، مبنية علىٰ عقيدة قوية وإيمان متين.. مبنية علىٰ سنة صحيحة.. تبدءُ مراحلها الأولىٰ بــ { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } بناءً علىٰ خطاب الخالق الرازق -سبحانه وتعالىٰ-: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } وتخفيفاً لهذا التكليف نبه الذين أمنوا مِن أمة محمد.. أمة الإسلام بقوله -عز وجل-: { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } لكي تتحق الغاية الأسمىٰ المرجوة مِن علاقة العبد المطيع الواعي والفاهم للرب الرحيم السميع { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون }
وتكتمل خطوات الطاعة بــ الصبر بأنواعه، ومخالفة ميول النفس ورغباتها، وكسر شهوة الطعام والشراب وتنظيم مظاهر الغريزة واحترام النظام العام الخاص وتفعيله في السر والعلن ، والتزام الجماعة المؤمنة ، ورعاية الإنسانية بــ الإحسان إلىٰ الفقراء ، ومواساة المساكين والعطف علىٰ المحتاجين ، وتطهير الروح وتصفية النفس من شوائب الدنيا وسفاسف الأمور والانشغال بلذات العبادات مِن صلاة وذكر، وقيام واعتكاف وتلاوة للقرآن الكريم إثناء الشهر الفضيل شهر القرآن العظيم والذكر الحكيم والفرقان المبين كي يستشعر المؤمن حلاوة الطاعة وفق منهاج السماء وشريعة الأنبياء.. ليكمل بقية شهور السنة علىٰ منوال الشهر الفضيل..
.. إننا الآن في شهر ٍ عظيم مبارك ، ألا وهو شهر رمضان ، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن ، شهر العتق من النيران والغفران لذنوب الإنسان الضعيف والأثام والنزوات ، شهر الصدقات والإحسان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات ، وتضاعف فيه الحسنات ، وتقال فيه العثرات ، شهر تجاب فيه الدعوات ، وترفع فيه الدرجات ، وتغفر فيه السيئات ، شهر يجود الله -تبارك وتعالىٰ- فيه علىٰ عباده بكافة أنواع الكرامات وجزيل النفحات ، ويجزل فيه لأوليائه العطيات ، جعله الله موسمًا للخيرات ، وزادًا للتقوىٰ ولتنزيل البركات ، شهرٌ جعل الله -الحكيم الخبير- صيامه أحد أركان الإسلام ، فصامه المصطفىٰ -ﷺ- وأمر الناس بصيامه ، وأخبر عليه -الصلاة والسلام- أن مَن صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم مِن ذنبه ، ومَن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم مِن ذنبه ، شهرٌ فيه ليلةٌ خير مِن ألف شهر ، مَن حَرمَ خيرها فقد حرم الخير الوفير ، فاستقبلوه بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة علىٰ صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلىٰ الخيرات والمبادرة فيه إلىٰ التوبة النصوح مِن سائر المعاصي والذنوب والسيئات والتناصح والتعاون علىٰ البر والتقوىٰ ، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلىٰ كل خير وفق كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين وإمام المتقين لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم.
و
من روائع كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله- قوله: «لَمّا كَانَ صَلَاحُ الْقَلْبِ وَاسْتِقَامَتُهُ عَلَىٰ طَرِيقِ سَيْرِهِ إلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ- مُتَوَقّفًا عَلَىٰ جَمْعِيّتِهِ عَلَىٰ اللّهِ وَلَمَّ شَعَثِهِ بِإِقْبَالِهِ بِالْكُلّيّةِ عَلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، فَإِنّ شَعَثَ الْقَلْبِ لَا يَلُمّهُ إلّا الْإِقْبَالُ عَلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، وَكَانَ فُضُولُ الطّعَامِ وَالشّرَابِ.. وَفُضُولُ مُخَالَطَةِ الْأَنَامِ.. وَفُضُولُ الْكَلَامِ.. وَفُضُولُ الْمَنَامِ مِمّا يَزِيدُهُ شَعَثًا، وَيُشَتّتُهُ فِي كُلّ وَادٍ وَيَقْطَعُهُ عَنْ سَيْرِهِ إلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، أَوْ يُضْعِفُهُ أَوْ يَعُوقُهُ وَيُوقِفُهُ اقْتَضَتْ رَحْمَةُ الْعَزِيزِ الرّحِيمِ بِعِبَادِهِ أَنْ شَرَعَ لَهُمْ مِنْ الصّوْمِ مَا يُذْهِبُ فُضُولَ الطّعَامِ وَالشّرَابِ، وَيَسْتَفْرِغُ مِنْ الْقَلْبِ أَخْلَاطَ الشّهَوَاتِ الْمعوقةِ لَهُ عَنْ سَيْرِهِ إلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، وَشَرْعِهِ بِقَدْرِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بَهْ الْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ وَلَا يَضُرّهُ وَلَا يَقْطَعُهُ عَنْ مَصَالِحِهِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ، وَشَرَعَ لَهُمْ الِاعْتِكَافَ الّذِي مَقْصُودُهُ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، وَجَمْعِيّتُهُ عَلَيْهِ وَالْخَلْوَةُ بِهِ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْخَلْقِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ وَحْدَهُ -سُبْحَانَهُ-؛ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذِكْرُهُ وَحُبّهُ وَالْإِقْبَالُ بَدَلَهَا، وَيَصِيرُ الْهَمّ كُلّهُ بِهِ، وَالْخَطَرَاتُ كُلّهَا بِذِكْرِهِ، وَالتّفَكّرِ فِي تَحْصِيلِ مَرَاضِيهِ وَمَا يُقَرّبُ مِنْهُ؛ فَيَصِيرُ أُنْسُهُ بِاَللّهِ بَدَلاً عَنْ أُنْسِهِ بِالْخَلْقِ فَيَعُدّهُ بِذَلِكَ لِأُنْسِهِ بِهِ يَوْمَ الْوَحْشَةِ فِي الْقُبُورِ حِينَ لَا أَنِيسَ لَهُ وَلَا مَا يَفْرَحُ بِهِ سِوَاهُ فَهَذَا مَقْصُودُ الِاعْتِكَافِ الْأَعْظَم.
و
قد استفاضت فضائل الشهر المبارك وكثرت، واشتهرت بفضله الأخبار وتواترت فيه الآثار، ففي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة، فــ خصَّ الله -عز وجل- شهر رمضان بفضائل وخصائص عن بقية الشهور، ومن ذلك:
.. - وقد أشار الله -سبحانه وتعالى- إلىٰ هذه الفوائد في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون }، فأوضح -سبحانه- أنه كتب علينا الصيام لنتقيه -سبحانه- فدل ذلك علىٰ أن الصيام وسيلة للتقوىٰ، والتقوىٰ هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهىٰ عنه عن إخلاص لله -عز وجل-، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقي العبد عذاب الله وغضبه ، فنبني جداراً ضد المعاصي ونفتح أبواباً للطاعات.. فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوىٰ ، وقربىٰ إلىٰ المولىٰ -عز وجل- ، ووسيلة قوية إلىٰ التقوىٰ في بقية شؤون الدين والدنيا. وعلىٰ مدار العام والأيام والسنين.
.. وكما فَرَضَ اللهُ -تعالىٰ- الصيامَ { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } فقد كتبه علىٰ مَن سبقكم من جميعِ الأُمَمِ وإِنْ اختلفَتْ بينهم كيفيتُه ووقتُه { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }.. ولولا أنه عبادة عظيمة لا غنىٰ للخلق عن التعبد بها لله وعمّا يترتب عليها من ثواب ما فرضه الله علىٰ جميع الأمم ،
.. فــ في السَّنَةِ الثانية مِن الهجرة أَوْجَبَ اللهُ -تعالىٰ- صيامَ رمضان وجوبًا آكدًا علىٰ المسلم البالغ، فإِنْ كان صحيحًا مُقيمًا وَجَبَ عليه أداءً، وإِنْ كان مريضًا وَجَبَ عليه قضاءً، وكذا الحائض والنُّفَساء، وإِنْ كان صحيحًا مُسافرًا، خُيِّرَ بين الأداءِ والقضاء، وقَدْ أَمَرَ -تعالىٰ- المُكلَّفَ أَنْ يصوم الشهرَ كُلَّه مِنْ أوَّلِهِ إلىٰ مُنْتهاهُ، وحدَّد له بدايتَه بحدٍّ ظاهرٍ لا يخفىٰ عن أحَدٍ، وهو رؤيةُ الهلال أو إكمالُ عِدَّةِ شعبانَ ثلاثين يومًا؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لَا تَصُومُوا حَتَّىٰ تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّىٰ تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»..
.. كما حدَّد له بدايةَ الصومِ بحدودٍ واضحةٍ جَليَّةٍ، فجَعَلَ -سبحانه- بدايةَ الصومِ بطلوع الفجر الثاني، وحدَّد نهايتَه بغروب الشمس في قوله -تعالىٰ-: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِ﴾، وبهذه الكيفيةِ والتوقيتِ تَقرَّرَ وجوبُه حتميًّا في قوله -تعالىٰ-: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُ﴾، وصارَ صومُه ركنًا مِن أركانِ الإسلام، فمَنْ جَحَدَ فرضيته وأَنْكَرَ وجوبَه فهو مُرْتَدٌّ عن دِينِ الإسلام، يُسْتتابُ [ثلاثاً] فإِنْ تابَ وإلَّا قُتِلَ كُفْرًا [الحاكم الشرعي والقاضي الشرعي؛ وهذه الجزئية من الأحكام الشرعية العملية (الحدود.. العقوبات.. التعزير) غائبة في البحث اليوم والتنبيه)]، ومَن أَقَرَّ بوجوبه، وتَعَمَّدَ إفطارَه مِنْ غيرِ عُذْرٍ فقَدِ ارتكب ذَنْبًا عظيمًا وإثمًا مُبينًا يَسْتَحِقُّ التعزيرَ والردع (وهذه الجزئية تحتاج لتفصيل؛ فمَن داعب أو جامع زوجته في نهار رمضان.. أو افطر لسبب آخر عمدا يختلف عن مَن فعل ناسياً)...
- ومِنْ فوائد الصيام:
أنَّه مُوجِبٌ لتَقْوَىٰ الله في القلوب ، وإضعافِ الجوارح عن الشهوات ، قال -تعالىٰ-: ﴿لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾، في مَعْرِضِ إيجابِ الصيام؛ لأنَّه سببٌ للتَّقوىٰ لتضييقِ مَجاري الشهوات وإضعاف الرغبات وإماتتها؛ إذ كُلَّما قَلَّ الأكلُ ضَعُفَتِ الشهوةُ، وكُلَّما ضَعُفَتِ الشهوة قَلَّتِ المَعاصي. كــ تمرين عملي بالقدرة علىٰ كبح رغبات الطعام بلا ضابط والمشروبات بأنواعها دون تحكم والميل الجنسي حين حاكم..
فــ الغاية المرجوة مِن الصيام تحقق التقوىٰ التي أمر الله بها ووصَّىٰ بها جميع الأمم قال -تعالىٰ-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}.
.. { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ } تخفيفاً للتكليف وتقليلاً لعددها.. فــ يمتنع فيها المسلم عن جميع المفطرات مِن طلوع الفجر إلىٰ غروب الشمس بنية التعبد لله -تبارك وتعالىٰ-.. { أَيَّامًا } في العام؛ فهو مِن أعظم الطاعات التي يُتقرَّب بها إلىٰ الله -سبحانه وتعالى-، ويثاب المسلم عليه ثواباً لا حدود له، وبه تغفر الذنوب، وبه يقي اللهُ العبدَ مِن النار، وبه يستحق العبد دخول الجنان مِن باب خاص أُعدَّ للصائمين، وبه يفرح العبد عند فطره وعند لقاء ربه. فــ الصيام في رمضان هو ركن رابع مِن أركان بناء الإسلام ومَبانيهِ العِظام التي لا يكتمل إسلام المرء إلا بها .
.. أن الله -عز وجل- جعل صومه الركن الرابع مِن أركان الإسلام، وإيجابُ صيامِه علىٰ هذه الأُمَّةِ وجوبًا عينيًّا؛
الدليل:
أ . ] من القرآن العظيم : { شَهْرُ رَمَضَانَ .. فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه }
ب . ] من السنة المحمدية العطرة : ثبت من حديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ»
.. تنبيه :
وَقَعَ في «صحيح البخاريِّ» تقديمُ الحجِّ علىٰ الصوم، وعليه بَنَىٰ البخاريُّ ترتيبَه، لكِنْ وَقَعَ في «مسلمٍ» مِنْ روايةِ سعد بنِ عُبَيْدةَ عن ابنِ عمر بتقديمِ الصومِ علىٰ الحجِّ، قال: فقال رجلٌ: «والحجُّ وصيامُ رمضان»، فقال ابنُ عمر: «لا، صيامُ رمضانَ والحجُّ، هكذا سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-».
.. وهو معلومٌ مِن الدِّينِ بالضرورة وإجماعِ المسلمين علىٰ أنَّه فرضٌ مِنْ فروضِ الله -تعالىٰ-.
.. أن الله -عز وجل- أنزل فيه القرآن؛ فــ إنزال القرآنِ فيه لإخراجِ الناس مِن الظلمات إلىٰ النور بإذنه، وهدايتِهم إلىٰ سبيل الحقِّ وطريقِ الرشاد، وإبعادِهم عن سُبُلِ الغَيِّ والضلال، وتبصيرِهم بأمور دِينِهم ودُنْياهُمْ، بما يَكْفُلُ لهم السعادةَ والفلاحَ في العاجلةِ والآخرة، قال -تعالىٰ-: { شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ }..
.. وقال أيضا: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ }
.. أن الله -تبارك وتعالىٰ- جعل فيه ليلةَ القدر، التي هي خيرٌ مِن ألف شهر، كما قال -تعالىٰ-: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }
.. ميزة شهر رمضان.. شهر القرآن والصيام والقيام:
ومِنْ ميزةِ هذا الشهرِ العظيمِ ما يلي:
.. أنَّ لله -تعالت قدرته وسمت حكمته- في شهر رمضان في كل ليلة منه عُتَقَاءَ مِن النار، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:« إن لله -تبارك وتعالىٰ- عتقاء في كل يوم وليلة »- يعني في رمضان- ، و
«إِنَّ للهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ».
.. الدعاء
وقد كان مجيء قوله -تعالىٰ-: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون } بين آيات الصيام دليلاً واضحاً علىٰ أهمية هذه العبادة في هذا الشهر.
*.) والدعاء هو العبادة:
وهو يدل علىٰ افتقار العبد إلىٰ ربه وحاجته إلىٰ خالقه في كل حال، وقد سمَّاه الله -تعالىٰ- عبادة في قوله: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين }.
- ومِنْ فضائله:
أنَّ دُعاءَ الصائمِ مُسْتجابٌ؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «...وَإِنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً»
هذا.. وقد جاء في أثناءِ ذِكْرِ آيات الصيام ووسطها ترغيبُ الصائم بكثرة الدعاء في قوله -تعالىٰ-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾
وشهرُ رمضان مَيَّزَهُ اللهُ -تعالىٰ- بميزاتٍ كثيرةٍ مِنْ بَيْنِ الشهور، واختصَّ صيامَه عن الطاعات بفضائلَ مُتعدِّدةٍ، وفوائدَ نافعةٍ، وآدابٍ عزيزةٍ.
« „ ١ ” ».. إضافة الصيام لله -تعالىٰ- تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم أجره:
ومن فضائل الصوم : أن ثوابه لا يتقيد بعدد معيَّن بل يُعطىٰ الصائم أجره بغير حساب؛ عن أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: « „ قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ” »..
.. وتمام الحديث: « „ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” » ..
.. أن الصوم لله -عز وجل- وهو يجزي به :
أمَّا فضائلُ الصيامِ فمُتعدِّدةٌ منها:- تُضاعَفُ فيه الحسناتُ مُضاعَفةً لا تَنْحصِرُ بعددٍ، بينما الأعمالُ الأخرى تُضاعَفُ الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سبعمائة ضِعفٍ؛ ..فــ مِنْ حديثِ أبي هريرة -رضي الله عنه- قالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ [له] يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ [الصيام] فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، [إنه ترك] يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ [وشرابه] مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» ..
. :" قال ابن رجب معلقاً علىٰ هذه الرواية :" الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلىٰ سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله -عز وجل- أضعافاً كثيرةً بغير حصر عدد، فإن الصيام مِن الصبر، وقد قال الله -تعالىٰ-: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
.. ثم قال -رحمه الله-: "واعلم أن: مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل كالحرم [المكي أو النبوي.. أو المسجد الأقصى وإن لم يكن حرماً].. ومنها شرف الزمان، كـ شهر رمضان وعشر ذي الحجة.. فلما كان الصيام في نفسه مضاعفاً أجره بالنسبة إلىٰ سائر الأعمال كان صيام شهر رمضان مضاعفاً علىٰ سائر الصيام لشرف زمانه، وكونه هو الصوم الذي فرضه الله علىٰ عباده وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها." .. فيَتَجلَّىٰ مِنْ هذا الحديثِ أنَّ الله اختصَّ الصِّيامَ لنَفْسِه عن بقيَّةِ الأعمال، وخصَّهُ بمُضاعَفةِ الحسنات ـ كما تَقدَّمَ ـ وأنَّ الإخلاص في الصيامِ أَعْمَقُ فيه مِنْ غيره مِن الأعمال؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي». كما أنَّ الله -سبحانه وتعالىٰ- يَتَوَلَّىٰ جزاءَ الصائم الذي يحصل له الفرحُ في الدنيا والآخرة، وهو فرحٌ محمودٌ؛ لوقوعه علىٰ طاعةِ الله -تعالىٰ-، كما أشارَتْ إليه الآيةُ:﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ﴾ . كما يُسْتفادُ منه أنَّ ما يَنْشَأُ عن طاعةِ الله مِنْ آثارٍ فهي محبوبةٌ عند الله -تعالىٰ- علىٰ نحوِ ما يحصل للصائم مِنْ تَغيُّرِ رائحةِ فَمِهِ بسبب الصيام... وجاء في رواية لحديث أبي هريرة : لكل عمل كفارة، والصوم لي وأنا أجزي به.
قال ابن رجب: "علىٰ [هذه الرواية] فالاستثناء يعود إلىٰ التكفير بالأعمال، ومن أحسن ما قيل في معنىٰ ذلك ما قاله سفيان بن عيينه -رحمه الله-، قال: هذا من أجود الأحاديث وأحكمها: « „ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَبْدَهُ وَيُؤَدِّي مَا عَلِيهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ سَائِرِ عَمَلِهِ حَتَّىٰ لاَ يَبْقَىٰ إِلاَّ الصَّوْم ، فَيَتَحَمَّلُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ ” » ؛. فيحتمل أن يقال في الصوم: إنه لا يسقط ثوابه بمقاصة (أي قصاص) ولا غيرها، بل يوفر أجره لصاحبه حتىٰ يدخل الجنة، فيوفىٰ أجره فيها.".. قال أيضا: (وأما قوله: " فإنه لي" أحسن ما ذكر في [معنى ذلك] وجهان:
أحدهما: أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جبلت علىٰ الميل إليها لله -عز وجل-، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرىٰ غير الصيام.. وقال :" أن الله اختص لنفسه العليا الصوم من بين سائر الأعمال وذلك لشرفه عنده ومحبته له وظهور الإخلاص له -سبحانه- فيه ".
فيكمل ابن رجب في :
الوجه الثاني: أن الصيام سِرٌّ بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه إلاَّ الله ، لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله، وترك لتناول الشهوات التي يستخفىٰ بتناولها في العادة." .. فإن الصائم يكون في الموضع الخالي من الناس متمكِّناً من تناول ما حرَّم الله عليه بالصيام فلا يتناوله لأنه يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرَّم عليه ذلك فيتركه لله تقوتاً لربه وخوفاً من عقابه ورغبة في ثوابه ؛ فمن أجل ذلك شَكَرَ الله له هذا الإخلاص واختص صيامه لنفسه من بين سائر أعماله ، ولهذا قال : « „ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ” »..
بيان معنى الحديث :
ذكرَ أهلُ العلم أوجهً كثيرةً في بيان معنىٰ الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل، فــ
- قيل: أن الصيام لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره. و
- قيل: أن الله -سبحانه وتعالىٰ- ينفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته. و
- قيل: أن الصيام أحب العبادات إلىٰ الله والمقدم عنده -سبحانه وتعالىٰ-. و
- قيل: أنّ إضافة الصوم لله -تعالىٰ- هو إضافة تشريف وتعظيم كما يقال: "ناقة الله" و"بيت الله". و
- قيل: أنّ الصيام لم يعبد به غير الله -تعالىٰ-.
..
« „ ٢ ” » الصيام من أفضل الأعمال عند الله -تعالىٰ-:
يُعد الصيام من أفضل الأعمال، فهو من الأعمال الصالحة التي لا عدل لها، فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: „ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ” ، قَالَ:« „ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ ” ».
« „ ٣ ” » الصيام جُنَّة من شهوات الدنيا وعذاب الآخرة:
الصيام جُنَّة، أي: وقاية في الدنيا وستر يقي الصائم من اللغو والرفث ، ولذلك قال: « „ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ” » و وقاية في الآخرة، فيقي المسلم في الدنيا من الوقوع في الشهوات والمعاصي، ويقيه في الآخرة من العذاب، فهو حصن حصين في الآخرة من النار. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « „ الصِّيَامُ جُنَّة، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ” ».. وعنه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهعليه وسلم قَالَ: « „ الصيامُ جُنَّةٌ وحِصْنٌ حصينٌ مِنَ النارِ ” ».. ويقيه أيضاً من النار ، فــ عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « „ الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ النَّارِ ” ».. وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « „ الصِّيامُ جُنَّةٌ من النَّارِ، كَجُنَّةِ أحدِكمْ من القِتالِ ” » ..
معنى هذا الحديث:
أن الصيام درع يقي الصائم من المعاصي في الدنيا ومن النار في الآخرة كما يقي الدرع المحارب حين القتال فيمنعه من طعنات العدو ويحميه من الموت بإذن الله -تعالىٰ-. وأن من صام يوما واحدا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عاما، كما ثبت لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ [مَنْ صَامَ] يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا بَاعَدَ [بَعَّدَ] اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» . قال القرطبي: „ سبيل الله طاعة الله، فالمراد من صام قاصدا وجه الله. ”.. وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « „ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ” ».. وعنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « „ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِئَةِ عَامٍ ” »
« „ ٤ ” » يتحقق بالصيام أجر الصبر:
فيجتمع في الصيام أنواع الصبر الثلاثة، وهي الصبر :
« „ ٤. ١ . ” » علىٰ طاعة الله، و
« „ ٤. ٢ . ” » عن معصية الله، و
« „ ٤. ٣ . ” » علىٰ أقداره -سبحانه وتعالىٰ-. فــ
هو صبرٌ :
« „ ١ . ” » علىٰ طاعة الله؛ لأن الصائم يصبر علىٰ هذه الطاعة ويفعلها. و
« „ ٢ . ” » صبرٌ عن معصية الله -سبحانه وتعالىٰ-؛ لأن الصائم يتجنب المعصية حال صيامه. و
« „ ٣ . ” » صبرٌ علىٰ أقدار الله -تعالىٰ-؛ لأن الصائم يصيبه ألم العطش وقرصة الجوع ونوبة كسل ولحظة ضعف النفس ، وفي الصيام اجتمع الصبر بأنواعه كلها فهو صبر علىٰ طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر علىٰ أقدار الله المؤلمة مِن الجوع والعطش وضعف البدن والنفس، فاجتمعت فيه أنواع الصبر الثلاثة فــ كان الصوم مِن أعلىٰ أنواع الصبر؛ وتحقق أن يكون الصائم مِن الصابرين ، وقد قال الله -تعالىٰ-: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.
« „ ٥ ” » الصيام كفارة للخطايا والذنوب:
أ . ] :" أن صيامَ رمضان سببٌ لتكفير الذنوب التي سبقته من رمضان الذي قبله إذا اجتنبت الكبائر، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : أَنَّ صيام رمضان إلىٰ رمضان تكفيرٌ لصغائرِ الذنوب والسَّيِّئات وكبائرها.. لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَىٰ الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَىٰ رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» .
قال: أن الصوم يكفر الخطايا
ب . ] إن الصيام من الأعمال التي يكفر الله بها الخطايا والذنوب، فعن حذيفة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « „ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ” »..
ومعنى هذا الحديث:
الإنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال بهم عما ينفعه في آخرته، وتارةً يقصر في الحق الواجب عليه تجاههم، وتارةً قد يقع في ظلمهم ويأتي إليهم ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به. فإذا حصل للإنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، فيكون الصيام من إحدى الطاعات التي تكفر عنه ذنوبه.
« „ ٦ ” » الجود وقراءة القرآن
أ.] عن ابن عباس قال: « „ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ” ».
ب.] الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة:
فـ مِنْ فضائل الصيام: أنَّه يَشْفَعُ للعبد يوم القيامة، ويَسْتُرُهُ مِن الآثام والشهوات الضارَّة، ويَقيهِ مِنَ النار؛ عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ [إنِّي] مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ [والشهوة]؛ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ القُرْآنُ: [ربِّ] مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ»، قَالَ: «فَيُشَفَّعَانِ».. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ»..
.. فائدة:
شهر رمضان هو شهر القرآن.. فينبغي أن يكثر العبد المسلم مِن قراءته، وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله، فـ
أ.]. كان جبريل يدارس النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان، و
ب.]. كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم مرة، و
ج.]. كان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، و
د.]. بعضهم في كل سبع، و
هــ.]. بعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فــ
و.]. كان للشافعي في رمضان ستون ختمه، يقرؤها في غير الصلاة، و
ز.]. كان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
وقال ابن عبدالحكم: "كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف."
وقال عبدالرزاق: "كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن."
وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
قال ابن رجب: "إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان." .
الجزء الأول من فضائل شهر رمضان.. ويليه بإذنه الجزء الثاني .
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
المصادر والمراجع يرجى مراجعة الكاتب!
سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء ؛ وسبل العلماء ؛ وبساتين البلغاء ؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟
[كِتَابُ الصَّوْمِ ]
مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى -
‏‏الأربعاء‏، 05‏ رمضان‏، 1443هــ ~ 06‏ أبريل ‏، 2022م

F ٤ D tQqXgE hgw~Q,XlA










عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 06 / 04 / 2022, 51 : 08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.08 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بارك الله فيك في ميزان حسناتك شيخنا









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 07 / 04 / 2022, 13 : 03 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
محمد نصر
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمد نصر


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 9
المشاركات: 65,283 [+]
بمعدل : 10.92 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 6736
نقاط التقييم: 164
محمد نصر has a spectacular aura aboutمحمد نصر has a spectacular aura about

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمد نصر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا











عرض البوم صور محمد نصر   رد مع اقتباس
قديم 07 / 04 / 2022, 47 : 03 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
فضائل رمضان
[ ٢ ] الجزء الثاني
.. ونستضئُ بنور النبوة الساطع في الأفاق نقلاً من صحيح البخاري حين يتحدث عن: " فَضْلُ الصَّوْمِ " فقد..
حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ « „ الصِّيَامُ جُنَّةٌ ” ». (أي وقاية) مِن النار، وأنَّه تُفتَّحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ لكثرةِ الأعمال الصالحةِ المشروعةِ فيه المُوجِبةِ لدخول الجَنَّة، وأنَّه تُغْلَقُ فيه أبوابُ النارِ لقِلَّةِ المَعاصي والذنوب المُوجِبةِ لدخول النار.
وأن الله -عز وجل- يفتح فيه أبواب الجنان، ويُغلق فيه أبواب النيران، ويُصفِّد فيه الشياطين، – وأنَّه فيه تُغَلُّ وتُوثَقُ الشياطينُ؛ فتعجزُ عن إغواءِ الطائعين، وصَرْفِهِم عن العمل الصالح، فــ من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال : « „ إِذَا جَاءَ [دخل] رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ [وسلسلت] الشَّيَاطِينُ ” ».. وعن النبي-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: « „ إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة ” »..
أكرم الخالق الوهاب جميع خلقه دون استثناء { قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه:50].وأرشدهم بالغرائز التي غرزت فيهم لما ينفعهم؛ ثم -سبحانه- زاد إرشاداً لصنفٍ من خلقه دون سواه.. وهو الإنسان فارسل منهم { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [النساء:165]
والإشكال عند البشر بيّنه القرآن الكريم حين نطق فقال { وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُون } [المائدة:70] ..
فقضية ما ينفع الناس أو ما يضرهم.. لم يتركها -سبحانه وتعالىٰ- لــ بني آدم؛ بل تدخل -سبحانه- .. فيقال عند الناس: „ كل صانع أدرىٰ بصناعته ” ؛ فما بالك بخالق الإنسان والحياة والكون من عدم.. أواصل مع حضارتكم الحديث عن : فضائل شهر الصيام: واختصاصَ الصائمين ببابٍ مِنْ أبواب الجنَّةِ يدخلون منه دون غيرهم؛ إكرامًا لهم وجزاءً علىٰ صيامهم:
« „ ٧ ” »
إذ أن الله أعد لأهل الصيام باباً في الجنة لا يدخل منه سواهم؛ فمن أسباب دخول الجنة الصيام، وإن أحد أبواب الجنة الثمانية " باب الريان "، وهو باب يدخل منه الصائمون الجنة، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال: « „ إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ،[فيدخلون منه،] فَإِذَا دَخَلُوا [فإذا دخل آخرهم ] أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ” » . و
في رواية : « „ في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون ” ».
« „ ٨ ” »
الصيام من الأعمال التي وعد الله صاحبها بالمغفرة والأجر العظيم:
فقال -سبحانه وتعالىٰ-: { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }
« „ ٩ ” »
للصائم فرحتان:
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قاٍل رسول الله-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: « „ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ [بفطره]، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ [تبارك وتعالىٰ] فَرِحَ بِصَوْمِهِ ” »
قال ابن رجب: „ أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة علىٰ الميل إلىٰ ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصا عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعا، فإن كان ذلك محبوبا لله كان محبوبا شرعا، والصائم عند فطره كذلك، فكما أن الله -تعالىٰ- حرَّم علىٰ الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات، فقد أذن له فيها في ليل الصيام، بل أحب منه المبادرة إلىٰ تناولها في أول الليل „ وجبة الإفطار ” وآخره „ وجبة السحور ”.. فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقربا إليه وطاعة له، وبادر إليها في الليل تقربا إلىٰ الله وطاعة له، فما تركها إلا بأمر ربه، ولا عاد إليها إلا بأمر ربه، فهو مطيع له في الحالين.. وإن نوىٰ بأكله وشربه تقوية بدنه علىٰ القيام والصيام كان مثابا علىٰ ذلك، كما أنه إذا نوىٰ بنومه في الليل والنهار التقوِّي علىٰ العمل كان نومه عبادة.. ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنىٰ فرح الصائم عند فطره، فإن فطره علىٰ الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته، فيدخل في قوله تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }، ولكن شرط ذلك أن يكون فطره علىٰ حلال، فإن كان فطره علىٰ حرام كان ممن صام عما أحل الله، وأفطر علىٰ ما حرم الله، ولم يستجب له دعاء، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يطيل السفر:« „ يمد يديه إلىٰ السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك ” ».. وأما فرحه عند لقاء ربه فما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرا، فيجده أحوج ما كان إليه، كما قال الله تعالى:{ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً }، وقال تعالى: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً }، وقال تعالى: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ }
فــ للصائم فرحتين : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ؛
- يفرح الصائم إذا أفطر بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، فيفرح بما أنعم الله عليه من القيام بعبادة الصيام الذي هو من أفضل الأعمال الصالحة، وكم من أناس حرموه فلم يصوموا، ويفرح بما أباح الله له من الطعام والشراب والنكاح الذي كان محرماً عليه حال الصوم . و
- قيل: إن فرحه بفطره من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة علىٰ مستقبل صومه.
وكذلك يفرح الصائم بصومه عند لقاء ربه؛ لما يجد من جزاء عظيم وثواب كبير، و
- قيل: الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه. وأما فرحه عند لقاء ربه : فيفرح بصومه حين يجد جزاءه عند الله -تعالىٰ- موفوراً كاملاً في وقت هو أحوج ما يكون إليه حين يقال : أين الصائمون ليدخلوا الجنة من باب الريان الذي لا يدخله أحد غيرهم .
..« „ ١٠ ” »
خلوف فم الصائم أطيب عند الله -تعالىٰ- من ريح المسك:
إن من أكبر الدلائل علىٰ عظم فضل الصيام، أن خُلوف فم الصائم أطيب عند الله -تبارك وتعالىٰ- من رائحة المسك، لأنها من آثار الصيام ، فكانت طيِّبة عند الله سبحانه ومحبوبة له ، وهذا دليل علىٰ عظيم شأن الصيام عند الله حتىٰ إن الشيء المكروه المستخبث عند الناس يكون محبوباً عند الله وطيِّباً لكونه نشأ عن طاعته بالصيام.
والخُلوف هو تغير رائحة الفم بسبب الصوم، فقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « „ والَّذي نَفْسُ محمد بيده لخلوفُ فم الصَّائم أطيب عند الله [عز وجل يوم القيامة] من ريح المسك ” ».
قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله- في كتابه التمهيد : „ يريد أزكىٰ عند الله -تعالىٰ- وأقرب لديه وأرفع عنده من رائحة المسك ” .
قال ابن رجب : „ خُلوف الفم: رائحة ما يتصاعد منه من الأبخرة، لخلو المعدة من الطعام بالصيام، وهي رائحة مستكرهة في مشام الناس في الدنيا، لكنها طيبة عند الله حيث كانت ناشئة عن طاعته، وابتغاء مرضاته.. وفي طيب ريح خلوف الصائم عند الله عز وجل معنيان:
أحدهما: أن الصيام لما كان سرا بين العبد وربه في الدنيا، أظهره الله في الآخرة علانية للخلق، ليشتهر بذلك أهل الصيام، ويعرفون بصيامهم بين الناس جزاء لإخفائهم صيامهم في الدنيا.. و
المعنى الثاني: أن مَن عبد الله وأطاعه وطلب رضاه في الدنيا بعمل، فنشأ من عمله آثار مكروهة للنفوس في الدنيا، فإن تلك الآثار غير مكروهة عند الله، بل هي محبوبة له، وطيبة عنده، لكونها نشأت عن طاعته واتباع مرضاته، فإخباره بذلك للعاملين في الدنيا فيه تطييبٌ لقلوبهم، لئلا يكره منهم ما وجد في الدنيا" .
و
عُلل كون خُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك : „ لأنها مِن آثار الصيام فكانت طيبة عند الله -سبحانه- ومحبوبة له، وهذا دليل على عظيم شأن الصيام عند الله ” .
« „ ١١ ” »
دعاء الصائم مستجاب:
إن من فضائل الصيام أن دعاء الصائم مستجاب، فعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « „ ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ ” » .
« „ ١٢ ” »
الصيام يطهر القلب:
إن صيام شهر رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وَحَرَ الصدر أي الغل والحقد والغش ووساوس الشيطان وما يحصل في القلب من كدرة أو قسوة، فعَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:« „ صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ ” » . و
في رواية أخرىٰ:« „ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ” » .
« „ ١٣ ” »
جعل الله -تعالىٰ- الصيام من الكفارات لعظم أجره:
فجعل الله الصيام من الكفارات لأمور كثيرة، منها:
أ‌ . ) كفارة فدية الأذىٰ في الحج أو العمرة، فقال -تعالىٰ-: { فَفِدْيَةٌ مِن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ } .
ب . ) كفارة المتمتع إذا لم يجد الهَدْي في الحج، فقال -تعالىٰ-: { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } .
ت . ) كفارة القتل الخطأ، فقال -تعالىٰ-: « „ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ” » .
ث . ) كفارة اليمين، فقال -تعالىٰ- : { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ” » .
« „ ١٤ ” »
من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة:
فعَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : « „ مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ” » ؛ و
في رواية أخرىٰ: « „ من ختم له بصيام يوم يريد به وجه الله -عز وجل- أدخله الله الجنة ” » .
قال الإمام المناوي -رحمه الله- في كتابه فيض القدير: „ أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب ” .
« „ ١٥ ” »
الصيام سبيل إلى غرف الجنة:
إن المداوم علىٰ الصيام له أجر عظيم عند الله -تبارك وتعالىٰ-، ومن الثواب الكبير الذي يُكافأ به (غرف الجنة)، فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم: « „ إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا ” » ؛ فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: „ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ” ، قَالَ: « „ لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّىٰ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ” » .
« „ ١٦ ” »
وقد أشار النبي -ﷺ- إلىٰ بعض فوائد الصوم في قوله ﷺ: من حديث ابن مسعود قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: « „ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ” » .
« „ ١٧ ” »
أن الله -عز وجل- جعل صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً سبباً لمغفرة الذنوب :
فـ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -ﷺ- قال: « „ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” » . وأنَّه تُسَنُّ فيه صلاةُ التراويح، اقتداءً بالنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي رَغَّبَ في القيام بقوله عن أبي هريرة قال: « „ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” » .
« „ ١٨ ” »
وأنَّ فيه ليلةً هي خيرٌ مِنْ ألف شهرٍ، وقيامها مُوجِبٌ للغفران؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: « „ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ ” »، وقولِه -صلَّى الله عليه وسلَّم-: « „ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” »، وثبت عنه -ﷺ- أنه: « „ كان في الغالب لا يزيد في رمضان ولا في غيره علىٰ إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا ” »، وثبت عنه ﷺ أنه في بعض الليالي : « „ صلىٰ ثلاثَ عشرةَ ركعة ” »، وليس في قيام رمضان حد محدود لقول النبي -ﷺ- لما سئل عن قيام الليل قال: « „ مَثنىٰ مثنىٰ فإذا خشي أحدكم الصبح صلىٰ ركعة واحدة واحدة توتر له ما قد صلىٰ ” »، ولم يحدد ﷺ للناس في قيام الليل ركعات محدودة، بل أطلق لهم تلك، فمن أحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو ثلاثا وعشرين، أو أكثر من ذلك أو أقل فلا حرج عليه.
ولكن الأفضل هو ما فعله النبي ﷺ وداوم عليه في أغلب الليالي، وهو إحدى عشرة ركعة مع الطمأنينة في القيام والقعود والركعوع والسجود وترتيل التلاوة، وعدم العجلة، لأن روح الصلاة هو الإقبال عليها بالقلب والخشوع فيها، وأداؤها كما شرع الله بإخلاص وصدق ورغبة ورهبة وحضور قلب. كما قال سبحانه: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } [المؤمنون:1، 2]، وقال النبي ﷺ: « „ وجعلت قرة عيني في الصلاة ” »، وقال للذي أساء في صلاته: « „ إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ” »،
وكثير من الناس يصلي في قيام رمضان صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقرًا وذلك لا يجوز بل هو منكر لا تصح معه الصلاة، فالجواب الحذر من ذلك، وفي الحديث عنه ﷺ أنه قال: « „ أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته ” »، قالوا ” يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ ” ، قال : « „ لا يتم ركوعها ولا سجودها ” »،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعلىٰ المسلمين كذلك حفظ صيامهم عما حرمه الله عليهم من الأوزار والآثام، فقد صح عن النبي -ﷺ- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: « „ مَن لم يدع قول الزور والعمل به [والجهل] فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ” »، وقال -عليه الصلاة والسلام-: « „ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ سابه أو شتمه فليقل: إني صائم ” »، وجاء عنه -ﷺ- أنه قال : « „ ليس الصيام عن الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث ” » .
وقال جابر عبدالله الأنصاري رضي الله عنه: „ إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذي الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء ” » .
:" والصيامُ فرصةٌ لترك الدخان والصحبة الفاسدة والسهر علىٰ المعصية وذلك حين يمتنع عن الطعام والشراب ويسهر في بيوت الله -تعالىٰ- في صلاة وعبادة.
« „ ١٩ ” »: إطعام الطعام:
{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } [8] { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُورًا } [9] {إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } [10] { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا } [11] { وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } [سورة الإنسان: 12]
عن زيد بن خالد الجهني قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: « „ مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ” » .
وقد كان السلف الصالح يحرصون علىٰ إطعام الطعام ويقدمونه علىٰ كثير من العبادات. وقد قال بعض السلف: „ لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل ” .
« „ ٢٠ ” »:
صلاة التراويح :
من قام فيه مع الإمام حتىٰ ينصرف كتب له قيام ليله.. لما ثبت من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « „ إنه مَن قام مع الإمام حتىٰ ينصرف كتب له قيام ليلة ” ».

« „ ٢١ ” »:
أن صيامه ثم " صيام ستة شوال" . كصيام الدهر يعدل صيام عشرة أشهر، كما يدل علىٰ ذلك ما ثبت في "صحيح مسلم" (1164) مِن حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « „ من صام رمضان، ثم أتبعه ستا مِن شوال كان كصيام الدهر ” » .
« „ ٢٢ ” »:
أن العمرة فيه تعدل حجة
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لامرأةٍ مِن الأنصار: « „ ما منعك أن تحجي معنا؟ ” ». قالت: „ لم يكن لنا إلا ناضحان، فحج أبو ولدها وابنها علىٰ ناضح، وترك لنا ناضحا ننضح عليه ”؛ قال: « „ فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة ” » وفي رواية: « „ حجة معي ” ».
والناضح هو البعير يِسْقُون عليه.
« „ ٢٣ ” »:
الاعتكاف
عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-« „ كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ‟» .
قال ابن القيم -رحمه الله- مبيِّناً بعض الحِكَم من الاعتكاف: „ اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة عن سيره إلى الله، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ”.
: " فينبغي للصائم الإكثار من الصلوات والصدقات والذكر والاستغفار، وسائر أنواع القربات في الليل والنار، اغتنامًا للزمان ورغبة في مضاعفة الحسنات، ومرضاة فاطر الأرض والسموات. الحذر من كل ما ينقص الصوم، ويضعف الأجر، ويغضب الرب عز وجل من سائر المعاصي، كالتهاون بالصلاة والبخل بالزكاة وأكل الربا وأكل أموال اليتامى، وأنواع الظلم وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والدعاوي الباطلة، والأيمان الكاذبة، وتبرج النساء، وعدم تسترهن من الرجال، والتشبه بنساء غير مسلمات في لبس الثياب القصيرة، وغير ذلك مما نهىٰ الله عنه ورسوله -ﷺ-. وهذه المعاصي التي ذكرنا محرمة في كل زمان ومكان، ولكنها في رمضان أشد تحريمًا، وأعظم إثمًا، لفضل الزمان وحرمته. ". .
" وفي الصوم فوائد كثيرة غير ما تقدم تظهر للمتأمل من ذوي البصيرة، ومنها أنه يطهر البدن من الأخلاط الرديئة ويكسبه صحة وقوة، وقد اعترف بذلك الكثير من الأطباء وعالجوا به كثيرًا من الأمراض ".
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
د. الْفَخْرُ فَخْرُ الدينِ مُحَمَّدُ الرَّمَادِيُّ بِـ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَىٰ
الخميس‏، 06‏ رمضان‏، 1443~‏ 07‏ أبريل‏، 2022م









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 07 / 04 / 2022, 49 : 03 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
[كِتَابُ الصَّوْمِ ] :.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[ آية ٣٠؛ سورة النمل ٢٧]
{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز }[*]{ لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد }
كِتَابُ « „ الصَّوْمِ ” »
{ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون } ".
[ ٤ ] فَضْلُ الصَّوْمِ
فضائل وخصائص شهر القرآن « „ رمضان ” »
.. الصيامُ وفق الشريعة الغراء الإسلامية ؛ وتبعاً للمنهجية الرسولية ؛ والطريقة النبوية المحمدية مدرسةٌ عقائدية وإيمانية.. وتربية عالية نفسية وتمارين إدراكية استيعابية عقلية ؛ وعموماً صحية للبدن والجسد وتصح به الروح والنفس والعقل والذهن معاً.. إذا سارت وفق أوامر الخالق للإنسان وموجد الحياة ومكون الكون ، وكيفما صام النبي الأمي محمد بن عبدالله وفطر وصلىٰ وقام واعتكف وشد مئزره وما فُعل ليلة القدر ، كما وأنه مدرسة تربوية تعليمية لمجتمع { اقْرَأْ } ، مبنية علىٰ عقيدة قوية وإيمان متين.. مبنية علىٰ سنة صحيحة.. تبدءُ مراحلها الأولىٰ بــ { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } بناءً علىٰ خطاب الخالق الرازق -سبحانه وتعالىٰ-: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } وتخفيفاً لهذا التكليف نبه الذين أمنوا مِن أمة محمد.. أمة الإسلام بقوله -عز وجل-: { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } لكي تتحق الغاية الأسمىٰ المرجوة مِن علاقة العبد المطيع الواعي والفاهم للرب الرحيم السميع { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون }
وتكتمل خطوات الطاعة بــ الصبر بأنواعه، ومخالفة ميول النفس ورغباتها، وكسر شهوة الطعام والشراب وتنظيم مظاهر الغريزة واحترام النظام العام الخاص وتفعيله في السر والعلن ، والتزام الجماعة المؤمنة ، ورعاية الإنسانية بــ الإحسان إلىٰ الفقراء ، ومواساة المساكين والعطف علىٰ المحتاجين ، وتطهير الروح وتصفية النفس من شوائب الدنيا وسفاسف الأمور والانشغال بلذات العبادات مِن صلاة وذكر، وقيام واعتكاف وتلاوة للقرآن الكريم إثناء الشهر الفضيل شهر القرآن العظيم والذكر الحكيم والفرقان المبين كي يستشعر المؤمن حلاوة الطاعة وفق منهاج السماء وشريعة الأنبياء.. ليكمل بقية شهور السنة علىٰ منوال الشهر الفضيل..
.. إننا الآن في شهر ٍ عظيم مبارك ، ألا وهو شهر رمضان ، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن ، شهر العتق من النيران والغفران لذنوب الإنسان الضعيف والأثام والنزوات ، شهر الصدقات والإحسان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات ، وتضاعف فيه الحسنات ، وتقال فيه العثرات ، شهر تجاب فيه الدعوات ، وترفع فيه الدرجات ، وتغفر فيه السيئات ، شهر يجود الله -تبارك وتعالىٰ- فيه علىٰ عباده بكافة أنواع الكرامات وجزيل النفحات ، ويجزل فيه لأوليائه العطيات ، جعله الله موسمًا للخيرات ، وزادًا للتقوىٰ ولتنزيل البركات ، شهرٌ جعل الله -الحكيم الخبير- صيامه أحد أركان الإسلام ، فصامه المصطفىٰ -ﷺ- وأمر الناس بصيامه ، وأخبر عليه -الصلاة والسلام- أن مَن صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم مِن ذنبه ، ومَن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم مِن ذنبه ، شهرٌ فيه ليلةٌ خير مِن ألف شهر ، مَن حَرمَ خيرها فقد حرم الخير الوفير ، فاستقبلوه بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة علىٰ صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلىٰ الخيرات والمبادرة فيه إلىٰ التوبة النصوح مِن سائر المعاصي والذنوب والسيئات والتناصح والتعاون علىٰ البر والتقوىٰ ، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلىٰ كل خير وفق كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين وإمام المتقين لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم.

و
من روائع كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله- قوله: «لَمّا كَانَ صَلَاحُ الْقَلْبِ وَاسْتِقَامَتُهُ عَلَىٰ طَرِيقِ سَيْرِهِ إلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ- مُتَوَقّفًا عَلَىٰ جَمْعِيّتِهِ عَلَىٰ اللّهِ وَلَمَّ شَعَثِهِ بِإِقْبَالِهِ بِالْكُلّيّةِ عَلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، فَإِنّ شَعَثَ الْقَلْبِ لَا يَلُمّهُ إلّا الْإِقْبَالُ عَلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، وَكَانَ فُضُولُ الطّعَامِ وَالشّرَابِ.. وَفُضُولُ مُخَالَطَةِ الْأَنَامِ.. وَفُضُولُ الْكَلَامِ.. وَفُضُولُ الْمَنَامِ مِمّا يَزِيدُهُ شَعَثًا، وَيُشَتّتُهُ فِي كُلّ وَادٍ وَيَقْطَعُهُ عَنْ سَيْرِهِ إلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، أَوْ يُضْعِفُهُ أَوْ يَعُوقُهُ وَيُوقِفُهُ اقْتَضَتْ رَحْمَةُ الْعَزِيزِ الرّحِيمِ بِعِبَادِهِ أَنْ شَرَعَ لَهُمْ مِنْ الصّوْمِ مَا يُذْهِبُ فُضُولَ الطّعَامِ وَالشّرَابِ، وَيَسْتَفْرِغُ مِنْ الْقَلْبِ أَخْلَاطَ الشّهَوَاتِ الْمعوقةِ لَهُ عَنْ سَيْرِهِ إلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، وَشَرْعِهِ بِقَدْرِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بَهْ الْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ وَلَا يَضُرّهُ وَلَا يَقْطَعُهُ عَنْ مَصَالِحِهِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ، وَشَرَعَ لَهُمْ الِاعْتِكَافَ الّذِي مَقْصُودُهُ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَىٰ اللّهِ -تَعَالَىٰ-، وَجَمْعِيّتُهُ عَلَيْهِ وَالْخَلْوَةُ بِهِ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْخَلْقِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ وَحْدَهُ -سُبْحَانَهُ-؛ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذِكْرُهُ وَحُبّهُ وَالْإِقْبَالُ بَدَلَهَا، وَيَصِيرُ الْهَمّ كُلّهُ بِهِ، وَالْخَطَرَاتُ كُلّهَا بِذِكْرِهِ، وَالتّفَكّرِ فِي تَحْصِيلِ مَرَاضِيهِ وَمَا يُقَرّبُ مِنْهُ؛ فَيَصِيرُ أُنْسُهُ بِاَللّهِ بَدَلاً عَنْ أُنْسِهِ بِالْخَلْقِ فَيَعُدّهُ بِذَلِكَ لِأُنْسِهِ بِهِ يَوْمَ الْوَحْشَةِ فِي الْقُبُورِ حِينَ لَا أَنِيسَ لَهُ وَلَا مَا يَفْرَحُ بِهِ سِوَاهُ فَهَذَا مَقْصُودُ الِاعْتِكَافِ الْأَعْظَم.
و
قد استفاضت فضائل الشهر المبارك وكثرت، واشتهرت بفضله الأخبار وتواترت فيه الآثار، ففي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة، فــ خصَّ الله -عز وجل- شهر رمضان بفضائل وخصائص عن بقية الشهور، ومن ذلك:
.. - وقد أشار الله -سبحانه وتعالى- إلىٰ هذه الفوائد في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون }، فأوضح -سبحانه- أنه كتب علينا الصيام لنتقيه -سبحانه- فدل ذلك علىٰ أن الصيام وسيلة للتقوىٰ، والتقوىٰ هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهىٰ عنه عن إخلاص لله -عز وجل-، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقي العبد عذاب الله وغضبه ، فنبني جداراً ضد المعاصي ونفتح أبواباً للطاعات.. فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوىٰ ، وقربىٰ إلىٰ المولىٰ -عز وجل- ، ووسيلة قوية إلىٰ التقوىٰ في بقية شؤون الدين والدنيا. وعلىٰ مدار العام والأيام والسنين.
.. وكما فَرَضَ اللهُ -تعالىٰ- الصيامَ { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } فقد كتبه علىٰ مَن سبقكم من جميعِ الأُمَمِ وإِنْ اختلفَتْ بينهم كيفيتُه ووقتُه { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }.. ولولا أنه عبادة عظيمة لا غنىٰ للخلق عن التعبد بها لله وعمّا يترتب عليها من ثواب ما فرضه الله علىٰ جميع الأمم ،
.. فــ في السَّنَةِ الثانية مِن الهجرة أَوْجَبَ اللهُ -تعالىٰ- صيامَ رمضان وجوبًا آكدًا علىٰ المسلم البالغ، فإِنْ كان صحيحًا مُقيمًا وَجَبَ عليه أداءً، وإِنْ كان مريضًا وَجَبَ عليه قضاءً، وكذا الحائض والنُّفَساء، وإِنْ كان صحيحًا مُسافرًا، خُيِّرَ بين الأداءِ والقضاء، وقَدْ أَمَرَ -تعالىٰ- المُكلَّفَ أَنْ يصوم الشهرَ كُلَّه مِنْ أوَّلِهِ إلىٰ مُنْتهاهُ، وحدَّد له بدايتَه بحدٍّ ظاهرٍ لا يخفىٰ عن أحَدٍ، وهو رؤيةُ الهلال أو إكمالُ عِدَّةِ شعبانَ ثلاثين يومًا؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لَا تَصُومُوا حَتَّىٰ تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّىٰ تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»..
.. كما حدَّد له بدايةَ الصومِ بحدودٍ واضحةٍ جَليَّةٍ، فجَعَلَ -سبحانه- بدايةَ الصومِ بطلوع الفجر الثاني، وحدَّد نهايتَه بغروب الشمس في قوله -تعالىٰ-: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِ﴾، وبهذه الكيفيةِ والتوقيتِ تَقرَّرَ وجوبُه حتميًّا في قوله -تعالىٰ-: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُ﴾، وصارَ صومُه ركنًا مِن أركانِ الإسلام، فمَنْ جَحَدَ فرضيته وأَنْكَرَ وجوبَه فهو مُرْتَدٌّ عن دِينِ الإسلام، يُسْتتابُ [ثلاثاً] فإِنْ تابَ وإلَّا قُتِلَ كُفْرًا [الحاكم الشرعي والقاضي الشرعي؛ وهذه الجزئية من الأحكام الشرعية العملية (الحدود.. العقوبات.. التعزير) غائبة في البحث اليوم والتنبيه)]، ومَن أَقَرَّ بوجوبه، وتَعَمَّدَ إفطارَه مِنْ غيرِ عُذْرٍ فقَدِ ارتكب ذَنْبًا عظيمًا وإثمًا مُبينًا يَسْتَحِقُّ التعزيرَ والردع (وهذه الجزئية تحتاج لتفصيل؛ فمَن داعب أو جامع زوجته في نهار رمضان.. أو افطر لسبب آخر عمدا يختلف عن مَن فعل ناسياً)...
- ومِنْ فوائد الصيام:
أنَّه مُوجِبٌ لتَقْوَىٰ الله في القلوب ، وإضعافِ الجوارح عن الشهوات ، قال -تعالىٰ-: ﴿لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾، في مَعْرِضِ إيجابِ الصيام؛ لأنَّه سببٌ للتَّقوىٰ لتضييقِ مَجاري الشهوات وإضعاف الرغبات وإماتتها؛ إذ كُلَّما قَلَّ الأكلُ ضَعُفَتِ الشهوةُ، وكُلَّما ضَعُفَتِ الشهوة قَلَّتِ المَعاصي. كــ تمرين عملي بالقدرة علىٰ كبح رغبات الطعام بلا ضابط والمشروبات بأنواعها دون تحكم والميل الجنسي حين حاكم..
فــ الغاية المرجوة مِن الصيام تحقق التقوىٰ التي أمر الله بها ووصَّىٰ بها جميع الأمم قال -تعالىٰ-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}.
.. { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ } تخفيفاً للتكليف وتقليلاً لعددها.. فــ يمتنع فيها المسلم عن جميع المفطرات مِن طلوع الفجر إلىٰ غروب الشمس بنية التعبد لله -تبارك وتعالىٰ-.. { أَيَّامًا } في العام؛ فهو مِن أعظم الطاعات التي يُتقرَّب بها إلىٰ الله -سبحانه وتعالى-، ويثاب المسلم عليه ثواباً لا حدود له، وبه تغفر الذنوب، وبه يقي اللهُ العبدَ مِن النار، وبه يستحق العبد دخول الجنان مِن باب خاص أُعدَّ للصائمين، وبه يفرح العبد عند فطره وعند لقاء ربه. فــ الصيام في رمضان هو ركن رابع مِن أركان بناء الإسلام ومَبانيهِ العِظام التي لا يكتمل إسلام المرء إلا بها .
.. أن الله -عز وجل- جعل صومه الركن الرابع مِن أركان الإسلام، وإيجابُ صيامِه علىٰ هذه الأُمَّةِ وجوبًا عينيًّا؛
الدليل:
أ . ] من القرآن العظيم : { شَهْرُ رَمَضَانَ .. فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه }
ب . ] من السنة المحمدية العطرة : ثبت من حديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ»
.. تنبيه :
وَقَعَ في «صحيح البخاريِّ» تقديمُ الحجِّ علىٰ الصوم، وعليه بَنَىٰ البخاريُّ ترتيبَه، لكِنْ وَقَعَ في «مسلمٍ» مِنْ روايةِ سعد بنِ عُبَيْدةَ عن ابنِ عمر بتقديمِ الصومِ علىٰ الحجِّ، قال: فقال رجلٌ: «والحجُّ وصيامُ رمضان»، فقال ابنُ عمر: «لا، صيامُ رمضانَ والحجُّ، هكذا سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-».
.. وهو معلومٌ مِن الدِّينِ بالضرورة وإجماعِ المسلمين علىٰ أنَّه فرضٌ مِنْ فروضِ الله -تعالىٰ-.
.. أن الله -عز وجل- أنزل فيه القرآن؛ فــ إنزال القرآنِ فيه لإخراجِ الناس مِن الظلمات إلىٰ النور بإذنه، وهدايتِهم إلىٰ سبيل الحقِّ وطريقِ الرشاد، وإبعادِهم عن سُبُلِ الغَيِّ والضلال، وتبصيرِهم بأمور دِينِهم ودُنْياهُمْ، بما يَكْفُلُ لهم السعادةَ والفلاحَ في العاجلةِ والآخرة، قال -تعالىٰ-: { شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ }..
.. وقال أيضا: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ }
.. أن الله -تبارك وتعالىٰ- جعل فيه ليلةَ القدر، التي هي خيرٌ مِن ألف شهر، كما قال -تعالىٰ-: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }
.. ميزة شهر رمضان.. شهر القرآن والصيام والقيام:
ومِنْ ميزةِ هذا الشهرِ العظيمِ ما يلي:

.. أنَّ لله -تعالت قدرته وسمت حكمته- في شهر رمضان في كل ليلة منه عُتَقَاءَ مِن النار، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:« إن لله -تبارك وتعالىٰ- عتقاء في كل يوم وليلة »- يعني في رمضان- ، و
«إِنَّ للهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ».
.. الدعاء
وقد كان مجيء قوله -تعالىٰ-: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون } بين آيات الصيام دليلاً واضحاً علىٰ أهمية هذه العبادة في هذا الشهر.
*.) والدعاء هو العبادة:
وهو يدل علىٰ افتقار العبد إلىٰ ربه وحاجته إلىٰ خالقه في كل حال، وقد سمَّاه الله -تعالىٰ- عبادة في قوله: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين }.
- ومِنْ فضائله:
أنَّ دُعاءَ الصائمِ مُسْتجابٌ؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «...وَإِنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً»
هذا.. وقد جاء في أثناءِ ذِكْرِ آيات الصيام ووسطها ترغيبُ الصائم بكثرة الدعاء في قوله -تعالىٰ-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾
وشهرُ رمضان مَيَّزَهُ اللهُ -تعالىٰ- بميزاتٍ كثيرةٍ مِنْ بَيْنِ الشهور، واختصَّ صيامَه عن الطاعات بفضائلَ مُتعدِّدةٍ، وفوائدَ نافعةٍ، وآدابٍ عزيزةٍ.
« „ ١ ” ».. إضافة الصيام لله -تعالىٰ- تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم أجره:
ومن فضائل الصوم : أن ثوابه لا يتقيد بعدد معيَّن بل يُعطىٰ الصائم أجره بغير حساب؛ عن أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: « „ قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ” »..
.. وتمام الحديث: « „ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” » ..
.. أن الصوم لله -عز وجل- وهو يجزي به :
أمَّا فضائلُ الصيامِ فمُتعدِّدةٌ منها:- تُضاعَفُ فيه الحسناتُ مُضاعَفةً لا تَنْحصِرُ بعددٍ، بينما الأعمالُ الأخرى تُضاعَفُ الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سبعمائة ضِعفٍ؛ ..فــ مِنْ حديثِ أبي هريرة -رضي الله عنه- قالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ [له] يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ [الصيام] فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، [إنه ترك] يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ [وشرابه] مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» ..
. :" قال ابن رجب معلقاً علىٰ هذه الرواية :" الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلىٰ سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله -عز وجل- أضعافاً كثيرةً بغير حصر عدد، فإن الصيام مِن الصبر، وقد قال الله -تعالىٰ-: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
.. ثم قال -رحمه الله-: "واعلم أن: مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل كالحرم [المكي أو النبوي.. أو المسجد الأقصى وإن لم يكن حرماً].. ومنها شرف الزمان، كـ شهر رمضان وعشر ذي الحجة.. فلما كان الصيام في نفسه مضاعفاً أجره بالنسبة إلىٰ سائر الأعمال كان صيام شهر رمضان مضاعفاً علىٰ سائر الصيام لشرف زمانه، وكونه هو الصوم الذي فرضه الله علىٰ عباده وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها." .. فيَتَجلَّىٰ مِنْ هذا الحديثِ أنَّ الله اختصَّ الصِّيامَ لنَفْسِه عن بقيَّةِ الأعمال، وخصَّهُ بمُضاعَفةِ الحسنات ـ كما تَقدَّمَ ـ وأنَّ الإخلاص في الصيامِ أَعْمَقُ فيه مِنْ غيره مِن الأعمال؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي». كما أنَّ الله -سبحانه وتعالىٰ- يَتَوَلَّىٰ جزاءَ الصائم الذي يحصل له الفرحُ في الدنيا والآخرة، وهو فرحٌ محمودٌ؛ لوقوعه علىٰ طاعةِ الله -تعالىٰ-، كما أشارَتْ إليه الآيةُ:﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ﴾ . كما يُسْتفادُ منه أنَّ ما يَنْشَأُ عن طاعةِ الله مِنْ آثارٍ فهي محبوبةٌ عند الله -تعالىٰ- علىٰ نحوِ ما يحصل للصائم مِنْ تَغيُّرِ رائحةِ فَمِهِ بسبب الصيام... وجاء في رواية لحديث أبي هريرة : لكل عمل كفارة، والصوم لي وأنا أجزي به.
قال ابن رجب: "علىٰ [هذه الرواية] فالاستثناء يعود إلىٰ التكفير بالأعمال، ومن أحسن ما قيل في معنىٰ ذلك ما قاله سفيان بن عيينه -رحمه الله-، قال: هذا من أجود الأحاديث وأحكمها: « „ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَبْدَهُ وَيُؤَدِّي مَا عَلِيهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ سَائِرِ عَمَلِهِ حَتَّىٰ لاَ يَبْقَىٰ إِلاَّ الصَّوْم ، فَيَتَحَمَّلُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ ” » ؛. فيحتمل أن يقال في الصوم: إنه لا يسقط ثوابه بمقاصة (أي قصاص) ولا غيرها، بل يوفر أجره لصاحبه حتىٰ يدخل الجنة، فيوفىٰ أجره فيها.".. قال أيضا: (وأما قوله: " فإنه لي" أحسن ما ذكر في [معنى ذلك] وجهان:
أحدهما: أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جبلت علىٰ الميل إليها لله -عز وجل-، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرىٰ غير الصيام.. وقال :" أن الله اختص لنفسه العليا الصوم من بين سائر الأعمال وذلك لشرفه عنده ومحبته له وظهور الإخلاص له -سبحانه- فيه ".
فيكمل ابن رجب في :
الوجه الثاني: أن الصيام سِرٌّ بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه إلاَّ الله ، لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله، وترك لتناول الشهوات التي يستخفىٰ بتناولها في العادة." .. فإن الصائم يكون في الموضع الخالي من الناس متمكِّناً من تناول ما حرَّم الله عليه بالصيام فلا يتناوله لأنه يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرَّم عليه ذلك فيتركه لله تقوتاً لربه وخوفاً من عقابه ورغبة في ثوابه ؛ فمن أجل ذلك شَكَرَ الله له هذا الإخلاص واختص صيامه لنفسه من بين سائر أعماله ، ولهذا قال : « „ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ” »..
بيان معنى الحديث :
ذكرَ أهلُ العلم أوجهً كثيرةً في بيان معنىٰ الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل، فــ
- قيل: أن الصيام لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره. و
- قيل: أن الله -سبحانه وتعالىٰ- ينفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته. و
- قيل: أن الصيام أحب العبادات إلىٰ الله والمقدم عنده -سبحانه وتعالىٰ-. و
- قيل: أنّ إضافة الصوم لله -تعالىٰ- هو إضافة تشريف وتعظيم كما يقال: "ناقة الله" و"بيت الله". و
- قيل: أنّ الصيام لم يعبد به غير الله -تعالىٰ-.
..
« „ ٢ ” » الصيام من أفضل الأعمال عند الله -تعالىٰ-:
يُعد الصيام من أفضل الأعمال، فهو من الأعمال الصالحة التي لا عدل لها، فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: „ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ” ، قَالَ:« „ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ ” ».
« „ ٣ ” » الصيام جُنَّة من شهوات الدنيا وعذاب الآخرة:
الصيام جُنَّة، أي: وقاية في الدنيا وستر يقي الصائم من اللغو والرفث ، ولذلك قال: « „ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ” » و وقاية في الآخرة، فيقي المسلم في الدنيا من الوقوع في الشهوات والمعاصي، ويقيه في الآخرة من العذاب، فهو حصن حصين في الآخرة من النار. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « „ الصِّيَامُ جُنَّة، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ” ».. وعنه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهعليه وسلم قَالَ: « „ الصيامُ جُنَّةٌ وحِصْنٌ حصينٌ مِنَ النارِ ” ».. ويقيه أيضاً من النار ، فــ عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « „ الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ النَّارِ ” ».. وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « „ الصِّيامُ جُنَّةٌ من النَّارِ، كَجُنَّةِ أحدِكمْ من القِتالِ ” » ..
معنى هذا الحديث:
أن الصيام درع يقي الصائم من المعاصي في الدنيا ومن النار في الآخرة كما يقي الدرع المحارب حين القتال فيمنعه من طعنات العدو ويحميه من الموت بإذن الله -تعالىٰ-. وأن من صام يوما واحدا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عاما، كما ثبت لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ [مَنْ صَامَ] يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا بَاعَدَ [بَعَّدَ] اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» . قال القرطبي: „ سبيل الله طاعة الله، فالمراد من صام قاصدا وجه الله. ”.. وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « „ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ” ».. وعنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « „ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِئَةِ عَامٍ ” »

« „ ٤ ” » يتحقق بالصيام أجر الصبر:
فيجتمع في الصيام أنواع الصبر الثلاثة، وهي الصبر :
« „ ٤. ١ . ” » علىٰ طاعة الله، و
« „ ٤. ٢ . ” » عن معصية الله، و
« „ ٤. ٣ . ” » علىٰ أقداره -سبحانه وتعالىٰ-. فــ
هو صبرٌ :
« „ ١ . ” » علىٰ طاعة الله؛ لأن الصائم يصبر علىٰ هذه الطاعة ويفعلها. و
« „ ٢ . ” » صبرٌ عن معصية الله -سبحانه وتعالىٰ-؛ لأن الصائم يتجنب المعصية حال صيامه. و
« „ ٣ . ” » صبرٌ علىٰ أقدار الله -تعالىٰ-؛ لأن الصائم يصيبه ألم العطش وقرصة الجوع ونوبة كسل ولحظة ضعف النفس ، وفي الصيام اجتمع الصبر بأنواعه كلها فهو صبر علىٰ طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر علىٰ أقدار الله المؤلمة مِن الجوع والعطش وضعف البدن والنفس، فاجتمعت فيه أنواع الصبر الثلاثة فــ كان الصوم مِن أعلىٰ أنواع الصبر؛ وتحقق أن يكون الصائم مِن الصابرين ، وقد قال الله -تعالىٰ-: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.
« „ ٥ ” » الصيام كفارة للخطايا والذنوب:
أ . ] :" أن صيامَ رمضان سببٌ لتكفير الذنوب التي سبقته من رمضان الذي قبله إذا اجتنبت الكبائر، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : أَنَّ صيام رمضان إلىٰ رمضان تكفيرٌ لصغائرِ الذنوب والسَّيِّئات وكبائرها.. لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَىٰ الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَىٰ رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» .
قال: أن الصوم يكفر الخطايا
ب . ] إن الصيام من الأعمال التي يكفر الله بها الخطايا والذنوب، فعن حذيفة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « „ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ” »..
ومعنى هذا الحديث:
الإنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال بهم عما ينفعه في آخرته، وتارةً يقصر في الحق الواجب عليه تجاههم، وتارةً قد يقع في ظلمهم ويأتي إليهم ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به. فإذا حصل للإنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، فيكون الصيام من إحدى الطاعات التي تكفر عنه ذنوبه.
« „ ٦ ” » الجود وقراءة القرآن
أ.] عن ابن عباس قال: « „ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ” ».
ب.] الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة:
فـ مِنْ فضائل الصيام: أنَّه يَشْفَعُ للعبد يوم القيامة، ويَسْتُرُهُ مِن الآثام والشهوات الضارَّة، ويَقيهِ مِنَ النار؛ عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ [إنِّي] مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ [والشهوة]؛ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ القُرْآنُ: [ربِّ] مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ»، قَالَ: «فَيُشَفَّعَانِ».. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ»..
.. فائدة:
شهر رمضان هو شهر القرآن.. فينبغي أن يكثر العبد المسلم مِن قراءته، وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله، فـ
أ.]. كان جبريل يدارس النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان، و
ب.]. كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم مرة، و
ج.]. كان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، و
د.]. بعضهم في كل سبع، و
هــ.]. بعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فــ
و.]. كان للشافعي في رمضان ستون ختمه، يقرؤها في غير الصلاة، و
ز.]. كان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
وقال ابن عبدالحكم: "كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف."
وقال عبدالرزاق: "كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن."
وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
قال ابن رجب: "إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان." .
الجزء الأول من فضائل شهر رمضان.. ويليه بإذنه الجزء الثاني .
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

المصادر والمراجع يرجى مراجعة الكاتب!
سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء ؛ وسبل العلماء ؛ وبساتين البلغاء ؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟
[كِتَابُ الصَّوْمِ ]
مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى -
‏‏الأربعاء‏، 05‏ رمضان‏، 1443هــ ~ 06‏ أبريل ‏، 2022م









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 07 / 04 / 2022, 53 : 03 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بارك الله تعالى فيكما .. أحبتي في الله سبحانه.. وجعلكما لي سندا ..









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 10 / 04 / 2022, 28 : 05 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 54443
عدد المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.55 يوميا
عدد المواضيع : 49
عدد الردود : 1239
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
« „ صوموا تصحوا ” » .
الجزء الثالث
بحثتُ في الجزئين الأول والثاني فضائل الصيام من ناحية النصوص الشرعية.. وأبحثُ مسألة الصيام من الناحية الصحية وما توصل إليه العلم الحديث..
إذ قد يستدل بعض السادة بهذا الحديث « „ صوموا تصحوا ” » دون تبيان درجة صحته ؛ ولقد تتبعت الحديث مِن مصادره..
فخرج معي البحث التالي :
[ 1 . ] الراوي الأول لهذا الحديث : علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-
انظر :
( 1 ) ابن عدي؛ في : الكامل في الضعفاء؛ (3/227)؛ الحديث : فيه الحسين بن علي بن ضميرة : ضعيف منكر الحديث وضعفه بين على حديثه
( 2 ) ابن القيسراني؛ في : ذخيرة الحفاظ؛ (3/1429)؛ الحديث : فيه حسين بن عبدالله متروك الحديث
( 3 ) الصغاني؛ في : الموضوعات؛ (51)؛ الحديث : موضوع.
[ 2 ] الراوي الثاني : أبوهريرة -رضي لله عنه-
انظر :
( 1 ) العراقي؛ في : تخريج الإحياء للغزالي؛ (3/108)؛ الحديث : إسناده ضعيف
( 2 ) السيوطي؛ في : الجامع الصغير؛ (5060)؛ الحديث : حسن
( 3 ) الألباني؛ في : السلسلة الضعيفة؛ ( 253)؛ الحديث : ضعيف
( 4 ) أيضاً عنده: في: ضعيف الجامع؛ ( 3504) الحديث : ضعيف

وجاءت الرواية بزيادة : اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تصحوا:
[ 1 . ] رواه: أبوهريرة -رضي الله عنه-
انظر :
( 1 ) العقيلي؛ في : الضعفاء الكبير؛ ( 2/92 )؛ الحديث : لا يتابع زهير بن محمد عليه إلا من وجه فيه لين
وجاء برواية : : .. وسافروا تستغنوا
( 2 ) عند المنذري؛ في الترغيب والترهيب؛ ( 2/106 )؛ الحديث : رواته ثقات
وجاء برواية
( 3 ) :" اغزوا تضمنوا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا
رواه: أبوهريرة؛ انظر : الدمياطي؛ في المتجر الرابح؛ ( 128 ) ؛ الحديث : رجال إسناده ثقات
وبرواية: اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا
رواه: أبوهريرة انظر : الهيثمي؛ في مجمع الزوائد؛ ( 3/182 ) درجة الحديث : رجاله ثقات
وقال الهيثمي في : مجمع الزوائد أيضاً من رواية أبي هريرة : ( 5/327 ) الحديث : فيه جعفر بن سليمان بن حاجب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات "
[ 2 . ] الراوي الثاني: عبدالله بن عباس :
انظر :
( 1 ) ابن القيسراني؛ في : ذخيرة الحفاظ؛ ( 3/1428 )؛ الحديث : فيه نهشل بن سعيد متروك
( 2 ) الألباني؛ في : السلسلة الصحيحة؛ ( 7/1066)؛ الحديث : إسناده هالك
(3 ) الهيتمي المكي؛ في الزواجر؛ ( 1/197 )؛ الحديث : صحيح أو حسن
( 4) الألباني؛ في ضعيف الرغيب؛ ( 573) درجة الحديث : ضعيف
( 5 ) ايضاً الألباني؛ في السلسلة الضعيفة؛ (5188)؛ الحديث: منكر بهذا السياق
.. والثابت أن العبادات لا تعلل؛ إذ أن العلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً؛ فلو كان آحدهم صحيح البدن ومعافا في جسده فقد يفهم أنه لا داعي للصيامه؛ أو البعض يقول سوف اصوم لتخسيس وزني الزائد أو لتنزيل :" كرش البطن ".. أو تخفيف وزن الجسد..
وعليه فليست الصلاة لتقوية عضلات الظهر أو الفخذين !.. إذ مَن يذهب لمكان الرياضة يمكنه كذلك تقوية عضلات البدن كله ؛ وليس فقط مناطق معينة ..
وايضاً : المطعومات والمشروبات لا تعلل .. وكذلك الملبوسات وتغطية العورة لا تعلل.. فهذه أوامر لمن أمن بالله تعالى ربا خالقا رازقا آمرا ناهياً وأمن أن مَن بلغنا رسالة ربه وهو النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبــيــب المرتضى...
فلحم الخنزير حرام وإن سكن في هيلتون ؛ ورشفة خمر حرام وإن لم تسكر.. وتغطية العورة للبالغ واجبة وإن لم يترتب عليها فتنة...
أما الحكمة .. فهي لا يعلمها إلا الله تعالى-صاحب التشريع والمنهاج- وقد حاول بعض السادة بحص مسالة الحكمة لتقريب المسائل للأذهان وتنوير العقول .. وقد تكون منزلق لضعاف الإيمان...
***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
‏الأحد‏، 09‏ رمضان‏، 1443هــ ~ ‏10‏ أبريل‏، 2022م









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 11 / 04 / 2022, 45 : 01 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
جزاك الله خيرا









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 13 / 04 / 2022, 30 : 02 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
الصيام معجزة علميَّة(*)
الإعجاز العلمي والطبي للصيام؛ الجزء « „ ٤ ” »
في الوقت الذي فرض الله -سبحانه وتعالىٰ- فيه الصوم علىٰ المسلمين شهراً كاملاً في العام هو شهر رمضان، حتىٰ يرسخ في نفوسهم ويصنع في حياتهم كثيراً من المعاني النفسية الراقية والروحية العالية والجسدية والبدنية السليمة التي تكون لهم نبراساً علىٰ مدار العام، تطبيقاً لقوله تعالىٰ : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون } إلا أن شهر رمضان تحول إلىٰ شهر اللهو والطعام والشراب، والكسل والسهر غير المفيد، ومخالفة كافة المعاني والأسباب التي فُرِضَ من أجلها الصوم، فالتقارير تشير إلىٰ أن معظم الشعوب الإسلامية تستهلك من المواد الغذائية في شهر رمضان أربعة أضعاف ما يستهلكونه في أي شهر آخر علىٰ مدار العا ، ويجلسون أمام برامج التسلية والمسلسلات التليفزيونية ساعات مطولة بلا فائدة حقيقية سوىٰ تمضية الوقت وعدم الحركة، وأصبح الكثيرون يمضون النهار في النوم والليل في السهر غير المفيد، ومن يعمل يبدء عمله متأخراً.. مما جعلهم يخسرون معظم الفوائد التي شُرع الصوم من أجلها.
وفي هذا الجزء الرابع أحاول أن نفهم معاً بعض جوانب الإعجاز العلمي والطبي والفوائد الصحية والبدنية للصيام، والعلل والأمراض التي يعالجها الصوم أو التي يقي منها، ودور الصيام في تجديد الخلايا وتقوية جهاز المناعة وتخليص الجسم من السموم والشحوم وفوائد الحركة أثناء الصيام وعدم شرب الماء وفوائد الفطور علىٰ التمر، وقد قدمتُ في الأجزاءالسابقة النصوص الشرعية من الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة..
ايكتفي أن نقف عند الإعجاز البلاغي للقرآن؛ أم نقف عند الإعجاز اللغوي، أم نقف عند الإعجاز العلمي أم البياني" أكسل " فقد كان يعتقد في الماضي أن هذه الفوائد مقصورة علىٰ الجوانب الروحية والعاطفية؛ بيد أن العلم الحديث اليوم يكشف الدليل بعد الآخر علىٰ الفوائد البدنية والنفسية لمن يلتزم التعاليم الإسلامية. هذا وقد ثبت حديثاً أن للصيام فوائد صحية علىٰ جهاز المناعة وعلىٰ الجهاز الدوري والقلب وعلىٰ الجهاز الهضمي وعلىٰ الجهاز التناسلي وعلىٰ الجهاز البولي؛ وأن هذه التأثيرات المفيدة للصيام سجلت علىٰ المستوىٰ الوظيفي للخلايا والأنسجة؛ وتأكدت بالدراسات الكيميائية والمعملية.
فــ يأتي شهر رمضان الكريم علىٰ الناس وهم فيه فريقان :
الأول يهتم بالأغذية الروحية من الذكر وقراءة القرآن والصلاة والصدقة وفعل الخيرات والسعي في الأرض بما ينفع البلاد والعباد وعدم ضياع الوقت في اللهو وتحصيل الشهوات وصيانة النفس من الوقوع في الآثام والموبقات، و
الفريق الثاني عندما يحل عليه الشهر الكريم كل همه أن يحافظ علىٰ صحته الجسدية فيهتم بالأغذية الجسمانية طوال الليل ويقضي معظم النهار نائما أو جالسا في بيته معتقدا أن الحركة والنشاط أثناء الصيام تضعف الجسد وتنهك القوى. بالإضافة إلىٰ أن المراجع الطبية ذكرت أن الحركة العضلية في فترة ما بعد امتصاص الغذاء أثناء الصوم تؤكسد مجموعة خاصة من الأحماض الأمينية ذات السلسلة المتفرعة ( ليوسين وأيسوليوسين والفالين )، وتتأكسد هذه الأحماض أساسا في العضلات، حيث يوجد الأنزيم الخاص بتحويل مجموعة الأمين (Amino Transferase ) بكثرة في جهازي الاحتراق ( الميتوكندريا والسيتوزول ) ( Cytosol ) في الخلايا العضلية، وبعد أن تحصل الخلايا العضلية علىٰ الطاقة المنبعثة من هذا التأكسد يتكون داخل هذه الخلايا حمضين أمينيين في غاية الأهمية، وهما حمضا „ الآلانين“ و „ الجلوتامين“ ، ويعتبر الأول وقودا أساسيا في تصنيع الجلوكوز الجديد في الكبد، ويدخل الثاني في تصنيع الأحماض النووية، ويتحول جزء منه إلىٰ الحمض الأول تحول الأحماض الأمينية ذات السلسلة المتفرعة إلىٰ أحماض أكسوجينية في العضلات، والتي تتأكسد فتنطلق منها الطاقة، ثم يتكون منها حمضي الجلوتاميت والألانين، ويتكون الأخير أيضا من البيروفيت والجلوتاميت، ويعبر إلىٰ الدم ومنه إلىٰ الكبد ليشارك في صنع جلوكوز جديد به يمد العضلات بالطاقة، وهكذا فإن الحركة عمل إيجابي يفيد في إمداد الجهاز الحركي بطاقات جديدة.
كما يتكون أثناء النشاط والحركة حمضا البيروفيت واللاكتيت من أكسدة الجلوكوز في الخلايا العضلية، واللذان يعتبران أيضا الوقود الأولي لتصنيع جلوكوز الكبد يبين ما يعرف بدورة كوريحيث يتكون الحمض اللبني (Lactic Acid ) في العضلات النشطة، ثم يتحول إلى جلوكوز بواسطة الكبد، ويمد العضلات مرة أخرىٰ بالطاقة اللازمة وتزداد هذه الأكسدة بالحركة، لذلك فعملية تصنيع جلوكوز جديد في الكبد تزداد بازدياد الحركة العضلية، وربما تصل إلىٰ ثلاثة أضعافها في حالة عدم الحركة، ويعتبر حمض الألانين أهم الأحماض الأمينية المتكونة في العضلات أثناء الصيام، إذ يبلغ ( 30% ) منها، وتزيد هذه النسبة بالحركة والنشاط، ويتكون من أكسدة بعض الأحماض الأمينية ومن البيروفيت، يتحول هو أيضا إلىٰ البيروفيت عبر دائرة تصنيع الجلوكوز في الكبد، وأكسدته في العضلات.
{ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }، فمِن أوجه خير الصيام في الدنيا قوله -تعالىٰ-: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
فالله جعل صحَّة الأبدان بسبب الصيام من الحياة الطَّيِّبة، التي وَعَد بها المؤمنين والمؤمنات بنصِّ الآية الكريمة، فالمؤمن الحقُّ يُنَزِّه دائمًا الطاعات عن المبرِّرات، فنحن نصوم دائمًا طاعةً لله -تبارك وتعالىٰ- ورغبةً فيما عنده من الثواب.
من الثابت علمياً إن في الثانية الواحدة الإنسان اليافع أو البالغ بتموت منه 150 مليون خلية.
« „ ١ ” » كيمياء جسم الإنسان
للتعرف علىٰ بعض الفوائد الصحية للصيام لا بد من ذكر العمليتين الكيميائيتين اللتين تحدثان داخل أجسامنا وهما:
عملية الهدم Catabolism
عملية البناء Anabolism
وتجري كلتا العمليتين باستمرار في أجسامنا تحت مظلة ما يعرف بالاستقلاب (Metabolism) ، وفي أثناء فترة الصيام تنشط عملية الهدم حيث يقوم الجسم باستهلاك وتدمير الخلايا القديمة (الهرمة والمريضة) في الأعضاء المختلفة، واستهلاك الدهون المختزنة في أنسجة الجسم وأعضائه التي ثبتت أضرارها وأخطارها الصحية، ثم تنشط بعدها عملية البناء بعد الإفطار، ولهذا فإن نظام الصوم في الإسلام المتمثل في الامتناع عن الطعام والشراب لمدة تقارب الأربع عشرة ساعة أو أكثر ثم تتبعه بضع ساعات من السماح بتناول الطعام إنما هو نظام مثالي لتنشيط عمليتي الهدم والبناء لصالح ازدهار صحة الإنسان في أعماق خلاياه وأنسجته وأعضائه، والموقف الإيجابي لدى المسلم تنجم عنه فوائد نفسية وروحية للصائم كالزيادة في هرمونات الجسم الداخلية مثل مجموعة الأندروفينات، والتي يعزىٰ إليها تحسن قدرة الصائم علىٰ بذل الجهد البدني، وكذلك قلة الشعور بالإعياء والتعب خلافا لما يعتقده بعض الناس من أن الصيام يسبب الوهن الجسدي والإعياء، واعتقادهم هذا مجرد فرضية لا أساس لها من الصحة وبالتالي فإن كثيرا من الصائمين يخفض ساعات العمل أثناء صيام النهار ويخلد للراحة والنوم، وقد ثبت علميا أن الصيام ليس له أي تأثير سلبي علىٰ الأداء العضلي أو تحمل الجهد البدني كما أنه لا يؤدي إلىٰ أي من مظاهر الإرهاق والإجهاد، بل العكس هو الصحيح، لأن نتائج البحوث أظهرت تحسنا في القدرة علىٰ تحمل الجهد البدني وفي كفاءة الأداء العضلي أثناء الصيام، كما ظهر تحسن في درجة الشعور بالإرهاق .
فما هو التفسير الحيوي لذلك؟
لقد أظهرت دراسات عديدة أن الصوم يسبب زيادة في الأحماض الدهنية الحرة Free Fatty Acids في الدم، إذ ينجم عن الحركة والنشاط البدني أثناء الصوم في البداية زيادة في تصنيع جلوكوز جديد في الكبد ( بتحويل الجلايكوجين فيه إلى جلوكوز ) ويزداد إنتاج الجلوكوز بازياد الجهد العضلي، وبعد استهلاك الجلوكوز القادم من الكبد يتجه الجسم إلىٰ الدهون ( المخزون الشحمي ) في النسج المختلفة للحصول علىٰ الطاقة، فيقوم بتحرير الأحماض الدهنية من هذه النسج مثل منطقة البطن والأرداف والأحشاء ثم بأكسدة وحرق هذه الدهون لتوليد الطاقة، ولهذا فإن الحركة والنشاط أثناء الصيام إنما هي عمل إيجابي وحيوي يزيد من نشاط عمل الكبد والعضلات، ويخلص الجسم من تراكم الشحوم ( السمنة ) ومن السموم المختزنة في هذه الشحوم والتي تشكل عبئا علىٰ القلب وتسبب أضراراً صحية عديدة وخاصة علىٰ الجهاز الدوري والقلب وعلىٰ البنكرياس، مما قد يسبب ظهور مرض السكري لدىٰ البدناء أكثر من غيرهم.
وبشكل عام فإن الحركة والنشاط أثناء الصيام يقومان بدور تنشيط الكبد خلال النهار، فتتحرك كمية الطاقة المختزنة فيه مما يؤدي بعد ذلك إلىٰ تحرير الأحماض الدهنية في مجرىٰ الدم حيث يجري حرقها والاستفادة منها في توليد الطاقة، وكذلك فإنها تنظف الأعضاء من السموم المتراكمة في الأنسجة وخصوصا الأنسجة المختزنة للدهون، وهذه الوظيفة هي أساسا من وظائف الكبد، أما كثرة النوم والكسل والخمول أثناء النهار فتعطل هذه الفوائد كما تعطل عمليات الهدم الإيجابي المفيد للتخلص من الخلايا الهرمة ومن الشحوم والسموم فيبقىٰ المخزون الدهني والسموم الكامنة فيه كما هي في الجسم، وهكذا يتضح أن الصوم يسبب زيادة الأحماض الدهنية الحرة في الدم فتصبح المصدر الرئيسي للطاقة بدلا من الجلوكوز، وهذا يساعد أيضا في حماية مستوىٰ الجلوكوز في الدم، أي أن الصيام يجعل الجسم يتجه إلىٰ استخدام المصادر الداخلية للطاقة بدلا من المصادر الخارجية التي تستخدم في الظروف الاعتيادية في الأيام التي لا صيام فيها .
« „ ٢ ” » راحة القلب:
عندما ننام تَستريح العين ، وعندما نمشي كثيرًا سنَتْعب، ونجلس علىٰ كرسي؛ لكي نستريح فتستريح القدَمان من التَّعب، فكلُّ أعضاء الجسد تأخذ راحتها في وقْتٍ ما، فالقلب أمير البَدَن، فوجدوا فسيولوجيًّا أنه لا يمكن للقلب أن يستريح؛ لأنه لو ركَن إلىٰ الرَّاحة ولو دقائق، لمات الإنسان .
إذًا، متَىٰ وكيف تكون راحة القلب؟
هذه الراحة لا تتأتَّىٰ إلاَّ في الصيام؛ فإنَّ متوسِّط نبضات القلب في الدقيقة الواحدة 72 نبضة، هذه النبضات وجدوها فسيولوجيًّا أنها في الصيام تقِلُّ إلىٰ 60 نبضةً في الدقيقة الواحدة، فتَقِلُّ نبضات القلب في ثلاثين يومًا بنسبة 270 ألف نبضة، وهذا في حالة صيام الإنسان دون أيِّ أمراض، فهذه راحة كاملة للجهاز الهضمي؛ حيث إنَّ الإنسان في حالة الإفطار يعمل الجهاز الهضمي كثيرًا لهضم الطعام؛ نظرًا لأنَّ الإنسان يأكل ثلاث وجبات، فيحتاج ذلك إلىٰ ضخِّ الدم بصورة أكبر لنشاط الجسم، أما في حالة الصيام فلا يوجد طعام، فذلك راحة للقلب.
من ناحية أخرىٰ، فإنَّ السموم المتراكمة في الجسم نجد أنَّ الكبد هو المِصْفَاة لهذه السموم، هناك سمُوم تتراكم في الجسم من كمِّية المياه التي يَشربها علىٰ مدار حياته، ووُجِد علميًّا أنَّ كميَّة المياه التي يشربها الإنسان علىٰ مدار حياته يُوجَد بها 200 كيلو جرام من المعادن الثقيلة المُذَابة في المياه، إضافة إلىٰ السموم الموجودة في الهواء والطعام، والمولىٰ -سبحانه وتعالىٰ- خلَق لنا هذا الكَبِد، وجعل له وظائف عديدة:
1- عملية التَّخْزين: حيث إنَّ الإنسان الموظَّف - غالبًا - يبدأ يومه العاديَّ بوجبة الإفطار، ثم كوب شاي في العمل، ثم ( سندوتشات ) كذلك، وكل هذا فيه نشويَّات وسكَّريات، فالكبد هو بمثابة المَخْزن لهذه النشويات والسكريات .
2 - عملية تطهير الجسم من السموم: فعندما يكون الإنسان صائمًا، فإنَّ الكبد يكون في راحة تامَّة من عملِيَّة التخزين بنسبة 15 إلى 16ساعة في اليوم، فيقوم بعملية تطهير الجسم من كل السموم؛ يقول د. عبدالجواد الصاوي في كتابه " الصيام معجزة علميَّة " : " تستمرُّ عملية التنظيف وكأنَّ الإنسان يَخرج من هذا الشهر الكريم أنظف مما كان عليه " ، كذلك تحدث عملية تجديد في الخلايا؛ نتيجة راحة الجسْم، وتَظْهر هذه في البَشرة وفي صفَاء العينين وجمال الوجه .
هناك بعض الدراسات تؤكد أن الصوم يعالج ضغط الدم العالي، ويقول الأطباء: هنالك حالات كثيرة من الإصابة بضغط الدم المرتفع والمزمن حيث لا يعطي الدواء الكيميائي إلا نتائج محدودة، وهذا المرض يعالجه الصيام بشكل جيد.
« „ ٣ ” » عالج الحصيات والربو بالصيام
يفيد الصوم في الوقاية من مرض الحصىٰ الكلوية . وكذلك الحصيات بأنواعها، ومن الحالات الكثيرة التي يرويها الأطباء حالة لإنسان مريض قلب، فقد كان يعاني من وجود حصية كبيرة في المثانة، ولكن الأطباء لم يستطيعوا إجراء أي عملية بسبب أن قلبه لا يتحمل التخدير، إلا علىٰ مسؤوليته.. ولكنه رفض العملية الجراحية أيضاً وقرر أن يصوم فإذا به بعد عدة أشهر لم يعد يشكو من أي شيء، وهذه معلومات مؤكدة ويؤكدها جميع الباحثين اليوم.
تؤكد بعض الدراسات أن الصوم يعالج الربو، فالصوم وسيلة جيدة لعلاج الربو وأمراض الجهاز التنفسي. وكثير من الأمراض المزمنة للجهاز التنفسي تزول بمجرد المداومة علىٰ الصيام، فسبحان الله!
« „ ٤ ” » الصوم: سلاح يعمل في الخفاء
أكثر المواقع الطبية والعلاج الطبيعي تُؤكد علىٰ أن أفضل طريقة لعلاج الكثير من الأمراض هو الصوم، ويطلقون الصيحات والنداءات للناس لكي يعتمدوا هذه " التقنية "(!) الرخيصة وذات الفوائد الكثيرة. وتذكرتُ نعمة الله علينا نحن المسلمين عندما أمرنا بالصيام، بل وجعل الصوم عبادة خاصة له سبحانه هو يجزي بها.
وقد أكَّد أهمية هذه العبادة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما شبَّه الصوم بالترس الذي يحتمي به المقاتل فقال: (والصوم جُنَّة)؛ والجُنَّة هي الشيء الذي يحتمي الإنسان به من خطر ما أو من عدو ما.
والسؤال: ما هي الأخطار ومن هم الأعداء الذين يقف الصيام بيننا وبينهم؟
يقول العلماء إن أخطر شيء يهدد حياة الخلايا في الجسم هي السموم التي تتراكم داخل الخلايا وتعيق عملها وتقلل من نشاطها. هذه السموم تمكث لفترات طويلة في الجسم ولا يمكن إزالتها، وغالباً تكون هذه السموم مسؤولة عن الهرم المبكر لدى الإنسان.
« „ ٥ ” » تنشيط نظام المناعة بالصيام
من أهم الفوائد التي يقدمها الصيام أنه ينشط نظام المناعة للجسم، ونحن نعلم أن جهاز المناعة هو بمثابة الجنود التي تحرس الجسم وتهاجم الفيروسات والبكتريا الضارة وتدافع عن الجسم ضد أي جسم غريب يدخل إلىٰ الجسم. ولذلك فإن الصيام يقوي هذه " الجنود " ويزيد من نشاطها وكفاءتها، وبالتالي فهو يعمل كسلاح فعال يساعد الجسم علىٰ الدفاع عن نفسه .
« „ ٦ ” » التغذية الصحية والصوم ينشط الدماغ ويقي من الخرف
يقول البروفسور الألماني "هانزديتليف فاسمان" (قسم جراحة الأعصاب في مستشفىٰ مونستر الجامعي) إن التغذية الصحية أو الصوم من وقت لآخر يعد "منشطاً للمخ". ويؤكد أن تناول كميات محدودة من السعرات الحرارية أو الكثير من الأحماض الدهنية غير المشبعة كتلك الموجودة في السمك وبذور الكتان تمنع حدوث اضطرابات في وظائف المخ، كما تقلل من خطورة التعرض للخرف أو السكتة الدماغية.
وأوضح الطبيب الألماني أن التقارير التي تجرىٰ حول الحالة الصحية للمسنين واختبارات الذاكرة أظهرت أن الأطعمة التي تحتوي علىٰ كمية قليلة من السعرات الحرارية والأغذية الغنية بالحمض الدهني (أوميجا 3) تزيد من كفاءة توصيل الإشارات في المخ.
وأضاف أن النظام الغذائي الصحي يبقي القدرة علىٰ التعلم في الكبر مدة أطول، كما يقاوم التراجع في الأداء الوظيفي للمخ المرتبط بكبر السن. وعن دور الصوم في تحسين وظائف المخ، أشار"فاسمان" إلىٰ أن الأبحاث التي تجرىٰ في الدول الإسلامية التي يصوم مواطنوها شهر رمضان من الممكن أن تكشف عن فوائد الصيام للإنسان.
خلايا الدماغ العصبية هي الأكثر أهمية وحساسية بين خلايا الإنسان، ولذلك فإن الاهتمام بتغذيتها بشكل صحي هو أفضل طريقة لتجنب الكثير من الأمراض. ويؤكد العلماء أن الصوم يلعب دوراً كبيراً في تنشيط خلايا الدماغ وجعلها تعمل بكفاءة أكبر.
وهنا وينبغي التوقف لأتذكر تعاليم ديننا الحنيف التي سبقت علماء الغرب إلىٰ هذه النصائح الطبية! فالقرآن يؤكد علىٰ عدم الإسراف في الطعام والشراب، وهو ما يؤكده العلماء اليوم. يقول -تعالىٰ-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). فهذه الآية تكفي للوقاية من جميع الأمراض، لأن معظم الأمراض سببها الغذاء غير الصحي والدسم جداً!
كذلك نتذكر آية الصوم التي قال فيها -تبارك وتعالىٰ-: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). ونتذكر أن نبيّ الرحمة صلى الله عليه وسلم لم يكن يكتفي بصيام رمضان، بل كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويأمر بذلك، وقد ثبُت أن جسم الإنسان بحاجة "لاستراحة" من الطعام والشراب بين الحين والآخر. فهل نقتدي بهذا النبي الرحيم؟
« „ ٧ ” » تطوير المدارك.. من فوائد الصوم
هل حاولت عزيز(تــ)ـي القارئــ(ــة) أن تطور مداركك وأن تصبح أكثر إبداعاً؟
إنه الصوم!
أفضل وسيلة عملية لتنشيط خلايا الدماغ، وإعادة برمجتها وزيادة قدرتها علىٰ العمل والإبداع. وهذا يحسّن سيطرتك علىٰ نفسك وزيادة قوة إرادتك.
وهكذا لو تتبعنا القائمة الطويلة من الأمراض التي يعالجها الصيام نلاحظ أن هذه القائمة تزداد يوماً بعد يوم، وفي كل يوم يكشف الطب الحديث فائدة جديدة للصيام، وحين تُحصي الأمراض التي يعالجها الصوم تجد أن جميع الأمراض تقريباً يعمل الصيام كسلاح فعال علىٰ علاجها ومقاومتها والقضاء عليها:
- سلاح ضد الشيخوخة،
- سلاح ضد آلام المفاصل و
- أمراض ضغط الدم.. ومن هنا نستطيع أن نعمق فهمنا للحديث الشريف (والصوم جُنَّة) أي أن الصوم هو وقاية وستر وسلاح يقينا شر الأمراض في الدنيا، ويقينا حرَّ جهنم يوم القيامة.
« „ ٨ ” » أثبت الصيام قدرته على علاج آلام المفاصل
يُستخدم الصيام اليوم في الغرب (علىٰ طريقتهم) لمعالجة التهاب المفاصل وآلام الظهر بنجاح، فالصيام هو عملية تشبه "السحر" في قدرته علىٰ تنظيم عمل مختلف الأجهزة في الجسد، وعلاجه للأوجاع الناتجة عن انقراص الفقرات أو عن مشاكل في عظام الظهر أو الرقبة أو الرجلين.
إن الصوم مفيد جداً لمن يعاني من آلام أسفل الظهر أو العمود الفقري أو تنميل الأطراف، وهناك دراسات تؤكد أن الإقلال من الطعام والاعتماد علىٰ أغذية طبيعية يمكن أن يقي من هشاشة العظام في الكبر!
ونزيد فائدة أخرىٰ وهي تناول التمر أو العجوة خلال الإفطار وأثناء السحور. فقد أثبت التمر قدرته علىٰ علاج آلام الركبة والمفاصل وغيرها، وذلك لأنه يحوي "معلومات شفائية" تستطيع تنظيم عمل الخلايا ورفع مناعة الجسم وبالتالي التغلب علىٰ هذه الآلام.
« „ ٩ ” » عالج أمراض الجهاز الهضمي بالصيام
كم هو عدد الأشخاص المصابين بالإمساك المزمن وقد تناولوا الكثير من الأدوية دون أية فائدة!؟، ليتهم يجرّبون الصوم وسيجدون التحسُّن السريع لحالتهم بإذن الله -تعالىٰ-. وكذلك الأمراض المزمنة للجهاز الهضمي يمكن أن يجدوا في الصيام حلاًّ مؤكداً لشفائها. وكذلك التهاب الكولون والتهاب الأمعاء المزمن. ونجد الباحثين يؤكدون بأن 85 % من الأمراض تبدأ في الكولون غير النظيف والدم الملوث.. فــ الصوم ينظف الأمعاء والقولون والمعدة من المواد الضارة ويساعد الجهاز الهضمي علىٰ العمل بكفاءة أعلىٰ، ولذلك فإن المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء! وأفضل حمية يمكن للإنسان أن يتبعها هي الصوم!
« „ ١٠ ” » عالج الكولسترول الضار بالصيام
إن الصيام يساعد مرضىٰ الكولسترول على الشفاء. وقد يكون السبب الرئيسي في ذلك هو أن الصائم يتمتع بنفسية جيدة وحالة مستقرة تغيب فيها الانفعالات والاضطرابات، وتخيم عليه السكينة والطمأنينة، وهذا ما ينظم عمل أجهزة الجسم ويجعلها أكثر قدرة وكفاءة في علاج الخلل في عمل أجهزة الجسم مثل تنظيم إفراز الأنسولين وعلاج مرض السكري وتنظيم مستوياته وتخفيض نسبة الكولسترول الضار في الدم
هذه هي معجزات الله الطبِّية في الصيام، الذي يُعَدُّ بمثابة الوقاية السَّنوية لجسم الإنسان من كثير من الأمراض، فسبحان الله العظيم الذي أنعَم علينا بنعمة الصِّيام، ولكنَّنا لا نَشْكره علىٰ نِعَمه؛ ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾.

هناك فرضية عامة في العديد من البلدان الإسلامية مفادها : أن الصيام يؤثر علىٰ الأداء العام للجسم وخصوصا الأداء البدني؛ مما قاد الكثيرين إلىٰ تخفيض ساعات العمل أثناء صيام شهر رمضان.
لذا ينبغي التحقق من هذه الفرضية . حيث ثبت من خلال الدراسة أن الصيام الإسلامي ليس له أي تأثير سلبي علىٰ الأداء العضلي وتحمل المجهود البدني، ولا يؤدي إلىٰ مظاهر الإرهاق والإجهاد، بل العكس هو الصحيح لأن نتائج البحث أظهرت وجود تحسن -ذي قيمة إحصائية- في درجة تحمل المجهود البدني، وبالتالي كفاءة الأداء العضلي، وكذلك أداء القلب مع المجهود أثناء الصيام، كما ظهر تحسن بسيط في درجة الشعور بالإرهاق .
د. القاضي يقول :" إن صيام شهر رمضان فعل يقصد به عبادة الله -تعالىٰ- ولذا يتوقع منه حصول فوائد نفسية وروحية للصائمين، ولذلك فمن المحتمل أن الحالة النفسية الإيجابية يمكن أن ينتج عنها زيادة في بعض هرمونات الجسم الداخلية مثل: مجموعة الأندروفينات والتي يعزى إليها تحسن الأداء البدني وقلة الشعور بالإعياء والتعب.
كما تدعم بعض الأحداث التاريخية ما نذهب إليه.
أدلة تاريخية :
ولعلنا نتذكر أن معركة بدر الكبرىٰ كانت في السابع عشر من رمضان والمسلمون صائمون، وقد كان أداؤهم أثناء القتال متميزا، ونصرهم الله -تعالىٰ- نصرا عزيزا، مما يؤكد بالدليل الواقعي العملي قوة تحمل الأشخاص للجهد البدني والنفسي أثناء الصوم، وأمثال ذلك كثير.
وهكذا فليس من المصادفة أن موقعة بدر التاريخية - في عصر الإسلام الأول- ومعركة العاشر من رمضان والتي تحقق فيها عبور قناة السويس وتحطيم خطوط إسرائيل الدفاعية - في العصر الحاضر- أن تكونا وقعتا أثناء شهر الصيام، ومن المعروف أن الجنود الصائمين كان أداؤهم جيدا أثناء القتال، مما يؤكد قوة تحمل الأشخاص للمجهود البدني والنفسي أثناء الصيام. "
د. القاضي يقول :" أن نتائج دراستنا تقدم دليلا علميا جديدا لقول الله -تعالىٰ- : » وأن تصوموا خير لكم « ولمعنىٰ حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ « صوموا تصحوا » (1) "
« „ ١١ ” » اضطرابات الساعة البيولوجية:
وثمة خطأ يقع فيه كثير من الناس، إذ ينامون كثيرا أثناء النهار ويسهرون طوال الليل أثناء رمضان، ما يؤدي إلىٰ اضطراب الساعة البيولوجية للحركة والنشاط المرتبطة بإفراز هرمونات معينة تساعد علىٰ النشاط نهارا (مثل الكورتيزون) والنوم ليلاً (مثل هرمون الميلاتونين)، وليس هذا من أهداف الصوم وينبغي تجنبه.

« „ ١٢ ” » هل لديك وزن زائد... الفرصة أمامك
الصوم أفضل وسيلة لمعالجة السمنة
تبين مما سبق ومن دراسات كثيرة أن الصيام الذي يتبعه إفطار معتدل متوازن يساعد علىٰ خفض الوزن لدىٰ المصابين بالسمنة، ولكنه لا يؤثر في الأشخاص ذوي الوزن المعتدل، والدراسات العلمية تؤكد أن السمنة ذات آثار ضارة علىٰ الصحة فهي تسبب أمراضا كثيرة كارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول والإصابة بمرض السكري (النوع الثاني)، وتشجع علىٰ الإصابة بأمراض القلب والأوعية.
فنسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم عند البدينين ثلاثة أضعاف نظرائهم من ذوي الوزن المثالي، علما بأن الضغط يؤدي إلىٰ الاصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين وفشل عضلة القلب، والخثرات في الدماغ (الذي يتبعه الشلل) وغير ذلك، كما أن ارتفاع نسبة الكوليسترول تؤدي إلىٰ تصلب الشرايين والذبحة الصدرية، وكذلك فإن زيادة الوزن تؤدي إلىٰ الاصابة بمرض السكري بمقدار ضعفين إلىٰ عشرة أضعاف مقارنة بذوي الوزن المثالي، وتتوقف نسبة هذه الزيادة علىٰ مقدار الزيادة في الوزن.
ولمرض السكري تأثيرات خطرة تتمثل في أمراض القلب والأوعية واعتلال شبكية العين والفشل الكلوي واعتلال الأعصاب..
هكذا يؤكد جميع أطباء الدنيا، فالامتناع عن الطعام هو أسهل وأرخص وسيلة لعلاج البدانة، وهذا ما يحققه لك الصيام. ولذلك فإن الله -تعالىٰ- منحك هدية لا يعرف قيمتها إلا من أدرك فوائدها، إنها شهر رمضان، فهذا الشهر فرصة لضبط إيقاع جسدك والقضاء علىٰ كمية الدهون الفائضة وإعطاء فرصة لتنظيم عمل الهرمونات وخلايا الدم لتقوم بعملها في إعادة تنظيم عمل أنظمة الجسم، وعلاج الوزن الزائد.
حالما يبدأ الإنسان بالصيام تبدأ الخلايا الضعيفة والمريضة أو المتضررة في الجسم لتكون غذاءً لهذا الجسم حسب قاعدة: الأضعف سيكون غذاءً للأقوى، وسوف يمارس الجسم عملية الهضم الآلي للمواد المخزنة علىٰ شكل شحوم ضارة، وسوف يبدأ "بانتهام" النفايات السامة والأنسجة المتضررة ويزيل هذه السموم. ويؤكد الباحثون أن هذه العملية تكون في أعلىٰ مستوياتها في حالة الصيام الكامل، أي الصيام عن الطعام والشراب، وبكلمة أخرىٰ الصيام الإسلامي، فتأمل عظمة الصيام الذي فرضه الله علينا والفائدة التي يقدمها لنا.
هنالك أكثر من 60% من الشعب الأمريكي زائد الوزن عن الحدود الطبيعية! وهؤلاء كلّفوا الدولة 117 بليون دولار في سنة واحدة عام 2002. بالإضافة إلىٰ 300 ألف وفاة سنوياً بسبب مشاكل الوزن الزائد الذي يكون بدوره سبباً رئيسياً في مرض السكر وأمراض القلب والتهاب المفاصل ومشاكل في الجهاز التنفسي والاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، وجميع هذه الأمراض الخطيرة ترتبط بالبدانة بشكل مباشر.
وليس غريباً أن يكون الصيام سلاحاً ناجعاً ضد السمنة وما ينتج عنها من أمراض، ولو أنهم طبقوا القواعد الإسلامية في الصوم، فكم سيوفّروا من المال والمرض والمعاناة؟
« „ ١٣ ” » هل لديك مرض مزمن عجز عنه الطبيب والدواء؟
هناك دراسات كثيرة تؤكد أن الصوم يعالج الأمراض المزمنة، والمرض المزمن هو الذي لم ينفع معه أي دواء فيبقىٰ مدة طويلة من الزمن.. الآن هذه فرصة ذهبية لعلاج هذا المرض مهما كان. فأمراض الكبد والكلىٰ والقولون.. وغير ذلك من الأمراض المستعصية، وجد العلماء علاجاً ناجعاً لها، إنه الصوم!
وعندما تدرك أخــ(ــتــ)ـي المؤمنــ(ــة) أهمية الصيام في علاج مثل هذه الأمراض، فإنك بلا شك تصبح أكثر اشتياقاً لهذا الشهر بل وتشعر بالسعادة والفرح والسرور أثناء ممارستك للصيام، لأنك ستجني فوائد عديدة.
« „ ١٤ ” » الأثر الشفائي للصوم
قام العلماء بدراسة الأثر الشفائي للصوم وخرجوا بنتائج يقينية وهي أن الصوم هو أفضل وسيلة لمعالجة السموم المتراكمة في الخلايا! فالصوم له تأثيرات مدهشة، فهو يعمل علىٰ صيانة خلايا الجسم، ويعتبر الصيام أنجع وسيلة للقضاء علىٰ مختلف الأمراض والفيروسات والبكتريا، وربما نعجب إذا علمنا أن في دول الغرب مراكز متخصصة تعالج بالصيام فقط!! وتجد في هذه المراكز كثير من الحالات التي استعصت علىٰ الطب الحديث، ولكن بمجرد أن مارست الصيام تم الشفاء خلال زمن قياسي! ولذلك أمرنا الله بالصيام فقال: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
« „ ١٥ ” » وأن تصوموا خير لكم
يقول -تعالىٰ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). والله -تعالىٰ- لا يكتب شيئاً علىٰ عباده إلا إذا كان فيه مصلحة ومنفعة لهم. ولذلك فقد عُرف الصيام منذ آلاف السنين قبل الإسلام عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير من الأمراض، وأن الصوم هو الطريق الطبيعي للشفاء من الأمراض! والعجيب يا أهل الإسلام أن علماء الغرب (وبعضهم ملحدون) بدأوا اليوم ينادون بالصيام كوسيلة علاجية فعالة لكثير من الأمراض.. ونتائج أبحاثهم قام بها علماء متخصصون يؤكدون أن الصوم يعالج عشرات الأمراض!!
« „ ١٦ ” » اكسب مزيداً من الطاقة بالصيام
يؤكد الباحثون اليوم أن مستوىٰ الطاقة عند الصائم يرتفع للحدود القصوىٰ!!! فعند الصوم فإن تغيرات كثيرة تحصل داخل جسدك من دون أن تشعر، فهنالك قيود كثيرة تُفرض علىٰ الشياطين، فلا تقدر علىٰ الوسوسة والتأثير عليك كما في الأيام العادية، وهذا ما يرفع من مستوىٰ الطاقة لديك لأنك قد تخلصت من مصدر للتوتر وتبديد الطاقة الفعالة سببه الشيطان. إن أكثر من عُشر طاقة الجسم تُستهلك في عمليات مضغ وهضم الأطعمة والأشربة التي نتناولها، وهذه الكمية من الطاقة تزداد مع زيادة الكميات المستهلكة من الطعام والشراب، في حالة الصيام سيتم توفير هذه الطاقة طبعاً ويشعر الإنسان بالارتياح والرشاقة. وسيتم استخدام هذه الطاقة في عمليات إزالة السموم من الجسم وتطهيره من الفضلات السامة.
إن للجسم مستويات محددة من الطاقة بشكل دائم، فعندما توفر جزءاً كبيراً من الطاقة بسبب الصيام والامتناع عن الطعام والشراب، وتوفر قسماً آخر بسبب النقاء والخشوع الذي يخيم عليك بسبب هذا الشهر الفضيل، وتوفر طاقة كبيرة بسبب الاستقرار الكبير بسبب التأثير النفسي للصيام، فإن هذا يعني أن الطاقة الفعالة لديك ستكون في قمتها أثناء الصيام، وتستطيع أن تحفظ القرآن مثلاً بسهولة أكبر، أو تستطيع أن تترك عادة سيئة مثلاً لأن الطاقة المتوافرة لديك تؤمن لك الإرادة الكافية لذلك.
نسألُ الله العظيم أن يعيننا علىٰ الصيام والقيام ليس في رمضان فقط بل طيلة أشهر السنة. كما نسأله-تعالىٰ- أن يُعِيد علينا رمضان أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة؛ إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه..
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(*) عنوان : كتاب للدكتور عبدالجواد الصاوي .
(1) تحدثت عن تخريجه في الجزء الثالث .
‏الأربعاء‏، 12‏ رمضان‏، 1443هــ ~ ‏ 13‏ ابريل‏، 2022م
(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)

**









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 18 / 04 / 2022, 44 : 05 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 207
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 54443
عدد المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.55 يوميا
عدد المواضيع : 49
عدد الردود : 1239
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
سورة التعليم
نزل صدرها في غار حراء بـ مكة المكرمة يوم الجمعة في 17 من رمضان سنة 41 ~ أو 27 رمضان سنة 41 من ميلاده -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
تَمْهِيدٌ :
.. أمةٌ تميزت بين كل الشعوب منذ نشأتها.. وتباينت منذ مولدها عن بقية الأمم.. وعلت بين القبائل وسمت أن ربها أوحىٰ لها؛ وأن خالق البشر أجمعين خصها لحظة إيجادها بأنها أمة اقرأ.. تلك الأمة لجدير بها وأحرىٰ أن تتموضع مكانها السامي بالعلم وتتوشح رداء المعرفة بين بقية الخلق وتتمجلس على قمة العلوم الإنسانية إذ أن الأمر الأول والفرض الأول والتكليف الأول الذي نزل ممن رفع السموات بغير عمد نراها وأرسىٰ في الأرض رواسي أن تميد بكم جميعاً.. نصَّ منذ بداية الوحي الأول الذي نزل بواسطة أمين السماء جبريل علىٰ قلب أمين السماء والأرض محمد-عليهما السلام-.. والكلمة الأولىٰ التي سمعها خاتم الأنبياء وآخر الأنبياء ومتمم المرسلين والأصفياء ومَن ثم مَن تبعه كانت أول خمس آيات مِن سورة العلق.. والعقلاء الفصحاء النبهاء الأذكياء مِن أمة اقرأ يحتاجون إلىٰ إعادة النظر في أحوالهم المعيشية فيما بينهم وفيما بينهم وبين غيرهم؛ وما ألمَ بهم واصابهم، وإعادة فحص هذا التراجع الظاهر الشنيع في كافة مظاهر الحياة والتخلف في شتىٰ نواحِ العلم والتقدم العلمي.. إذ أن الخطوة الأولىٰ في علاج المرض -إذا تحسسناه وعلمنا بوجوده من خلال أعراضه المصاحبة له وما يظهر على البدن- هي تشخيص الحالة؛ ولعل مدرسة الطب الألمانية تعتبر أفضل مِن غيرها من مدارس العلاج؛ إذ تبدء بفحوصات عدة متنوعة مما يخرج من البدن وما بداخله من أجهزة للوصول لسبب الداء كي يحسن معالجته واستحضار الدواء؛ وتسعىٰ -تلك المدرسة- في البداية لتخفيف الألم بمسكنات؛ ومَن يُعالج وفق هذه الطريقة؛ ونوع المرض يجهله أو يشك فيه يلاحظ هذه الكيفية في الفحوصات والتحاليل..

وأمةُ محمدٍ.. أمةُ القرآن.. أمةُ السنَّة المطهرة النبوية.. أمةُ الإسلام.. هي أمة العلم المبني علىٰ القراءة التفصيلية الفهمية الإدراكية العلمية الاستيعابية سواء لنصوص الوحي -القرآني والنبوي- وهذا هو الكتاب الأول؛ الذي هو محفوظ في الصدور.. أو استنباطاً من نص القرآن الكريم وسنة النبي الكريم، وأما الكتاب الثاني فهو الذي في الحياة والكون والإنسان منشور..

تقديم بين يدي سورة العلق
*.] تُسمّىٰ :
1.] سورة التعليم؛
وأيضا:
2.] سورة اقرأ؛
و
3.] سورة القلم..
*.] وهي مكّيّة بإجماع.
*.] وهي أول ما نزل من القرآن.
فــ
*.] هي أول ما نزل مِن كتاب الله -تعالىٰ-، نزل صدرها في غار حراء حسبما ثبت في صحيح البخاري وغيره[(1)]،
*.] وقيل: إنما أنزل عليه في أول الوحي خمس آيات منها، ثم نزل باقيها في أبي جهل.

( مبتدأ التنزيل والفرض علىٰ النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- )
*.] أثبت ابن عطية في تفسيره؛ وآكد الإمام الشافعي-رحمه الله تعالى- في كتابه الأم؛ حيث قال :" مبتدأ التنزيل والفرض علىٰ النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلىٰ الناس: قال الشَّافِعِي رحمه الله: ويقال - واللَّه تعالى أعلم -: إن أول ما أنزل اللَّه - عز وجل - علىٰ رسوله - صلى الله عليه وسلم - (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) الآية.
*.] وبناءً علىٰ قول الشافعي فقد احتاط البغوي في تفسيره فقال :" سُورَةُ الْعَلَقِ مَكِّيَّةٌ.. وأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ[(2)]: عَلَىٰ أَنَّ هَذِهِ أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ: مَا لَمْ يَعْلَمْ.
*. ] بيد ان السمرقندي ذهب إلى القول وكأنه جزم:" فــ قوله -تبارك وتعالى-: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ يقول: اقرأ القرآن بأمر ربك، وهذه أول سورة نزلت من القرآن، وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، لما بلغ أربعين سنة، كان يسمع صوتاً يناديه يا محمد، ولا يرىٰ شخصه، وكان يخشىٰ علىٰ نفسه الجنون(لغرابة ما يسمع)، حتىٰ رأىٰ جبريل -عليه السلام- يوماً في صورته، فغشي عليه، فحمل إلىٰ بيت خديجة. فقالوا لها تزوجت مجنوناً(لدهشتهم لما يجري)، فلما أفاق أخبر بذلك خديجة، فجاءت إلىٰ ورقة بن نوفل، وكان يقرأ الإنجيل ويفسره. ثم جاءت إلىٰ عداس، وكان راهباً، فقال لها: إن له نبأ وشأناً، يظهر أمره.
فخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلم يوماً إلىٰ الوادي، فجاء جبريل- عليه السلام- بهذه السورة، وأمره بأن يتوضأ ويصلي ركعتين، فلما رجع أعلم بذلك خديجة، وعلمها الصلاة وذلك قوله: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم: 6] يعني: علموهم وأدبوهم "..

( أول ما نزل من القرآن في مكَة )
أ.): رواية من طريق ابن عباس".
*. ] أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن بِمَكَّة {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} "..
*. ] (رواية ابن عباس الثانية) :
:" وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول سُورَة نزلت علىٰ مُحَمَّد {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} .
*. ] ثم يوضح ابن عباس ما قصده فيقول :
*. ) :" وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول شَيْء أنزل من الْقُرْآن خمس آيَات {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَىٰ قَوْله: {مَا لم يعلم}.
*.] ب.) :" رواية عائشة الأولىٰ ".
:" وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} .
ج. ) ( رواية عائشة الثانية )
(وَالْخَبَر طَوِيل مَذْكُور فِي الصَّحِيحَيْنِ. )
:" وَأخرج عبدالرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ (ابن عطية/ الوجيز ): (في صحيح البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها ) ؛ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَنَّهَا قَالَت: أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْخَلَاء وَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّد اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد قبل أَن ينْزع إِلَى أَهله ويتزود لذَلِك ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثلهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحق وَهُوَ فِي غَار حراء فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ {اقْرَأ} قَالَ: قلت: مَا أَنا بقارئ
قَالَ: فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ فَقلت: مَا أَنا بقارئ
قَالَ: فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ فَقلت: مَا أَنا بقارئ فأخذني فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الإِنسان من علق اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم} الْآيَة فَرجع بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرجف فُؤَاده فَدخل على خَدِيجَة بنت خويلد فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي
فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع فَقَالَ لِخَدِيجَة وأخبرها الْخَبَر: لقد خشيت على نَفسِي فَقَالَت خَدِيجَة: كلا وَالله مَا يخزيك الله أبدا إِنَّك لتصل الرَّحِم وَتحمل الْكل وتكسب الْمَعْدُوم وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق فَانْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبدالْعُزَّى - ابْن عَم خَدِيجَة - وَكَانَ امْرأ قد تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب العبراني فَيكْتب من الإِنجيل بالعبرانية مَا شَاءَ الله أَن يكْتب وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: يَا ابْن عَم اسْمَع من ابْن أَخِيك فَقَالَ لَهُ روقة: يَا ابْن أخي مَاذَا ترى فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبر مَا رأى فَقَالَ لَهُ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي أنزل الله على مُوسَى يَا لَيْتَني أكون فِيهَا جذعاً يَا لَيْتَني أكون فِيهَا حَيا إِذا يخْرجك قَوْمك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو مخرجي هم قَالَ: نعم لم يَأْتِ رجل قطّ بِمثل مَا جِئْت بِهِ إِلَّا عودي وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزراً ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي وفتر الْوَحْي ".
( أول سُورَة أنزلت على محمد )
[ 2 ] :" وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: كَانَت {اقْرَأ باسم رَبك} أول سُورَة أنزلت على مُحَمَّد *. ] .
*. ] عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ , يَقُولُ: " أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
*. ] ( )
:" وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك} ثمَّ (ن والقلم) ".
*. ] ( مكان ويوم نزول الآيات ).
(قد نزلت في غار حراء بـ مكة يوم الجمعة في 17 رمضان سنة 41 أو 27 رمضان سنة 41 من ميلاده صلّى الله عليه وسلم )
( صدر سورة العلق نزل يوم حراء )
أ.) يكمل ابن الأثير :" وَصَدْرُهَا أَوَّلُ مَا نَزَلْ مِنْ الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ فِي غَارِ حِرَاءَ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ..
*. ] ب.):" وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب: حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر المَخْزُومِي أَنه سمع بعض عُلَمَائهمْ يَقُول: كَانَ أول مَا أنزل الله علىٰ نبيه {اقْرَأ باسم رَبك} إِلَىٰ {مَا لم يعلم} فَقَالُوا: هَذَا صدرها الَّذِي أنزل يَوْم حراء ثمَّ أنزل الله آخرهَا بعد ذَلِك مَا شَاءَ الله.
*. ] إذاً سُورَةُ " الْعَلَقِ" وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِ أَبِي مُوسَىٰ وَعَائِشَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ... فـ عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن أول سُورَة أنزلت من الْقُرْآن، سُورَة اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي ... "
*. ] ( كيف نزلت )
:" وَأخرج عبدالرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ وَعَمْرو بن دِينَار ؛ طريق آخر للسند : وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق عَمْرو بن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بحراء إِذا أَتَاهُ ملك بنمط من ديباج فِيهِ مَكْتُوب {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى {مَا لم يعلم}.
*. ] وعند الماوردي :" قوله: {اقرأ باسْمِ ربِّك الذي خَلَقَ} روي عن عبيد بن عمير قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما أتاه بنمط فغطّه فقال: اقرأ ؛ فقال: والله ما أنا بقارىء ؛ فغطّه ثم قال: اقرأ ؛ فقال: والله ما أنا بقارىء فغطّه غطاً شديداً ثم قال: {اقرأ باسم ربك الذي خَلَقَ} أي استفتح قراءتك باسم ربك الذي خلق
وإنما قال الذي خلق لأن قريشاً كانت تعبد آلهة ليس فيهم خالق غيره تعالى ؛ فميّز نفسه بذلك ليزول عنه الالتباس. ".
*.] وعند عبدالرزاق:" عَنْ مَعْمَرٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , وَالزُّهْرِيُّ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ بِحِرَاءٍ إِذْ أَتَاهُ مَلَكٌ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] إِلَى قَوْلِهِ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5].
*. ] :" وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أعز الإِسلام بعمر بن الْخطاب وَقد ضرب أُخْته أول اللَّيْل هِيَ تقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى ظن أَنه قَتلهَا ثمَّ قَامَ من السحر فَسمع صَوتهَا تقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} فَقَالَ: وَالله مَا هَذَا بِشعر وَلَا همهمة
فَذهب حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ بِلَالًا على الْبَاب فَدفع الْبَاب
فَقَالَ بِلَال: من هَذَا فَقَالَ عمر بن الْخطاب: فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْذن لَك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ بِلَال: يَا رَسُول الله عمر بِالْبَابِ
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن يرد الله بعمر خيرا أدخلهُ فِي الدّين
فَقَالَ لِبلَال: افْتَحْ وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضبعيه فهزه فَقَالَ: مَا الَّذِي تُرِيدُ وَمَا الَّذِي جِئْت لَهُ فَقَالَ لَهُ عمر: اعْرِض عليّ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ
قَالَ: تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَأسلم عمر مَكَانَهُ وَقَالَ: اخْرُج "..
(معنى الآية ) :
*.] قال تعالى: «اقْرَأْ» يا محمد ما أوحيته إليك على لسان رسولي جبريل من القرآن الذي أردنا إنزاله عليك لتتلوه على أمتك، مبتدأ «بِاسْمِ رَبِّكَ» الذي رباك وأنعم عليك به واختارك لإرشاد عباده، و
هذا أول أمر أمره به ربه بأن يذكر اسمه تيمّنا به ثم يقرأ ما يوحيه إليه تأدبا لحضرته الكريمة وتعريفا لعنوان الربوبية المنبئة عن حال التربية والتبليغ إلى الكمال اللائق به شيئا فشيئا، و
بإضافة الضمير إليه تعالى اشعار بتبليغه عليه السلام الغاية القصوى من الكمالات البشرية بإنزال هذا القرآن عليه، ثم
وصف ذاته جلت وعظمت بقوله «الَّذِي خَلَقَ 1» كل شيء وبدأ خلقه من لا شيء وصور جميع خلقه على غير مثال سابق بـ
اسمه البديع الذي «خَلَقَ الْإِنْسانَ» الذي هو أشرف المخلوقات وأبدع المصنوعات الذي منه تقتبس المكونات البشرية وبه تقوم المكونات الإلهية، قال علي كرّم الله وجهه:
دواؤك فيك ولا تشعر .*. وداؤك منك ولا تبصر
وتزعم أنك جرم صغير .*. وفيك انطوى العالم الأكبر.
*. ] ومعنى هذه الآية، اقْرَأْ هذا القرآن بِاسْمِ رَبِّكَ، أي ابدأ فعلك بذكر اسم ربك، كما قال: ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ [هود: 41] هذا وجه.
ووجه آخر في كتاب الثعلبي أن المعنى: اقْرَأْ في أول كل سورة، وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم ووجه آخر أن يكون المقروء الذي أمر بقراءته هو بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، كأنه قال له: اقْرَأْ هذا اللفظ، ولما ذكر الرب وكانت العرب في الجاهلية تسمي الأصنام أربابا جاءه بالصفة التي لا شركة للأصنام فيها، وهي قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ، ثم مثل لهم من المخلوقات ما لا مدافعة فيه، وما يجده كل مفطور في نفسه، فقال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ،
وخلقة الإنسان من أعظم العبر حتى أنه ليس في المخلوقات التي لدينا أكثر عبرا منه في عقله وإدراكه ورباطات بدنه وعظامه.
*. ] قَالَ أَبُوعُبَيْدَةَ مَجَازُهُ: اقْرَأِ اسْمَ رَبِّكَ يَعْنِي أَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى: اذْكُرِ اسْمَهُ، أُمِرَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقِرَاءَةَ بِاسْمِ اللَّهِ تَأْدِيبًا، الَّذِي خَلَقَ قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْخَلَائِقَ ثُمَّ فَسَّرَهُ فقال:
[سورة العلق (96) : الآيات 2 الى 10]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) ".
:" فذلك قوله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ يعني: اقرأ بعون الله ووحيه إليك، ويقال معناه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ كقوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ يعني: اذكر ربك الذي خلق الخلائق. ".
:" وَقَوله: {باسم رَبك} أَي: اقْرَأ مفتتحا باسم رَبك، وَقيل: اقْرَأ اسْم رَبك، وَالْبَاء زَائِدَة، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(هن الْحَرَائِر لأرباب أخمرة ... سود المحاجر لَا يقْرَأن بالسور)
أَي: السُّور، وَالْبَاء زَائِدَة.
وَقيل: اقْرَأ على اسْم رَبك، كَمَا يُقَال: سر باسم الله أَي: على اسْم الله، وَالْقَوْلَان الْأَوَّلَانِ هما المعروفان. " .
:" (1) معظم مقصود السورة:
ابتداء فى جميع الأمور باسم الخالق الرب- تعالى- جلت عظمته، والمنَّة علىٰ الخلق بتعليم الكتابة، والحكمة، .. وأمور آخرى"..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[(1)] روي من طريق جابر بن عبدالله أن أول ما نزل: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر: 1] .
وقال أبوميسرة عمرو بن شرحبيل: أول ما نزل فاتحة الكتاب، والقول الأول أصح، والترتيب في أخبار النبي-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يقتضي ذلك.
[(2)] وعند السمعاني :" سورة : مَكِّيَّة ؛فـ قَوْله تَعَالَى: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق}(1) أَكثر أهل الْعلم [أَن] هَذِه السُّورَة أول سُورَة أنزلت من الْقُرْآن، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَليّ، وَابْن عَبَّاس، وَعَائِشَة، وَابْن الزبير. ".
- وعند القرطبي :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) هَذِهِ السُّورَةُ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، فِي قَوْلِ مُعْظَمِ الْمُفَسِّرِينَ. نَزَلَ بِهَا جِبْرِيلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى حِرَاءَ، فَعَلَّمَهُ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ. ".
- وعند النيسابوري :" أن أكثر المفسرين زعموا أن هذه السورة أول ما نزل من السماء . ".
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
(د .الْفَخْرُ؛ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ؛ ثم الْمِصْرِيُّ مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ)
‏الإثنين‏، 17‏ رمضان‏، 1443هــ ~ 18‏ أبريل‏، 2022م









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018